تتواصل العملية العسكرية بسيناء منذ أن بدأت في 9 من فبراير الجاري وتستمر حتي الآن، وعلي الرغم من ذلك تشهد مشروعات التنمية أعمالها بالتوازي مع مكافحة الإرهاب وتطهير سيناء من الإرهاب، فما أنت في طريقك إلى العريش وأن تعبر المعدية وتمر في قناة السويس الجديدة فترى مدينة الإسماعيلية الجديدة وترى العمل يجري علي قدم وساق في العديد من القرى ومصانع الأسمنت الموجودة بالعريش.
ويجذب انتباهك تأمين المجرى الملاحى لقناة السويس وتشديد الإجراءات الأمنية على مداخل ومخارج سيناء، فما أن تمر على العديد من الكمائن، التي يقف جنودنا البواسل فيها كـ "الأسود"، أبطالًا وسط الصحراء، لا يهابوا المجهول يقوموا بدورهم في تفتيش السيارات المارة بالطريق والتأكد من هويتهم وأوراق ثبوتهم.
فما أن تدخل سيناء تري هناك أبطالًا، ربما لا يعلم عنهم الكثيرون، رجالًا لا يهابون شيئًا، شعارهم النصر أو الشهادة، لا بديل عن الانتصار، ترى في وجوه الضباط والمجندين أمل كبير وإصرار شديد على اقتلاع جذور الإرهاب وتخليص سيناء ومصر منه للأبد.
وبجانب استمرار العمليات بسيناء فما أن تمر بقرية "بغداد" التابعة لمركز الحسنة لمحافظة شمال سيناء، وهي قرية صغيرة يتواجد بها بعض الخدمات كوحدة الإسعاف والطوارئ ومدرستين، وبعض الخدمات الأخرى، لنرى مشهد أخر مختلف بعد تركنا لقرية بغداد.. قلعة صناعية كبرى وسط الصحراء، العمل فيها لا يتوقف، رغم العمليات العسكرية في كل أرجاء سيناء، نرى مصنع الأسمنت والمملوك لأحد رجال الأعمال المصريين الوطنيين، ومصنع أخر للأسمنت التابع للقوات المسلحة، وهما يمثلا خطوة أولى لاستغلال الثروات الكامنة بأرض الفيروز، العامرة بثروات طبيعية تنتظر القوى البشرية التي تنقب وتبحث عنها وتستغلها.
بعد أكاذيب استهداف حي الزهور بمدينة العريش بالصواريخ من قبل القوات المسلحة، ونسف عدد من المباني، قام العقيد أ.ح تامر الرفاعي المتحدث العسكري الرسمي للقوات المسلحة بنفي تلك الأكاذيب والاختلاقات، إلا أن "الأخبار" لم تكتفي بالتصريحات الرسمية وصممنا على نقل الحقيقة للشارع المصري من داخل وقلب حي الزهور.
الحي يبدو هادئًا، وكأنه لا يكترث لما يقال عنه، أطفال في الشوارع تلهو، بعضهم يلعب بالكرة، أخرون يلعبون ألعاب الصبية، وفتيات صغيرات مجدولات الضفائر، رجالا ونساءً يتجولون في الشوارع بكل أريحية، محلات مختلفة الأنشطة مفتوحة أبوابها يمكث أصحابها بداخلها انتظارًا للرزق الحلال.
ولتوضيح حقيقة سقوط الصواريخ على الحي والذي لم نشاهد فيه جدار قد سقط، أو "شارع" قد تم تدميره.. التقينا بمحمود شكري ويعمل في أحد المحلات التجارية وقال إنه قد تعود على صوت الرصاص هنا في العريش، والأمر أصبح طبيعيًا، ولا يهاب ذلك سواء هو أو أسرته، مؤكدًا أنه لم يحدث أي توجيه لصواريخ بالحي، والدليل على ذلك أنه لا يوجد منزل قد دُمر.
