المراكز التكنولوجية.. فشل حكومي في مواجهة الروتين.. "فوت علينا بكرة" شعار الغربية.. وفي الإسكندرية "مغلقة للتحسينات".. ومواطنون: "زي قلتها"

كتب :

كتبت: أسماء ناصر ـ شيماء السمسار ـ زياد حمادة ـ إبراهيم الأسمر ـ أحمد مرجان

«احصل على خدمتك في أقل وقت وبدون فساد».. كان هو الشعار الذي بنت في سبيله الدولة نحو 600 مركز تكنولوجي، ملحقة بدواوين المحافظات والأحياء والمراكز بهدف تقديم خدمات مميكنة ومتطورة للمواطنين، كما القضاء على الفساد والرشوة والمحسوبية، لكن خطط الدولة لم تسير كما كان مخططا لها أو على الأقل - من قبيل الانصاف- الجزء الأكبر منها، حيث تعاني كثير من تلك المراكز من سيطرة نفس الفكر المتجمد والمتحجر في التعامل مع الأجهزة الحديثة أو شبكات المعلومات أو حتى في التعامل مع المواطنين.

أحد المتعاملين مع مراكز تكنولوجيا المعلومات لخص تجربته في عبارة قاسية قائلا «زي قلتها والروتين مايزال يعطل مصالح الناس» وهو ما أكدته جولة سريعة لـ «أهل مصر» في عدد من المراكز التكنولوجية في محافظات مصر والتفاصيل في سياق الملف التالي..

ـــ مراكز الإسكندرية «مغلقة للتحسينات»

فى الإسكندرية يوجد مركز تكنولوجى بكل حى من أحياء المدينة، ويكون بموظفيه مسئولا عن تقديم كافة الخدمات للمواطنين المترددين على ديوان الحى، وذلك بصورة إلكترونية، وبشكل موثق، وفي أقل وقت ممكن لرفع العبء والمعاناة عن كاهل المواطن.

وتتمثل أهم الخدمات التى يقدمها المركز التكنولوجى بكل حى في (تقديم نسخ إلكترونية بطلبات ترخيص المحال، طلبات تجديد تراخيص الإعلانات، طلب استرداد مضبوطات إشغالات الطريق العام، إستخراج شهادة تفيد سداد غرامات، طلب الترخيص لمحطة التليفون المحمول، طلب التصريح بتوصيل مرافق مياه - إنارة وغيرها من خدمات، شهادة بإتمام أعمال الترميم أو الهدم، طلب الترخيص بإقامة وتشغيل محطة المحمول، طلب تراخيص أعمال بناء، طلب سداد اقساط مسكن).

وكانت البداية فى حى الجمرك بالاسكندرية، حيث يوجد مبنى كبير يعلوه لافتة حديدية مكتوب عليها المركز التكنولوجى لحى الجمرك، وإذا توجهت إليه تجده مغلقا، وعندما تسأل العاملين أين المركز التكنولوجى؟ ولماذا مغلق؟ يردون قائلين «دى مجرد لافته للمركز ويرشدوك إلى غرفة بداخل مبنى مجاور».

ولم يختلف الأمر كثيرا فى حى غرب الاسكندرية، حيث أن واجهة المبنى التى تستقبل المواطنين، لا يوجد بها لافتة للمركز التكنولوجى، وإذا تجولت حول ديوان المبنى الخاص بالحى، تجد لافتة مكتوب عليها «المركز التكنولوجى بحى غرب الاسكندرية أسفلها بوابة مغلقة»، الأمر الذى يعكس دور المركز التكنولوجى فى التعامل مع المواطنين، وأنه لا يوجد أى دور له فى الحى.

وعبر عديد من المواطنين فى الإسكندرية، عن بالغ غضبهم من منظومة المراكز التكنولوجية فى مختلف أحياء والمدينة، مؤكدين أن المراكز التكنولوجية غير مفعلة، وتعمل بنفس صورة الموظف العادى، ولم تقض على الروتين الذى لايزال قائما فى كل المصالح الحكومية وليس الأحياء فحسب.

