مواجهة الفساد ملف يتصدر أجندة أعمال الحكومة وهيئة الرقابة الإدارية، وتهتم الحكومة بهذا الملف باعتباره ملف حساس تسبب فى معاناة الشعب المصري لفترات طويلة، ويعتبر القضاء عليه أحد أهم أولويات الرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة المصرية.
ومن أبرز صور الفساد فى المحليات ظاهرة وضع اليد على الأراضي وتخصيص أراضى لبعض رجال الأعمال دون سند قانوني والتعدى على الأراضى الزراعية والبناء المخالف عليها وزيادة طوابق العقارات مخالفة للمواصفات الفنية والهندسية قد يؤدى إلى كارثة انهيار العقارات.
وشهدت الآونة الآخيرة نجاح هيئة الرقابة الإدارية فى كشف العديد من قضايا الفساد الذى تورط فيها مسؤولين من الصف الثاني فى المحافظات والمحليات وبعض الوزارات، ومن أبرز القضايا بداية 2018 إلقاء القبض على محافظ المنوفية هشام عبد الباسط، بتهمة التورط فى تخصيص قطعة أرض لرجلي أعمال دون مبرر قانوني.
وأعلنت هيئة الرقابة الإدارية، أنه تم كشف العديد من قضايا الفساد، حيث تم القبض على مهندس بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بمحافظة البحيرة لطلبه وتقاضيه 230 ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل تقنين وضع يد أحد المواطنين على مساحة 5 آلاف فدان بمدينة وادي النطرون تبلغ قيمتهم حوالي 400 مليون جنيه وبعرضه على النيابة قررت حبسه، والقبض على مسئول بمديرية الإصلاح الزراعي بمركز كفر صقر بمحافظة الشرقية متلبسا بتقاضي مبالغ مالية على سبيل الرشوة نظير التغاضى عن تحرير محاضر مخالفات ضد بعض المواطنين لتبوير الأراضى الزراعية وبتفتيشه عثر بحوزته على حصيلة ما تقاضاه من رشاوى وبعرضه علي النيابة أمرت بحبسه.
وفي الإسكندرية، ألقى القبض على تشكيل عصابي مكون من مديرة إدارة الإسكان المركزي بالمحافظة، وباحث ثاني خدمة المواطنين بذات الإدارة ومدير إدارة الإسكان المركزى بحي العامرية أول، ومدير إدارة الإسكان السابق بالحي، وسمسار عقارات؛ لقيامهم بالاستيلاء لأنفسهم، وبتسهيل استيلاء آخرين على 16 وحدة سكنية قيمتهم حوالي 1،2 مليون جنيه من وحدات الإسكان الاجتماعي للمحافظة بمنطقة العامرية، عن طريق اصطناع محررات مزورة تفيد موافقة المحافظ على تخصيص تلك الوحدات، وذلك مقابل حصولهم على مبالغ مالية على سبيل الرشوة.
وبعرضهم على النيابة العامة، قررت حبسهم على ذمه التحقيقات، وتستمر جهود الرقابة الإدارية فى توجيهه ضرباتها للفاسدين وتطهير الوطن منهم.
وتبذل الحكومة ومجلس النواب جهودا كبيرة فى الإطار التشريعى للوصول إلى نتائج وقوانين منظمة وملزمة تحفظ حقوق الدولة والمواطنين على حد سواء بالنسبة لمخالفات البناء والتعدى على الاراضى الزراعية.
وأنهت الحكومة بشكل رسمي مشروع قانون التصالح فى مخالفات البناء والتعدى على الأراضي، وأرسلته لمجلس النواب لمناقشته الأسبوع المقبل، ومن المتوقع صدوره خلال دورة الانعقاد الحالى.
ويرسم هذا القانون عقب صدوره طريق الحلول القانونية والقضاء على الأزمات والقضايا الناتجة من مخالفات البناء بين المواطنين والدولة وسيكون قوة قانونية رادعة أمام المخالفين والفاسدين.
واعتبر النائب محمد الفيومي، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، الدور التشريعي لمجلس النواب واللجنة المحلية أداة هامة من أداوت محاربة الفساد، موضحا أنه كلما كانت التشريعات بسيطة وشفافة تكون نسبة الفساد قليلة، وكلما كانت معقدة تصبح النسبة كبيرة.
وأضاف الفيومي في تصريحات لـ"أهل مصر"، أن اللجنة المحلية تعمل على أن تخرج القوانين بصورة بسيطة وواضحة وغير معقدة للحد من الفساد، مشيرا إلى إنه عندما يريد المواطن إصدار رخصة للبناء، وتكون الاجراءات القانونية معقدة وصعبة سيضطر إلى دفع رشوة لموظفين الصف الثانى لتسهيل إجراءات إصدار الرخصة.
وأشار إلى إن غياب المجالس الشعبية بالمحافظات كان له أثر سلبي طوال الفترة الماضية، لأنها كانت أداة فعالة لمراقبة أداء المسؤولين والتصدي للفساد بكل قوة، مؤكدا في الوقت ذاته أن قانون الإدارة المحلية سيصدر نهاية دورة الانعقاد الحالي للمجلس.
وقال الدكتور سيد قاسم، خبير العشوائيات، ورئيس قسم الجغرافيا، ونظم المعلومات الجغرافية بجامعة أسيوط، إن هناك عدة عوامل لانتشار الفساد منها الكوادر الإدارية الذى تتولى المناصب وهم غير ذوى خبرة أو دراية عن طبيعة العمل المكلفين به، مشيرا إلى إنه لا يمكن أن يتولى مهندس مدني منصب رئيس لوحدة محلية كل مقوماتها الزراعة، متسائلا: كيف يمكن أن يصلح ومؤهلاته وخبرته وضعت فى غير موضعها.
وأكد قاسم فى تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" أن القضاء على فساد المحليات لا يحتاج إلى سن تشريعات جديدة بقدر ما يحتاج إلى تطبيق فعلي للقوانين القائمة للوصول إلى إصلاح الأوضاع فى المحليات.
وطالب خبير العشوائيات، بتفعيل سرعة إجراءات التقاضى وتنفيذ العقوبات على المخالفين خاصة فى قضايا التعدى على الأراضى الزراعية ووضع عقوبات رادعة أمام المخالفين لوقف تلك التعديات.
وأضاف أن الدولة بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو أصبح كيانها رخو، وفى حالة انفلات أمني أدى إلى غياب القانون ما جعل نسبة مرتفعة بهذا الحجم المتواجد خلال هذه الفترة.
وأكد قاسم، أنه يتعين أن يكون رؤساء المدن والنائبين لهم يحملون مؤهلات علمية مختلفة وأفكار مختلفة للخروج بنتائج ناجحة، مشيرا إلى إنه يجب أن يكون التعيين فى المناصب المحلية، وخاصة المناصب القيادية للمحافظين ونوابهم ولرؤساء المدن المختلفة والوحدات المحلية عن طريق الانتخاب فى بعض المحافظات من باب التجربة وإذا نجحوا فى ممارسة مهام وظيفتهم يتم تعميم نظام الانتخاب بالنسبة للوظائف المحلية على مستوى الجمهورية.