صرح أحمد خيري، المتحدث الرسمي لوزارة التربية والتعليم والفني، إن فعاليات زيارة الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، لدولة اليابان تمحورت حول دراسة الربط بين خطة إصلاح التعليم الجديدة وتربية الأجيال القادمة على فضائل الحضارة الإنسانية، وبين تجربة تطبيق أدوات نظام التعليم الياباني (أنشطة التوكاتسو) للإرتقاء بالمجتمع الياباني منذ ١٩٥٨وحتى الآن.
وشملت الزيارة العديد من المدارس بمراحلها وأنواعها المختلفة من رياض أطفال، وابتدائي، وثانوي، وزيارة المسؤولين لوزارة التعليم اليابانية، ووكالة اليابان للتعاون الدولي جايكا، ومركز تدريب المعلمين، وجامعة طوكيو.
واستعرضت الزيارة تاريخ اليابان في غرس مفاهيم المجتمع الفاضل المتحضر وتطبيق عملي وعلمي لتربية الأجيال على القيم المشتركة الرفيعة للإرتقاء بالمجتمع وتربية العقل والقلوب، مما فتح أبواب المناقشة حول إمكانية هذه الأدوات التي استخدمت بنظام التعليم الياباني من استعادة فضائل الحضارة المصرية وإحياء المبادئ الطيبة المتعارف عليها بالحضارة الإنسانية بشكل عام والخصائص الإيجابية بالمجتمع المصري بشكل خاص في وجدان الأطفال المصريين، حيث بدأت الزيارة باستقبال يوشيماسا هاياشي الوزير الياباني للتعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا، دكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، في مكتبه،و نقل دكتور طارق لنظيره الياباني خطط الوزارة في إصلاح وتطوير التعليم بمصر وخاصة في مراحل الطفولة المبكرة، كما أعرب عن مدى اهتمام القيادة السياسية بمصر بمشروع إدخال نظام التعليم الياباني بمصر والمعروف بأنشطة التوكاتسو، موضحا انتظار الرئيس نتائج إدخال التوكاتسو لنظام التعليم المصري، والذي من المتوقع أن يتيح للطفل المصري بيئة مواتية لغرس الفضائل الأساسية بداخل وجدان الأطفال من انضباط وتفاني في العمل وحب الأخر والتعاطف والتشاور وأنه بمتابعة تاريخ خطة إصلاح التعليم الياباني منذ ١٩٥٨ حتى اليوم وجد نجاح في تحقيق الأهداف المحددة.
وأوضح "وزير التعليم الياباني "عن المدى الزمني المطلوب لتحقيق التغير الملحوظ في وجدان الطلاب، فالتعليم يحتاج حوالي عشر سنوات للتغيير، كما أكد على أهمية الإدراج التدريجي لأنشطة التوكاتسو عبر السنوات بالمدارس المصرية اليابانية الجديدة، واستمرارية الأنشطة وتكرارها لنجاح التجربة، موضحًا أن الاستمرارية في أداء الأنشطة هو سر النجاح في اليابان،موضحا تقديره العميق لتثمين الإرادة السياسية بمصر للتجربة اليابانية في التعليم، وأنه على المعلم أن يلتفت للنقاط الدقيقة أثناء قيام الأطفال بأنشطة التوكاتسو، حيث إن التوكاتسو من أهدافه تنشئة طفل منضبط متقن لما يقوم به.
ومن جانبه أوضح "شوقي" أن الوزارة تمضي قدمًا نحو تطوير ثقافة الطلاب والمجتمع نحو أهداف إنسانية وقيم مشتركة، تستعيد قيم المجتمع الفاضل والحضارة الإنسانية، مشيرًا إلى أن الوزارة تنتوي شرح ثقافة التوكاتسو التي تتعدي بعض الأنشطة، وتتداخل مع كافة مناحي الحياة ويتحمل مسؤولية تطبيقها الطالب والمعلم والأب والأم والمجتمع، وأنه سيتم شرح هذه الثقافة للمجتمع المصري بشكل عام ولأولياء الأمور بشكل خاص، مستخدمة في ذلك الوسائل الإيضاحية المتاحة من فيديوهات فعلية للأنشطة داخل المدارس اليابانية وندوات مجتمعية وورش عمل عديدة.
وفى اليوم الثاني من الزيارة، قام" شوقي" بزيارة مدرسة كييو الثانوية الصناعية الفنية، التابعة لمحافظة تشيبا التي تستهدف تخريج مختصين في مجالات الميكانيكا والكهرباء والصناعات الإلكترونية وأنظمة المعدات والهندسة المعمارية، حيث تتسم المدرسة الفنية أيضًا باتباع أنشطة التوكاتسو للمحافظة على تحمل المسؤولية والانضباط ودقة العمل والنظافة، وتظهر مظاهر هذه القيم داخل المدرسة مثل المدارس الابتدائية أيضًا.
