ليس من الغريب الآن سماع التصريحات التي تفتقر للتهذيب والدبلوماسية من جانب تركيا، بعدما ساءت علاقتها بسوريا والعراق وإيران وهولندا وألمانيا واليونان وقبرص، وحتى الولايات المتحدة، لكن الجديد هو التصريحات التي تحمل نية واضحة لسرقة الغاز الطبيعي في البحر المتوسط بعد نجاحات مصر في حقل "ظهر".
وتعاني العلاقات التركية الخارجية «هشاشة» لدرجة كبيرة مع العديد من الدول، إلا أن ما يخص هو العلاقات مع ثلاثي البحر المتوسط "مصر واليونان وقبرص"، فقبل سنوات قليلة كانت المفاوضات تمت بين الدول الثلاث على ترسيم الحدود وخرجت الاتفاقية للنور في 2013 وتم إرسالها للأمم المتحدة.
وكانت تركيا أعلنت أنها ترفض الاعتراف باتفاقية الترسيم بين مصر وقبرص، بغض النظر عن أن الاتفاقية لا تخص أنقرة في شئ أصلا.
وقالت صحيفة «زمان» التركية إن تركيا تخرق القانون الدولي لكون الاتفاقية المصرية اليونانية القبرصية سليمة وقانونية.
أما الموقف التركي فليس قانونيًا، لأن أنقرة تستند على ملف "القبارصة الأتراك" وأن قبرص بالنسبة لتركيا جزيرة وليست دولة، ولكن الاتحاد الأوروبي منذ 2004 يعتبر قبرص دولة مستقلة وعاصمتها نيقوسيا.
وكل ما لدى الحكومة التركية هو ما ادعته لنفسها من حقوق عند احتلال شمال الجزيرة القبرصية عام 1974 بدعوى أن قبرص من الأراضي العثمانية.
إذن ما يحدث الآن هو أن حكومة أنقرة تمارس البلطجة السياسية، وفقا لخبراء السياسة الدولة، وتدعي أن لها حقًا في الاعتراف من عدمه باتفاقية تمت بين دول مستقلة لا علاقة لها بهم، ودون أن يكون لها أي صفة قانونية.
والسبب من وراء ذلك كله هو النجاح المصري في تشغيل حقل "ظهر" للغاز الطبيعي، علمًا أنه بحسب صحيفة "قبرص ميل" فإن المحاولات التركية للعثور على الغاز في مياهها الإقليمية باءت بالفشل حتى الآن وهو ما قاله وزير الطاقة التركي نفسه، بيرات البيرق، في نوفمبر الماضي بأن بلاده حصلت على معدات للتنقيب عن الغاز الطبيعي على السواحل القبرصية وقال وقتها "إذا عثرنا على شيء فسوف نعلن هذا".
وهذا يعني أن أنقرة ليس لديها حقول غاز مكتشفة بل تسعى لفرض نفسها على الساحة وحسب من خلال لغة البلطجة.
وأكدت «زمان» في تقريرها أن تركيا لا تمتلك الحق في التنقيب عن البترول بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وأن ما أعلنه وزير خارجيتها انتهاك صارخ للقوانين الدولية إجراء دراسات لتوسيع نطاق استثمار الموارد. وأوضحت الصحيفة أن هناك نقاطًا تؤكد عدم أحقية الجانب التركي في التنقيب، وهي كالآتي:
-أولا، تركيا لم توقع على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والتي تم إبرامها عام 1982 ودخلت حيز التنفيذ عام 1994 ووقعت عليها 157 دولة من بينها المجموعة الأوروبية ومصر وقبرص.
- ثانيا، طبقا لذت الاتفاقيةـ فإن تركيا ليس لها أي خطوط أساسا تطل على منطقة الاكتشافات.
- ثالثا، إذا كانت تركيا تحاول الاستفادة من سيطرتها على الجزء الشمال شرقي من جزيرة قبرص، فهذا اللجوء أيضا ليس له أي خطوط أساسا لسواحل تطل على منطقة الاكتشافات، كما أنه لا يوجد أي دولة بالعالم معترفة بسيطرة تركيا على ذلك الجزء من قبرص. ومما يؤكد ذلك، أن إسرائيل حينما أرادت ترسيم حدودها البحرية للاستفادة من منطقة الاكتشافات في المنطقة، وقعت عملية الترسيم مع الجانب القبرصي فقط.
- رابعا، أن البلطجة التي يقوم بها أردوغان ليست غريبة عليه، حيث أنه رفع العلم التركي على الأراضي السورية، في انتهاك صارخ للحقوق الدولية.
وأشادت الصحيفة بالاستعدادات المصرية، الخاصة بتجهيز وتحديث قوات ردع جوية وبحرية، للدفاع عن المياه الاقتصادية بالبحر المتوسط ، والتي تقع فيها حقول الغاز المصرية، مشددا على أنها رسالة قوية لأمثال أردوغان.
نقلا عن العدد الورقي