وقال محمد عطية، أحد أهالى منطقة حى الجمرك، إن المراكز التكنولوجية فكرة جيدة وبالفعل تهدف إلى القضاء على الروتين وتهدف إلى قضاء مصالح المواطن بشكل أسرع وفى زمن قياسى، ولكن هذا لا يتم على أرض الواقع، موضحا «المركز التكنولوجى موجود شكلا فقط وفى المضمون ليس موجودا، وإذا نظرت إلى موظفى المركز التكنولوجى يتعاملون مع المواطن بالتعامل العادى وليس التكنولوجى كما ينبغى، لذا يجب تفعيل دور المركز التكنولوجى وتفعيل الرقابة عليه».

وأضاف آخر «أنا مقدم طلب ترخيص محل فى المركز التكنولوجى منذ فترة ولم يتم الرد علي حتى الان، سواء بالقبول أو بالرفض، رغم مرور أكثر من 25 يوما على تقديم الطلب، أين التكنولوجيا وأين دور المركز التكنولوجى من هذه الواقعة؟».

وفى نفس السياق، أكد مجدى سمير، من سكان حى المنتزه، أن المركز التكنولوجى يحتاج إلى تطوير ويحتاج إلى التفعيل، وكذلك الموظفين العاملين بالمركز التكنولوجى يحتاجون إلى تدريب بصفة مستمرة، لتعلم كيفية تقديم الخدمة بطريقة إلكترونية وفى أقل وقت ممكن، وبشكل سهل ويسير على المواطن.

وأضاف أن المركز التكنولوجى لم يقض على الرشاوى والمحسوبية، طالما أن هناك فوضى فى العمل ودون رقابة.

واستنكر محمد جمال، موظف، طريقة موظفى المركز التكنولوجى بحى وسط، قائلا «بعض الموظفين لايقدرون دور المركز ولا يعرفون الهدف من إنشاؤه، فكيف لهم أن يقومون بتسهيل العمل على المواطن؟»، مطالبا بتشديد الرقابة على المركز وعلى الموظفين بالمركز.

وفى المقابل أكد مصدر مسئول بديوان محافظ الإسكندرية، أن المراكز التكنولوجية، هى ثمرة الجهد المتواصل والتعاون المستمر بين الحكومة ومحافظة الاسكندرية، لتطوير وميكنة الخدمات المقدمة للمواطنين، مشيرا أن المراكز تهدف إلى تطوير خدمات المواطنين بصورة حضارية وسريعة ودقيقة، وتيسير الإجراءات العادية على المواطن والقضاء على الروتين الذى طالما يشكو منه المواطن فى كل المؤسسات الحكومية.

ـــ الخدمة «5 نجوم» في جنوب سيناء

تضم محافظة جنوب سيناء 9 مراكز تكنولوجيا في جميع مدن المحافظة و تم إنشاء هذه المراكز منذ ثلاث أعوام بهدف تحقيق اللامركزية وتسهيل خدمات المواطنين والمستثمرين.

وصرح محافظ الأقليم أن كل مركز يشمل جميع الخدمات الإدارية التي تقوم بها الوحدة المحلية للمواطنين وهو الجهة المسئولة عن التعامل مع المواطنين والمستثمرين الراغبين في الحصول على أي نوع من أنواع الخدمات المقدمة من خلال خدمة الشباك الواحد ودون الحاجة للتعامل مع موظفين الإدارات المختلفة.

وأعلن أن مركز شرم الشيخ وابورديس حصلا علي مراكز في مسابقات وزارة التنمية المحلية، لافتا أن جميع المراكز تعتبر «خمس نجوم» حيث أنها مكيفة وتحتوي علي أجهزة تكنولوجيا حديثة.

وأوضح المحاسب فوزي همام رئيس الوحدة المحلية لمدينة الطور أنه تم تدريب مجموعة العمل بالمركز التكنولوجي التابع للوحدة المحلية على كيفية العمل واستخدام أجهزة الحاسب الآلي وبرامج التشغيل اللازمة لإنجاز الخدمات المطلوبة واستقبال المواطنين والمستثمرين وتقديم الخدمات لهم بصورة ميسرة وحضارية كما تم توفير أماكن لائقة لاستقبال وانتظار المواطنين.