واستقبلت جامعة طوكيو، وهي من الجامعات المرموقة بالعالم، في اليوم الثالث من الزيارة الدكتور طارق شوقي؛ لبحث فنيات فلسفة التوكاتسو وسبل تطبيقه خارج اليابان، كما تم عرض محاضرة عن التوكاتسو في نظام التعليم الياباني، وعقد فريقا عمل الجانبين جلسة مناقشة مطولة حول النموذج الياباني في التعليم، والأهداف التاريخية وراء ابتكار هذا النموذج لتربية العقل والقلوب، حيث إنه يمكن اختيار أنشطة محددة من الأنشطة المتاحة؛ لتحقيق أهداف مرجوة.
وحدد المجتمع الياباني في أواخر الأربعينيات أهداف التعليم التي تناسبه، وفي نفس السياق يسعى الآن نظيره المصري لتحديد محددات بناء إنسان مصري جديد، ويتبلور ذلك بالاهتمام بالطفولة المبكرة، وبالإستفادة من التجربة اليابانية، واختيار أنسب الأنشطة من التوكاتسو لتحقيق هذه الأهداف، والتي سوف تكون مهمة المدرسة والأسرة والمجتمع بمصر.
كما أكد شوقي" أن فلسفة التوكاتسو تعد أداة تطبيقية لتربية العقل والقلب والروح، لتكوين إنسان أفضل يكون مجتمعًا متحضرًا راقيًا، وأن المجتمع المصري له خصائصه منذ آلاف السنين ولطالما اتسم بحضارة عريقة، مشيرًا إلى أنه قد حان الوقت لإستعادة سمات هذه الحضارة والقيم المصرية باستخدام أنشطة مدرسية مجرب نجاحها بدولة اليابان، تستطيع أن تغرس قيم وفضائل طيبة في قلوب الأطفال وتزرع مظاهر رفيعة للتحضر بعقول الأجيال الجديدة.
وتضمنت الزيارة في اليوم الرابع روضة الأطفال "نيجيشي" التابعة لحي تايتو، والتي جاءت تأكيدًا على أهداف التعليم باليابان منذ الصغر وعلى تطويع الأنشطة المختلفة؛ للوصول لأساليب مثالية لإدارة الحياة مهما اختلف عمر الطالب الياباني، واتسق ذلك مع ملاحظة وجود أنشطة للتوكاتسو أيضًا بالحضانة.
كما تخلل الزيارة اجتماع لمجلس أولياء الأمور للحضانة، وأكد مدير روضة الأطفال على أهمية دور أولياء الأمور ودعمهم للمدرسين خلال تطبيق أنشطة التوكاتسو مع أطفالهم، مما له قيمة روحية بين الطفل ووالديه، ومما يحقق اتساق المعلمين والأطفال وأولياء الأمور على تحمل مسؤولية تربية الطفل للوصول لنفس الهدف حتى تستقيم أهداف التوكاتسو.
وفى اليوم الخامس استقبل "مركز تدريب طوكيو لمعلمي ومسؤولي المدارس" الدكتور طارق شوقي بحفاوة شديدة، واستعرض مدير المركز وفريقه نظام عمل المركز في اختيار وإعداد كوادر المعلمين بطوكيو ابتدًاء من اختبارات اختيار المعلمين، ووضع الجانب الياباني معايير لاختيار المعلم للقيام بمهمة التدريس، وخاصة تحمل مسؤولية تطبيق ونشر الأنشطة الحياتية للتوكاتسو التي ترتكز على تربية العقل والقلب على قيم إنسانية، لإدارة الحياة بشكل مثالي مثل: غرس قيم الانضباط واحترام المواعيد، والنظافة، والتشاور، والتفاني في العمل، والتعاطف مع الأخر، وأن يكون لكل فرد دور إيجابي في المجتمع.
كما تطرق الحديث إلي سبل التنمية المهنية وتقييم أداء المعلمين،حيث يتطلب هذا الاطار معلمًا يمثل مثلًا أعلى للطلاب، وقدوة في تطبيق هذه القيم، ومقتنعًا في المقام الأول بكل أنشطة التوكاتسو المطلوب تربية الأطفال عليها، ونوه مسؤولو المركز عن أهمية التنمية المهنية للمعلمين المستمرة، وأن لمدير المدرسة والمعلمين المميزين دور أساسي في تدريب غيرهم من المعلمين، كما أشار مدير المركز إلى مدى أهمية اعتزاز المعلم بنفسه وبقيم المهنة واحترام المجتمع له.