كشفت شبكة بلومبرج الأمريكية، أن قبرص بدأت في توقيع صفقةٍ لبيع الغاز إلى مصر، لتكون ثاني صفقة توريد محتملة في يومين مع مصر، التي تسعى لتنصيب نفسها كمركز إقليمي للطاقة، بعد بدء العمل في حقل "ظهر" البحري العملاق.
ووفقاً لبلومبرج، سوف تُزود قبرص مصر من حقل غاز أفروديت الذي اكتشفته شركة نوبل إنيرجي ويحتوى على ما يُقدر بنحو 4.5 تريليونات قدم مكعبة من الغاز.
وقالت شركة نوبل إنيرجي، بالشراكة مع مجموعة ديليك دريلينغ الإسرائيلية للغاز، الإثنين 19 فبراير 2018، إنها تخطط لبيع الغاز لشركة دولفينوس هولدينجز المصرية، من حقلي تامارا وليفياثان الإسرائيليين.
ولا يزال يتعين على الحكومة المصرية الموافقة على صفقة شحن الغاز من إسرائيل لمدة 10 سنوات، على حد قول وزير البترول المصري.
وقال وزير الطاقة القبرصي، يورجوس لاكوتريبيس، للوكالة الأميركية: "تقترب قبرص من بيع الغاز الطبيعي لمصانع الغاز المسال في مصر، ويمكننا التوصل لاتفاق خلال الأسابيع القادمة"، وتقع مصانع الغاز المسال بمصر في إدكو ودمياط، على بُعد نحو 645 كيلومتراً جنوب قبرص.
طموحات مصر
تتوقع مصر، التي اعتادت تصدير الغاز عبر خط الأنابيب إلى إسرائيل والأردن، أن تلبي جميع احتياجاتها من الوقود في وقتٍ لاحق من هذا العام (2018)، بفضل الإنتاج من حقل "ظهر" الذي تديره شركة إيني الإيطالية.
كما أن مصر، الدولة العربية الأكثر اكتظاظاً بالسكان، لديها طموحات أوسع لتصدير الغاز إلى البلدان الأخرى مجدداً، ويسمح قانون جديد في مصر للشركات الخاصة، مثل "دولفينوس هولدينجز"، باستيراد الغاز وإعادة تصديره من خلال منشآت الغاز الطبيعي المسال بالبلاد.
وقالت وزارة النفط المصرية للوكالة الأميركية: "إن مصر تسير في خطتها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بحلول نهاية العام 2018، وتحقيق فائض منه في عام 2019، وتسير قُدماً في استراتيجيتها لتصبح مركزاً إقليمياً للطاقة، ويشمل ذلك استقبال الغاز من دول منطقة شرق المتوسط، ومن ضمنها إسرائيل وقبرص".
واقترحت شركة نوبل إنيرجي ومجموعة ديليك دريلينغ، وهما الشريكان الرئيسيان في أكبر حقول الغاز بإسرائيل، توريد نحو 64 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى "دولفينوس هولدينجز" في مصر ابتداءً من عام 2020، وقالت مجموعة ديليك إنها تتوقّع أن يلبي إنتاج حقل "ظهر" الطلب المصري بحلول عام 2023 ولفترة محدودة فقط.
وفي قبرص، تملك كل من شركتي "نوبل إنيرجي" و"رويال داتش شل بي إل سي" حصةً قدرها 35 % في حقل أفروديت، بينما تسيطر مجموعة ديليك الإسرائيلية على باقي النسبة.
ووفقاً لـ"بلومبيرج"، يمكن لاكتشافات الغاز قبالة قبرص مع حقول الغاز في إسرائيل، وحقل "ظهر" قبالة مصر والحقول المحتملة قبالة لبنان- أن تخلق مركزاً لإنتاج الغاز على عتبة أوروبا.
وفي حين أن ذلك منح بعض الدول إمكانية الوصول إلى موارد هائلة، فقد بدأت فقط بالاتفاق على أفضل طريقة لتصدير الوقود في منطقة مؤجَّجَة بالعداوات السياسية.
وبحسب الوكالة الأميركية، تعرقل تركيا قيام شركة إيني سبا الإيطالية بالمزيد من الحفر الاستكشافي بالمنطقة الاقتصادية الخالصة في قبرص. ويُذكر أنَّ إسرائيل ولبنان جرت بينهما تهديداتٌ مُتبادَلة في الأسابيع الأخيرة على الحدود البحرية المتنازع عليها.
وقد تحتوي المنطقة من قبرص إلى لبنان ومصر على ثرواتٍ إضافية من الغاز، وتتطلَّع بلدان المنطقة إلى وضع خططٍ للتصدير. وتُقدِّر هيئة المساحة الجيولوجية الأميركية أنَّ المنطقة قد تحوي أكثر من 340 تريليون قدم مكعبة من الغاز، لتكون أكثر من الاحتياطيات الأميركية المؤكدة.
وقال ريكاردو فابياني، كبير محللي الشرق الأوسط بمجموعة أوراسيا: "هذه هي اللحظة التي يتحول فيها أخيراً، كل الحديث عن تحويل مصر لمركز إقليمي للغاز إلى حقيقة على أرض الواقع"، بحسب الوكالة الأميركية.
حقل كاليبسو
قال تشارلز إيليناس، الرئيس التنفيذي لإحدى شركات استشارات الطاقة في نيقوسيا، مشيراً إلى الاتفاق المحتمل بين قبرص ومصر: "إن شركة شل إنيرجي هي المسؤولة عن مصنع إدكو للغاز الطبيعي المسال بمصر، هو أمر في صالح إبرام هذه الصفقة".
ولا تمتلك قبرص الغاز في حقل أفروديت فقط؛ إذ وجدت شركتا "توتال إس إيه" و"إيني" كميات محدودة في عام 2017 بحقل أنيسيفورس، وأكدَتا وجود منصة كربونات مماثلة لحقل "ظهر" في مصر، والذي وصفته شركة إيني بأنَّه أكبر اكتشاف بالبحر الأبيض المتوسط.
كما أعلنت شركة إيني، يوم 8 فبراير 2018، اكتشاف آخر بحقل كاليبسو في بلوك 6 بقبرص، به "عمود غاز ممتد كبير"، بحسب المجلة الأميركية.
وحظرت السفن الحربية التركية، منذ 9 فبراير2018، أي سفينة لشركة إيني من القيام بحفر استكشافي في حقل سوبيا أو الحبار بالبلوك 3 من المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، قائلة إنَّ هذا النشاط غير مقبول في ظل تقسيم قبرص، وحذَّرَ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الشركات الأجنبية من الحفر قبالة قبرص، بحسب الوكالة الأميركية.
وقال ستيفن فولرتون، المحلل بشركة وود ماكنزي، في اتصالٍ هاتفي: "هناك حالياً الكثير من الاستكشافات الجارية بالمياه القبرصية، ومن المرجح أن يتم اكتشاف المزيد من الغاز".
وأضاف: "أي اكتشافات أخرى ستبحث عن طريق للتصدير، وستكون مصر خياراً محتملاً".