منذ أن وطأت أقدامنا أرض مدينة العريش، كان شاغلنا الأول هو معرفة كيف "يتعايش" المواطنون في هذه المدينة، في ظل ظروف العملية العسكرية الدائرة على مدار اليوم.. فكل ما يدور في أذهان الجميع هو كيفية سير الحياة.. محملون بأسئلة كثيرة، يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، شائعات كثيرة عن عدم توافر المواد الغذائية، ووجود أزمة كبيرة في "الخضروات"، فلا يجد المواطنون "لقمة العيش" وشائعة أخرى عن بيع "الطماطم" بالعريش بمبلغ 30 جنيه للكيلو.. وهو ما دفعنا للقيام بجولة في الأسواق لنجد هناك عربات من جهاز الخدمة الوطنية تقوم ببيع المنتجات الغذائية الأساسية بأسعار تنخفض عن مثيلها بشمال سيناء وعن القاهرة أيضًا، لنتحرك إلى نقاط التوزيع المخصصة للبيع في أحياء مختلفة في مدينة العريش.. فالسيارات تتحرك لبيع المنتجات الغذائية بصفة يومية في مواقع مختلفة من المدينة.
انطلقنا صوب تلك العربات، عشرات العربات حمولة 1.5 طن رأيتها في جولتي في المدينة.. والتي بدأت بحي "الرِّيسة" حيث نجد سيارات "ربع نقل"، ببضائع مختلفة لبيعها لأهالي العريش بأسعار مخفضة.
لنلتقي بالمسئول عن توزيع المنتجات الغذائية من جهاز مشروعات للخدمة الوطنية، والذي أكد على أن دوره هو رفع المعاناة عن أهالي شمال سيناء، مضيفًا إلي أن القافلة بها لحوم كتل سعر الكيلو يصل إلى 60 جنيها، ولحوم قطع سعر الكيلو يصل إلى 62 ؛ ودواجن يبلغ سعر الكيلو 17 جنيها، وكيلو الأرز يبلغ سعر 8 جنيهات، وسعر كيلو الطماطم 5 جنيهات فقط، فضلا عن العدس والشاى والزيت والجبن والبطاطس والبصل والبسلة، وغيرها من السلع التى تلقى رواجا كبيرا بين صفوف المواطنين.
السيارات محملة بأنواع كثيرة من البضائع واصطف المواطنون أمام السيارات استعدادًا للبدء في عملية البيع.. مواطنون بسطاء جاءوا بحثًا عن المنتجات المخفضة، التقينا بعدد منهم، حيث قال جمال 64 عامًا إن المنتجات التي تبيعها القوات المسلحة من أجود المنتجات الغذائية وبأقل الأسعار، مضيفًا أنه يقطن بالعريش منذ 27 عامًا، ولا يريد أن يترك المدينة رغم الإرهاب، قائلا: "العملية العسكرية هي من أفضل ما قام به الجيش المصري، ونريد أن يخلصونا من الإرهابيين"، مضيفًا أن مساندتنا لقواتنا المسلحة لا نهائية وغير محدودة في حربها ضد الإرهاب، وجميع الأهالي هنا يحلمون باليوم الذي يتم إعلان سيناء خالية من الإرهاب.
ولا يختلف المشهد كثيرا في شمال سيناء عن وسطه وأثناء ذهبنا إلي أحد القرى لعملية التمشيط التي ستقوم بها القوات المسلحة فى وسط سيناء، انضم علينا أبطال قوات الشرطة المدنية، وفي مشهد تقشعر له «الأبدان»، توقفت جميع الآليات العسكرية من القوات المسلحة والشرطة، وهتف الجميع هتافًا واحدًا: «الله أكبر – الله أكبر – الله أكبر»، حينها علمتُ وتيقنت وتأكدت أن أهل الحق دائمًا ينصُرهم الله، ويثبت أقدامهم.
ذهبنا جميعا إلي إحدي القرى المقرر لها أن يقوم أبطال القوات المسلحة والشرطة بعملية التمشيط، بالإضافة إلي عملية البحث عن العناصر الإرهابية.