نظم مجلس محمد خلف في منطقة الكرامة بأبوظبي، محاضرة تحت عنوان "صوت المرأة الشعري في الأغنية الإماراتية"، ألقاها الكاتب والباحث مؤيد الشيباني.
وشهدت المحاضرة حضور كل من الشيخ ذياب بن خليفة بن حمدان آل نهيان، والسيد عيسى المزروعي، نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، إلى جانب عدد من أهالي المنطقة ورواد المجلس من المثقفين والكتاب والشعراء والإعلاميين.
وأكد الباحث مؤيد الشيباني، خلال المحاضرة، أن الساحة الإماراتية تعتبر الأولى عربياُ في مجال شعر المرأة المغنّى على مدى أكثر من نصف قرن، ولقد كان ذلك ظاهراً بشكل واضح من خلال عشرات الشاعرات الإماراتيات اللواتي ظهرن على مر العصور، واللواتي ما زال الجميع يسمع قصائدهن ويشهد حضورهن المتزايد على الساحة الشعرية الخليجية والعربية، موضحاً أنه لم يسجل أن هناك ساحة فنية عربية تعرف أصواتاً شعرية نسائية مثلما عرفتها الساحة الفنية الإماراتية، فمنذ بدأت نشأة الأغنية المصرية في أوائل القرن العشرين، ومن ثم الأغنية اللبنانية، وكذلك العراقية وغيرها من التجارب العربية المماثلة في اليمن وسوريا والكويت ودول المغرب العربي وحتى يومنا هذا لم يسجل الأرشيف الغنائي العربي حضوراً شعرياً نسائياً في الأغنية بقدر ما سجل في الإمارات كمّاً ونوعاً.
وأشار إلى أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كان له الدور الأكبر والأبرز في جميع مَفاصيل ومراحل وعناصر البناء الفني الثقافي وسعى جاهداً إلى دعمه وتشجيعه ليصل إلى ما وصل إليه اليوم من تقدم وإزدهار، ولقد كان سموه يبحث عن الشعر الإماراتي القديم ويكتب القصيدة الجديدة ويشجع الفنانين والشعراء والشاعرات ويمنحهم المزيد من الثقة، حيث أنه برع في كتابة "قصيدة السؤال" وفتح الباب أمام الآخرين للرد والتفاعل، مضيفاً أن سموه قال للمرأة "اكتبي قصيدتك" وكان ذلك من خلال دعمه اللا محدود للشعر والشعراء وخصوصا الشاعرات.
واستعرض المحاضر الشيباني عدد من الفنانين العرب والإماراتين الذين تميزوا بغنائهم لقصائد الشاعرات الإماراتيات، ومنهم: جابر جاسم، ميحد حمد، عبد الله بالخير ، راشد الماجد، علي بن روغة، أحمد فتى شمل، أحمد الشيباني، حارب حسن، سلطان محمد، سعيد الدوبي، سالم سيف، عبد الله حميد، شهاب حمد وغيرهم، مشيراً إلى أن تجربة الحضور النسائي الشعري في الأغنية الإماراتية بدأت بالظهور بشكل واضح في ستينيات القرن الماضي.
كما ذكر الشيباني عدد من الشاعرات اللواتي تميزن على الساحة الشعرية الإماراتية على وجه الخصوص والخليجية والعربية عموماً، مثال "الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي" وغيرها، مضيفاً أن الشاعرة الإماراتية تميزت بنبرة خاصة في قصائدها، فلقد قدمت صورة مختلفة في التعبير وشكل التعبير والقول الشعري، وقدمت كذلك أداءٌ حركيٌّ متوازن بين الإنسحاب والإندفاع.
وبين أن الشاعرة الإماراتية تميزت بإختيار ألقاب لها، مثل لقب "فتاة الإمارات أو فتاة أبوظبي أو بنت الإمارات" وغير ذلك، وهذا لا يعني التخفي خجلا أو ترددا أو منعا من قبل الرجل، بل هو أسلوب حياة وطريقة تقديم التجربة على أسس رصينة وعميقة، وذلك ظهر قديماً لدى شاعرات العرب منذ الهلاليتين (عليا وسلمى)، وإن هذه الألقاب هي ألقاب نابعة من مساحة الحرية الطبيعية بمعناها التلقائي في ثقافة المجتمع الإماراتي منذ القدم.
وأفاد الكاتب والباحث مؤيد الشيباني أن شعر المرأة الإماراتية تضمن الولاء للمكان وما يحمله من صور مادية وثقافية، حيث كتبت باسم المكان والارتباط به تفاخراً وانتماءً، وصورت المهن في البر والبحر واستحضرتها في التشبيه والوصف، وذكرت في قصائدها الدعاء بالمطر والتمنّي بأن يعمَّ الخير على الجميع دون استثناء، مشيراً إلى أن التجارب الشعرية الإماراتية المغناة والتي كتبتها المرأة كان لها أثر لافت في إشاعة ثقافة السلام والمحبة وتراكم القوافي الجميلة والعميقة بحزنها الإنساني.