كيف خالفت المواقع القبطية تعليمات البابا؟

البابا تواضروس الثاني

غابت الحقيقة، وتوارت عن الأنظار، الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، هذا هو لسان حال ما حدث في قرية "الكرم" بأبو قرقاص بمحافظة المنيا، قبل أسبوع مضى، من تجريدة سيدة قبطية تدعى "سعاد ثابت" من ملابسها، على خلفية اشتباكات جرت في القرية بسبب اتهام نجل السيدة باقامة علاقة غير شرعية مع سيدة مسلمة، وكانت الشرارة التي أشعلت معها البلاد من أقصاها إلى أقصاها وليست القرية فقط.

الكنيسة لم تكن بعيدة عن مجريات الأحداث وتبعاتها، حيث استدرك البابا تواضروس الثاني الأمر، داعياً الجميع إلى غلق الطريق على من يحاولون المتاجرة بالحدث لإشعال الفتنة الطائفية.

نرصد في السطور القادمة كيف تناولت أشهر المواقع القبطية الحادث ومدى استجابتها لدعوات البابا

موقع الحق والضلال

موقع الحق والضلال وهو يعتمد بصورة كبيرة عن نقل الأخبار عن المواقع الأخرى، الموقع سيطرت على غالبية موضوعاته قضية "سيدة الكرم"، حيث جاءت تحت عناوين مختلفة، تناولت جميع الجهات والآراء، حيث كان آخرها ما نشرته اليوم بعنوان "محافظ المنيا يعقد اجتماعاً لاحتواء فتنة المنيا سنعاقب المخطئ"، حيث سلطت الضوء على اللقاء الذي جمع المحافظ اللواء طارق نصر، مع ممثلي كل من بيت العائلة المصرية، وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، والبابا تاوضروس الثاني، كما حضر اللقاء اللواء رضا طبلية، مدير الأمن، وعدد من نواب البرلمان بديوان عام محافظة المنيا، عقب الزيارة التي قام بها المحافظ ومدير الأمن اليوم لقرية "الكرم" بمركز أبو قرقاص حيث أديا صلاة الجمعة في مسجد القرية من أجل وأد الفتنة قبل استغلال البعض لها والنفخ في نيرانها، دون إبراز وجهة نظر وإغفال أخرى، حيث عده كثير من المراقبين أكثر المواقع التي تناولت الواقعة بحيادية كبير.

موقع الأقباط اليوم

أما موقع الأقباط اليوم فقد كانت عناوينه مثل بقية المواقع التي تناولت الحادثة بيد أن الجزء المخصص للمقالات كان حادًا في تناوله إياها حيث جاء تحت عنوان "إلي دعاة الكراهية" بقلم القمص أثناسيوس جورج، قائلًا إن "الكراهية في الرؤوس قبل أن تُستخدم الفؤوس، الكراهية هي التي غيبت القوانين وطمست الدساتير، الكراهية هي التي تسببت في العقوبات الجماعية، الموجهة ضد كل ماهو مسيحي... كما أن اتِّباع نظرية الرِّيبة والمؤامرة والتحريض تجاههم هو الذي أسس للإجرام والبلطجة لاستباحتهم، وصعد موجات التحامل العصابي القهرﻱ التخريبي تجاههم. بينما هؤلاء الأقباط الذين اتَّبعوا المسيح قوم لا يستكبرون، وهم أكثر مودَّة ورحمة، وهم أيضا فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، إنهم ليسوا كافرين ولا نصارَى لكنهم مسيحيون، ومسيحهم آية ورحمة للناس. مسيحهم هو كلمة الله وروحه. مسيحهم هو الوحيد المعصوم من الخطية".