سليم صربوح، من قبيلة الحماضة، قال إن المركز التكنولوجي في ابورديس وفر عليهم الوقت والجهد في الذهاب الى الطور والعودة لتقديم أوراق أو الاستفسار عن أي شيء يخص المدينة، وطالب بإعطاء صلاحيات أكبر لمراكز التكنولوجيا وتزويدهم بالبيانات اللازمة فيما يخص المشروعات بكل أنواعها حتي تتحقق الغاية منها.

عماد السيد، موظف، يقول إن مركز شرم الشيخ يعد نموذجا يحتذي به ففيه يتم تقديم الطلبات والرد عليها بسرعة والتراخيص وخلافة وانتقد قلة أعداد الموظفين في المراكز التكنولوجية وعدم تواصل المسئولين مع الموظفين لمعرفة اراء المواطنين ورد فعلهم عن هذه المراكز.

رباب محمد، من الطور تقول إن مركز التكنولوجي بطور سيناء يعد أفضل المراكز علي مستوي المحافظة فكل الخدمات من ايجارات وتقديم للشقق واستخراج التراخيص وحل المشاكل اتم من خلاله ولكن ينقص المركز سرعة إنهاء الإجراءات ووجود قاعدة بيانات عما يخص المدينة باكلمها حتي يتسني للمواطن معرفة أي شيء.

ـــ «فوت علينا بكرة».. شعار مراكز تكنولوجيا الغربية

فى الوقت التى أعلنت فيه الدولة ثوره معلوماتية ضخمة وإحلال التكنولوجيا والأرقام محل ملفات الأرشيف، تحت عنوان «الشباك الواحد»، ظلت محافظة الغربية غارقة فى الروتين الذى ينتهى والتعاملات الورقية العقيمة، كما ظل المواطن فريسة بين حجرى الرحى إما أن «يدفع ثمن الشاى» أو «فوت علينا بكرة يا أستاذ»، وهو ما دفع الكثيرين لسلك الطرق السهلة وهي مخالفة القانون، فوصلت أعداد المقاهى الغير مرخصة للمئات والعقارات المخالفة لا تحصى والمنازل المهدومة فى كل شارع .

«أمير جوهر»، صاحب كافتيريا بالمحلة الكبرى، يقول «قدمت طلب ترخيص لمركز المعلومات «الشباك الواحد» منذ 7 أشهر، لكن لم أحصل على الترخيص إلى الأن، فاضطررت أن أذهب مراراً وتكراراً للسؤال على الطلب ولكنى لا أسمع سوى جملة «سجلنا الطلب يا أستاذ ومفيش أجهزة كمبيوتر».

وتسائل المواطن: «إذا كانت الدولة غير قادرة على توفير جهاز كبيوتر بالمركز فلما تم إنشاؤه من الأساس؟" ، وتابع ملوحا بيديه «متضحكوش على عقولنا».

وأضافت «ماجد توفيق»، رئيس شئون العاملين بمدينة المحلة الكبرى أن السبب الأساسى لإنشاء تلك المراكز بالمدن هو تقديم خدمات عصرية وحياة أفضل للمصريين فى ضوء تعاملاتهم اليومية مع الجهاز الحكومى وإتاحة المعلومات والبيانات للإسراع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والبيئية والثقافية على مستوى جميع المحافظات، إلا أن الأمر أختلف بمحافظة الغربية وأنحرف عن الهدف الرئيسى ، فالمنظومة لم تفعل بالشكل الصحيح من الألف للياء.

وعلى صعيد متصل انتقلت كاميرا «أهل مصر» لأحد مراكز تكنولوجيا المعلومات بالغربية ، لتجده عبارة عن مكتب لا يتجاوز الأمتار الثلاث، خاوى إلا من عدد من المقاعد ومكتب صدأ يجلس خلفه موظف بلغ من العمر أرذله، يفصله عن الخارج حاجز زجاجى، بينما ملقى فى أحد أركان الغرفة لأفتة تغطيها الغبار، كتب عليها «مركز تكنولوجيا المعلومات».

«على مطاوع»، موظف مركز التكنولوجيا قال «عملت فترة طويلة بأملاك الدولة إلى أن بدء العمل بالمكتب الحالى فى شهر يوليو الماضى، كان العمل فى بداية الأمر غريب إلى حد كبير فلم نعتاد على منظومة الشباك الواحد ، حيث كانت مهمة المركز استخراج "رخص بناء ، رخص هدم ، تصاريح مقاهى ، وغيرها من التصاريح " ، لكن ذلك لم يحدث كيف أعمل وليس لدينا مصدر انترنت أو قاعدة بيانات أعمل من خلالها فبعض التراخيص تحتاج لمكاتبات ولغة أرقام لا تتوافر إلا بوجود شبكة عنكبوتية ، فبدء الإقبال يقل على المركز ومن ثم تم سحب جهاز الكمبيوتر الوحيد الموجود فى المكتب».

وأضاف «شوقى السقا»، موظف بمركز معلومات حى ثانى المحلة «قل الإقبال على المركز بعد سحب صندوق التنمية المحلية لعدد من المهام الرئيسية وأقتصر عملنا على الهدم والبناء فقط ، وكل ما نستطيع فعله هو أستلام الطلب من المواطن وتدوينه بدفتر الطلبات وتقديمه فى أخر اليوم للجهات المعنية ومن بعدها تبدء رحلة المواطن للجرى بين المكاتب».

ـــ مراكز التكنولوجيا بالبحيرة تقدم 60 خدمة للمواطنين يوميا

في تصريحات سابقة لها أكدت المهندسة نادية عبده، محافظ البحيرة، أنه تم تطوير وافتتاح 9 مراكز تكنولوجية جديدة علي مستوي المحافظة ، لتسهيل الخدمات المقدمة للمواطنين ،مشيرة أن تم التعاون بين المحافظة ووزارة التخطيط والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والجهات المعنية المختلفة، بهدف تحقيق نقلة نوعية على مستوى الخدمات والفصل بين مؤدي الخدمة ومتلقيها وتحقيق مبدأ الشفافية في العمل ، بإضافة الي تسهيل أداء الخدمة عبر شباك واحد والتواصل مع المواطنين بشكل حضاري وسريع ودعم متخذي القرار بمعلومات آلية ودقيقة ومكافحة الفساد الإداري.

وأوضح حسين محمد حسنين، مدير المراكز التكنولوجيا بالمحافظة، أن هناك متابعة مستمرة يوميا علي كافة المراكز علي مستوي المحافظة، للتحقق من تقديم الخدمات للمواطنين علي أرض الواقع، مشيرا ان يتم العمل من 8 صباحا حتي 2 مساء، في كافة المراكز علي مستوي المحافظة.

وأشار «حسين» أنه يوجد مراكز تكنولوجية جديدة في مراكز كفر الدوار، والدلنجات، ووادي النطرون، بالإضافة إلى المركز التكنولوجي الرئيسي بالديوان العام بالمحافظة، بالإضافة إلى عدد 5 مراكز أخرى، تم تطويرها على النظام الحديث الذي يتيح سرعة أداء وإجراء عمليات المتابعة، من خلال شاشات ومؤشرات الأداء على مختلف المستويات الإدارية بهدف الارتقاء بمستوى الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين بالمدن والمراكز والعمل على تلبية احتياجاتهم بصورة سريعة وشكل حضاري.

وأوضح أن المشروع يهدف إلى التيسير على الموظف في أداء الأعمال المكلف بها بفاعلية، والتخلص من النظام القديم الذي كان يعتمد على الورقيات، عبر طباعة كل طلبات المواطنين والخطابات الموجهة للجهات الخارجية بشكل مميكن، مع تحقيق الترابط والتواصل بين الإدارات لسرعة استرجاع المعلومات بكل دقة و سرية.

من جهته أكد عصام إبراهيم، مدرس ومقيم في إحدى القرى التابعة لمركز دمنهور، أنه كان يريد عمل تصريح لتوصيل مرافق لمنزله المنشأ حديثاً، حيثُ توجه إلى مركز التكنولوجي بديوان المحافظة لمعرفة الإجراءات اللازمة، مشيرا أن المركز بالفعل يقدم كافة الخدمات بسهولة ويسر عكس ما كان يحدث من قبل.

وطالب عصام محافظ البحيرة، بالإعلان عن خدمات المراكز بكافة الطرق المختلفة لأن هناك الكثير من المواطنين لا يعلم ما هي الخدمات المقدمة للمواطنين من خلال المركز، ومازال الكثير من المواطنين يتبعو الطرق القديمة للحصول على الخدمات.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً