لم يتوقع أهالي عزبة الهجانة، بالكيلو 4.5 بطريق السويس، أن عيشهم تحت أسلاك الضغط العالي، سيتسبب فى كوارث عديدة لهم ولأبنائهم، حيث سيعرضهم للإصابة بسرطانات المخ والدم، والضغط والسكر، والفشل الكلوي، والصداع، وفيرس سي، وسرطان الدم للأطفال، وتشوهات الأجنة، والتهديد الدائم بالموت صعقًا أو حرقًا.تغاضى أهالي المنطقة الأوائل عن قانون وزارة الكهرباء بمنع البناء على مسافة 25 متر من محطات الضغط العالى، والتي شددت على الالتزام بمنع البناء فى حرم الضغط العالي، وقد سميت هذه المنطقة بالكيلو 4.5 لأن المسافة بينها وبين هليوبوليس آخر حدود مدينة القاهرة فى عام 1963 تقدر مسافة 4.5 كم، وسبب تسمية العزبة بالهجانة أن عساكر الهجانة من راكبي الأثر التابعين لحرس الحدود هم أول من أقاموا بتلك المنطقة منذ الفترة الملكية، وتبدأ المأساة حين استولى مجموعة من الأشخاص على أراضي تحت الضغط العالي في عزبة الهجانة بوضع اليد، وقاموا ببيعها إلى آلاف السكان، حتى تحولت حاليا إلى منطقة عشوائية غير آمنة، ورغم ذلك يرفض السكان مغادرتها دون توفير بديل يدفع للانتقال إلى سكن آخر.وبالنسبة للمياه فى العزبة، فى عام 1954 تقريبا قامت الحكومة بعمل حنفيات مجانية فى الشوارع ومع اتساع المنطقة وازدياد تعداد السكان بها حدثت كثير من المشاجرات بسبب الزحام على حنفيات المياه فبدأ القادرين من أهالي العزبة بعمل مواسير مياه من الحنفيات الى منازلهم، ويعتبر دخول المياه بهذه الطريقة سرقة حيث لم يكن يوجد عدادات مياه ولا يدفع السكان ثمنا لما يحصلون عليه من المياه.وتعتبر منازل المنطقة الأولى بها مياه لقربها من موقع الحنفيات أما البعيدة من مواقع المياه فمازالت تنقل المياه من الحنفيات المجانية، وفى سنة 2002 قام حى مدينة نصر بإدخال مواسير مياه عمومية فى أغلب أنحاء المنطقة، على أن يدفع السكان ثمن التوصيل الى منازلهم، فقام القادرين بالتوصيل، ولم يستطع أغلب السكان القيام بالتوصيل لارتفاع التكلفة المالية عليهم، ومازالوا يستخدمون الحنفيات المجانية أو يقومون بشراء جراكن المياه من سيارات تجوب شوارع المنطقة تبيع الجركن الواحد بحوالي خمسة وعشرين قرشا وفي بعض الأحيان بخمسون قرشا مما يشكل عبء اقتصادي إضافي على السكان.وبالنسبة للكهرباء فى العزبة، بعد انتخابات مجلس الشعب سنة 1995 وعن طريق مرشح مجلس الشعب عن مدينة نصر (محمد عبد المنعم عمارة) تم عمل محول كهرباء فى مدخل العزبة قرب موقف الأتوبيس وتم مد كابلات الكهرباء بالعزبة ثم توقفت فاضطر الأهالي لإدخال الكهرباء إلى منازلهم بمد أسلاك مباشرة إلى أعمدة النور والكابلات وتكاثرت محاضر سرقة الكهرباء فى العزبة لهذا السبب، ونتيجة لذلك تمتد أسلاك الكهرباء، فيما تغطي الشبكة سماء المنطقة وهي فى منتهى الخطورة حيث أن الأسلاك معرضة لمياه الأمطار أو السقوط فوق المارة، كما انتشرت سرقة أعمدة النور وكابلات الكهرباء عن طريق مافيا بيع الأراضي، وقد تسببت هذه السرقات فى تعطيل عملية إنهاء دخول الكهرباء حيث كلما توجه الموظفين والمهندسين إلى مناطق العمل يجدوا الكابلات مسروقة والأسلاك فى حالة فوضى والكبائن الكهربائية محروقة، حتى يتثنى لتلك المافيا بيع الأراضي الفضاء قبل أن تدخل التقسيم الحكومي، ومؤخرا تم إنهاء أعمال دخول الكهرباء لأغلب مناطق العزبة، ماعدا منطقة الضغط العالي.