موقع الأقباط متحدون

موقع الأقباط متحدون، اتهم مقال تحت عنوان "التعرية والتغطية" الشرطة بالتقاعس والصمت تجاه حادثة سيدة الكرم، قائلًا: "فقيام مئات المتطرفين والمتعصبين والدواعش بسرقة ونهب وحرق وتدمير منازل ومتاجر المسيحيين المسالمين العزل وسط صمت رهيب وتقاعس مريب من الشرطة التي من مهامها وواجبها الحفاظ علي الأرواح والممتلكات وصيانة الأعراض وتحقيق الأمن والأمان لكل المواطنين بصرف النظر عن انتمائهم الديني". المقال أكد أن الحادث سيناريو يتكرر حلقاته برتابة وملل عقب كل شائعة مماثلة، مشيرًا إلى أن واقعة المنيا "زادت من حجم المهانة والمرارة والإذلال والتجريح بسبب التعرض لسيدة فاضلة مسنة لا ذنب لها أو جريرة سوي أنها والدة الشخص الذين زعموا زورا وبهتانا ولغرض في نفس يعقوب انه علي علاقة بسيدة مسلمه"، المقال زاد من لهجته عندما تابع بالقول أن هناك سياسة عقاب جماعي يتبعها ما أسماهم "الغوغاء والمتشددين دواعش مصر المتطرفين" ضد الأقباط، مرجعًا ذلك إلى ما وصفه بالحقد والتعصب والكراهية والرغبة في الانتقام واللصوصيه، مستغلاً حادث المنيا على الرغم من التعليمات الباباوية التي أصدرها البابا تواضروس الثاني لجميع الأقباط الأرثوذكس بعدم استغلال الحادث، والبعد عن إثارة فتنة نائمة، واصفًا الحادث بأنه لا يمت بأية صلة للفتنة بين المسلمين والأقباط، بيد أن هذا المقال الذي نشره موقع الأقباط متحدون، اتهم البلاد بغياب دولة القانون عنها وترك مثل تلك الجرائم لتحل بجلسات الصلح العرفية وصفًا إياها بجلسسات الفشل المذرية، أما النقطة الأكثر أهمية في هذا المقال قتلك التي تطرق فيها الكاتب إلى أن جلسات الصلح هذه يتحول فيها المجرم إلى قاض وأن الطرف الأقوى يفرض شروطه التي غالبا ما تكون تعسفية ومهينه ومذلة وظالمة وقاسية ضد الطرف المظلوم الضعيف الذي لا يجد أمامه سوي الإذعان والقبول والرضوخ وهو يشعر بالمرارة لتخلي الجميع عنه من الكنيسة بحجة التسامح والتعايش والسلام تحت ضغط تارة وبخنوع تارة أخرى حسب تعبيره، ثم عاد واتهم الدولة مرة أخرى باتهام الشرطة والدولة بترك وظيفتها برضاء تام وعن طيب خاطر لمن وصفهم المتعصبين والمتطرفين حتي يكونوا الخصم والحكم، القاضي والجلاد، الآمر والناهي في تلك الجرائم النكراء، حسب مفرداته، لتكشف كيف يفكر صاحب المقال ويحمل من أفكار تدعو الأجيال إلى اعتنقال مبادئ الكراهية وعدم التسامح على الرغم من أنه يؤكد تعرض الأقباط للاضطهاد جراء هذه الكراهية في حين يدعو هو إليها عبر مقاله الذي يؤكد فيه أن الأقباط يتعرض للمهانة والإذعان والرضوح للآخر، هل لو كان الحادث معاكسًا بمعنى أن السيدة الكريمة التي تم تعريتها مسلمة والجناة مسلمون، هل سيكون رد فعل كاتب المقال على النحو نفسه كما جاء الآن، مع التأكيد على الرفض الكامل للجريمة أيًا كان فاعلها أو الجناة فيها، فالمبادئ لا تجزأ، ولا يتاجر بها.

كان قديمًا تعتبر التعليمات التي تصدر عن بابا الكنيسة الأرثوذكسية عند أقباط مصر شيئًا يصل إلى حد التقديس ولا يمكن الخروج عليه أو مخالفته، وهو ما يفسر التزامها على مدى عقود بعدم الحج إلى بيبت المقدس تنفيذًا بتعليمات البابا شنودة الثالث بعدم الحج إلا بعد زوال الاحتلال الإسرائيلي لها حتى لا يكون ذلك نوعًا من التطبيع مع الكيان الصهيوني، أما في الواقعة الحالية المتعلقة بحادث سيدة الكرم لم يلتزم عدد كبير من المواقع القبطية بما دعا إليه البابا تواضروس الثاني من ضرورة عدم فتح الباب على مصاريعه أمام فتنة ربما تأكل الأخضر واليابس.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً