جديد نوعي مفاجئ في
معركة قديمة جديدة، وصفت بالمقدسة، فهم لا يظهرون على الملأ إن ظهروا إلا كطيف غير
واضح المعالم وطبعًا خلف الخطوط العسكرية المعلومة للجيش.
فروا إلى هناك،
حيث كان ملجأ وملاذًا لهم، بفضل تضاريسه التي تخفيهم أو تكاد عن الأنظار، ناهيك عن
اتفاقية السلام التي منعت قوات الجيش من الوجود فيه، وفق نص كامب ديفيد.
على مدى أيام طوال
من الدك والضرب المباشر لحصونهم في جبل وصف بأنه أرض الحلال تنامى إلى الأسماع وتصدرت
أنباؤه الشاشات ونشرات الأخبار في مختلف وسائل الإعلام، إحكام القوات المسلحة كامل
سيطرتها على الجبل والمناطق المحيطة به.
إنه جبل الحلال
الذي تعود تسميته بذلك الاسم إلى أن البدو اعتادوا القيام برعي أغنامهم التي كانوا
يطلقون عليها "الحلال" في سهول هذا الجبل، فاكتسب الجبل المسمى بدلًا عن
الأغنام.
طبيعته الجغرافية
أما
الطبيعة التضاريسية أو الجغرافية كما يحلو للبعض أن يسميها فهو يتكون من سلسلة هضاب، ويضم مغارات تصل عمقها إلى
نحو 300 مترًا وكهوف كثيرة، مما يسهل على العناصر المسلحة تفضيله للإختباء فيه
لوعورته.
جبل الحلال تبلغ مساحته نحو 60 كيلو متر، ويرتفع عن
سطح البحر حوالي 1700 مترًا، أما موقعه وفقاً لإتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية
فهة يقع في المنطقة "ج"، التي يُمنع وجود قوات الجيش المصري بها.
عمليات الجيش في
منطقة جبل الحلال بوسط سيناء لم تكن الأولى حيث كانت هناك عملية أخرى سابقة،
وتحديدًا عام 2004، نفذت بعد تفجيرات طابا مباشرة.
أول تصدر إعلامي
لجبل الحلال
لم يكن أحدًا
يعرف شيئًا أو يكاد عن جبل الحلال من غير أبناء سيناء، فيما بزغ وسطع نجمه في سماء
الإعلام وخاصة الفضائيات على ألسنة جميع مقدمي البرامج على إختلاف أنواعها
وأطيافها، مع وقوع تفيجرات طابا عام 2004.
في حينها بدأت قوات
الأمن بمداهمة الجبل للقضاء على العناصر المسلحة التي تتخذه منطلقًا لهجماتها على
قوات الجيش، حيث حاصرت هذه القوات الجبل بأعداد غفيرة وصلت في حينها إلى 4 آلاف من
أفرادها.
الظهور الثاني
لجبل الحلال
بعد اختفاء اسمه
من صناعة الأخبار لفترة ليست بالطويلة، عاد جبل الحلال إلى واجهة الأحداث مرة أخرى، بالتزامن مع ظهور جماعة "أنصار بيت المقدس" على
أنقاض جماعة "التوحيد والجهاد"، حيث أعلنت ولأول مرة في 2012 مسؤوليتها
عن استهداف خطوط الغاز الطبيعي التي تصدره إلى إسرائيل.
حق الشهيد يحرر
جبل الحلال
في عملية أطلق
عليها "حق الشهيد" أعلن المتحدث العسكري العميد محمد سمير عبد العزيز، سقوط
85 فردًا تكفيريًا خلال الأربعة أيام الماضية لقوات الجيش الثانى الميداني بضربات جوية
ومدفعية.
أما في جبل
الحلال فقد نجحت عناصر إنفاذ القانون من الجيش الثالث الميداني بناء على معلومات مؤكدة
من العناصر المخابراتية من قصف وتدمير أهداف عدة بمناطق غرب الجبل، مسفرة عن مقتل 3 تكفيرين شديدي الخطورة، وضبط وتدمير عدد 30 عبوة
ناسفة كانت معدة ومجهزة لإستهداف القوات المسلحة على محاور التحرك و50 لغمًا مضادًا
للدبابات و95 لغمًا مفرغًا من المواد المتفجرة شمالي غرب جبل الحلال، كما تم ضبط مخزن
للمتفجرات داخل خور بجبل الحلال عثر بداخله على 35 جوال بارود بإجمالي وزن 1750 كجم،
و 26 جوالًا يحتوى على مادة TNT وأجوال نترات النشادر تستخدم في تصنيع العبوات الناسفة، والتحفظ على أجهزة
لاسلكية و25 عبوة بدائية الصنع، إضافة إلى العثور على نقطة طبية بها كميات من الأدوية
والمحاليل .
كما تم العثور على
خيمة بها وحدة إعادة إذاعة ولاب توب وخطوط محمول وأجهزة لاسلكية تستخدمها تلك العناصر،
كما تم تدمير عربة تويوتا ودراجة نارية بمنطقة وادي المخاشيب .
تكتيك وهمي
أما التكتيك
الذي اتخذته القوات المسلحة سبيلًا للاستعادة السيطرة على جب الحلال فكانت عبر ايهام
جماعة "أنصار بيت المقدس" بانسحابها من المنطقة وتركيز ضرباتها على جبل الحلال
وسط سيناء، ما جعل أفرادها يتركون مخابئهم في الشيخ زويد ويتحركون بحرية زائدة، في
حين باغتتهم مروحيات الأباتشي وطائرات "إف 16" إضافة إلى حصارهم بنيران المدفعية
ما ساعد على القضاء على أعداد كبيرة منهم.
جبل الحلال وجبال أفغانستان
وفي مقاربة بسيطة بين جبل الحلال في سيناء وجبال أفغانستان التي عاش بين
ثناياها الجماعات الإسلامية على مر عصورها منذ الحروب ضد الروس في الشيشان ومن ثم
تصدير ضراباتهم الإستباقية ضد المصالح الغربية خاصة والولايات المتحدة عامة حول العالم،
الخبير في الشؤون
الإسلامية نبيل نعيم أكد في تصريحات خاصى لـ "أهل مصر" أن اقتراب نهاية جبل الحلال كمأوى للإرهابيين بسبب
صعوبة المعيشة فيه لفترات طويلة.
نعيم أوضح أن جبل
الحلال على عكس جبال أفغانستان التي عشوا فيها ومارسوا جميع صنوف الحياة الطبيعية
من أكل وشرب وإصطحاب الحيوانات من ماعز وحمير.
وعرج نعيم على
هذه النقطة قائلًا إن المسلحين في جبل الحلال يضطرون لشراء مستلزماتهم الحياتية لمدة
15 يومًا من القرى المحيطة به، مضيفًا أنهم يحتجون 100 مترًا مكعبًا من الماء لاستخدامه
في معيشتهم، ما يدفعهم للنزول من فوق جبل الحلال.
وأشار نعيم إلى أن
القوات المسلحة ترصد تحركات الجماعات المسلحة هناك عند نزولهم لشراء حوائجهم.
وكشف نعيم أن جبل
الحلال لا يضم إرهابيين فقط بل هناك 3 فئات هم المسلحين وتجار المخدرات والمهربيين
على إختلاف أنواعهم، عادًا ذلك ائتلافًا لقوة حقيقية ولكن عملية القضاء عليهم
جميعاً ليس بالشئ الصعب على القوات المسلحة.
ونوه نعيم، إلى
الدور الحيوي الذي يلعبه شيوخ القبائل في المساعدة على كشف تحركات المسلحين والقضاء
عليهم بالتعاون مع القوات المسلحة.
عمليات الجيش في
مناطق جبل الحلال المختلفة بدءً من الأزارق، ومدق الجميل، وجنوب البرث، والقريعى، وانتهاء
بوادي عمرو، كبدت العناصر المسلحة خسائر فادحة، حتى آلت السيطرة الكاملة على الجبل
لقوات الجيش بمساندة ومعاونة من الشرطة المدنية في بعض الأحيان.
باستعادة
السيطرة الكاملة للقوات المسلحة على جبل الحلال، يكون الجزء الأكبر من عملية
استئصال جذور الجماعات المسلحة من سيناء قد انتهى، فيما يكون الجزئية الأهم هي
كيفية تنمية هذه المناطق حتى تكون درعًا مدنيًا أمام وجود أي من هذه الجماعات.