المكان شارع الأسايطة، الشهير بشارع الضغط العالي، بـالكيلو 4.5 عزبة الهجانة، مدينة نصر، كان ومازال يعاني من أزمة أسلاك الضغط العالى والتى ينام سكانها في أحضان الكهرباء، لذا يعيش أهل هذه المنطقة مأساة بمعنى الكلمة وينتظرون الموت في أي لحظة، تلك المنطقة التى تغاضى القانطون فيها عن مشكلة البناء تحت أسلاك الضغط بسبب الفقر، وعدم القدرة على الشراء فى منطقة أخرى، أكثر أمانًا، برغم الخطر الذى يحيط بهم، "ولكن ما باليد حيلة ".وبمجرد الدخول إلى شارع الأسايطة، تجد نفسك محاطا بأسلاك كهرباء الضغط العالي وأبراجها من جميع الجوانب، حيث يمكنك أن تسمع أزيز الكهرباء عبر الأسلاك بوضوح، والذى يصيب الشخص غير المعتاد على المنطقة بالصداع والخمول، يتعرّض لتهديد أسلاك الضغط العالى فى هذه العزبة، والتى يسودها الفقر والبلطجة، والمجرمين، ولا يوجد بها سوى المشاكل، والاتجار بالممنوعات، وتسود المنطقة حالة من الرعب عند هطول الأمطار حيث تتكهرب حوائط بيوتهم، مما يجبرهم على ترك منازلهم حتى انتهاء سقوط الأمطار خوفا من الصعق أو الحرق.كلام الناس وتجولت كاميرا "أهل مصر" داخل شوارع العزبة لرصد أبرز المشاكل حيث قال "سيد زغلول" أحد أهالي العزبة، إن اقتراب أسلاك الضغط العالي لمنازلهم تسبب لهم العديد من المشاكل وانتشار الأمراض، واضاف "زغلول"، أنه منذ فترة صعق أحد جيرانى أمامي ووقع جثة هامدة، مشيرًا الى أنه تم حرق العديد من القانطين تحت أسلاك الضغط العالي، ولفت إلى أن الذبذبات التى تصدر من أسلاك الضغط العالي تسبب لنا صداع دائم والإصابة بسرطان المخ، وأن هناك أكثر من عشرين قتيل إما بالحرق أو الصعق بالكهرباء، منوهًا أن سكان العزبة توجهوا بشكوى إلى رئاسة الحي أكثر من مرة ولكنهم لم يلقوا أي استجابة.وأشار أحمد سمير أحد سكان المنطقة، إلى أن رئاسة الحى، التى تتجول فى شوارع المنطقة من الحين إلى الآخر، ولم تتخد أي إجراءات، أو حل للمشاكل التى يعانى منها أهالي المنطقة، واستعرض المعاناة التى يمر بها أهالى العزبة بسبب اقتراب أسلاك الضغط، منهم أخيه الذى صعق أمام عينه ليقع جثة هامدة. سائق توكتوكوقال محمود أحمد، سائق توكتوك وأحد سكان العزبة، " أنا شاب نفسى أعمل أي مصلحة، تزيد من دخلي، بيتي من دور واحد ونفسى أبني "دورين تلاتة" أقوم بتأجيرهم وأعيش من دخلهم، لكن أسلاك الضغط العالي بينها وبين بيتى متر مش مخليانى عارف أبني". أقدم سيدة فى المنطقةنوهت "أم مصطفى" أحد اقدم سكان العزبة، إلى أن العزبة تعيش حالة من الفقر، وقالت ايضًا فى جملة يقشعر لها البدن:"بناكل اللحمة كل شهرين "، وأضافت: "إن هناك العديد من الأطفال راحوا ضحية الضغط العالي نتيجة لقرب أبراج الكهرباء الرئيسية من أسطح منازلهم المتواضعة" الأطفالويؤثر أيضا أزيز الكهرباء على الأطفال، حيث يصيبهم بالصداع الدائم والخمول الواضح، والتعرض الدائم لتهديد أسلاك الضغط العالي، وآخرهم صعق أحد الأطفال نتيجة اشتياك طيارته الورقية بأحد الأبراج، وقال أحد سكان المنطقة، إن ابنائنا لم يفلحوا فى المدارس لتأثير الضغط على عقولهم.
عن الصحة
ويقول أحد الأطباء، السكن بجوار كابلات الضغط العالى ينتهى بسرطان الدم والأوعية وتدمير البناء الكيميائى لخلايا الجسم، واضاف ان الأضرار الصحية لأبراج الضغط العالى تظهر على الإنسان فى مراحل الإصابة الأولى بإرهاق شديد نفسى وعصبى يتحول بعد ذلك إلى حالة سهر وإرهاق وبعد ذلك يتحول الأرق إلى عدم نوم تام، وبالتالى يحدث خمول شديد ويكون الإنسان غير قادر على ممارسة أى نشاط، وبعد ذلك تحدث إصابة بسرطان الدم والأوعية وتكثر عند الأطفال لأنهم لديهم جهاز مناعى ضعيف، كما يزداد معدل الإصابة بالأورام وسرطان الدم اللمفاوى للأشخاص الذين يعملون أو يسكنون بالقرب من هذه الأبراج، وأمراض أخرى ومنها مرض الروماتويد والقلب وتشوه الأجنة وسرطان الثدى، كما تقوم بتدمير البناء الكيميائى لخلايا الجسم والتأثير على المادة الوراثية وحدوث خلل فى وظائف الخلايا والإنزيمات، بالإضافة إلى الأمراض الدماغية والمخية والعصبية، كما تسبب التهاب للأعصاب الطرفية، كما أن خطوط الضغط العالى للكهرباء تؤثر على المواد الروتينية الموجودة فى عدسة العين فتتسبب فى حدوث التهابات مزمنة، إضافة إلى الأمراض الناتجة عن التعرض للتلوث الكهرومغناطيسي.
وزارة الإسكان
تعقد موافقتها عند وضع أبراج الضغط العالى على أنها موضوعة فى أماكن خالية من السكان، أما بالنسبة لعزبة الهجانة فهذه المنطقة كانت فى البداية خالية من السكان، ولكن الكثافة السكانية هى التى اضطرت السكان إلى الهروب من أماكنهم والتمركز فى أماكن متطرفة إلى جوار أبراج الضغط العالى، ووقعت وزارة الإسكان ممثلة فى صندوق تطوير المناطق العشوائية والكهرباء اتفاقية لتطوير 46 منطقة عشوائية أسفل الضغط العالى بكافة المحافظات بإجمالى تكلفة 856 مليون جنيه.
وطالب أهالي عزبة الهجانة بحل مشكلتهم معأسلاك الضغط، إما التعويض بمنازل أخرى أو شقق مقابل إخلاء منازلهم وتركها للدولة، أو ازاحة أسلاك الضغط العالى بعيدًا عن منازلهم، قائلين: "لا نريد سوى عيشة هادئة، ليس معاناة كل صباح، بحرق فلان، وصعق علان".