أكد الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين، الرئيس السيسي أعاد الأمان والاستقرار لمصر، وحقق الكثير من الإنجازات خلال فترة قصيرة، وأضاف أن المنطقة تعيش حالة أضطراب، وأن الأزمة لن تنفرج إلا بتكاتف العرب جميعًا، والالتفاف حول مصر ودعمها، فأمن المنطقة وقوتها لن يتحقق إلا باستقرار مصر.
جاء ذلك خلال حوار الملك حمد بن عيسى آل خليفة مع بعثة "مؤسسة الأهرام" برئاسة عبدالمحسن سلامة نقيب الصحفيين ورئيس مجلس إدارة "مؤسسة الأهرام"، بحضور علاء ثابت رئيس تحرير "جريدة الأهرام"، ومحمد إبراهيم الدسوقي رئيس تحرير "بوابة الأهرام"، وماجد منير رئيس تحرير "الأهرام المسائي"، وجمال الكشكي رئيس تحرير "الأهرام العربي"، وأحمد إبراهيم عامر رئيس "مهرجان الأهرام الثقافي"، وهاني فاروق المنسق العام لـ"مهرجان الأهرام الثقافي".
**جلالة الملك.. الجميع يعلم ويثمن مكانة مصر الخاصة لديكم.. هل هذا الحب نابع من منظور سياسي عروبي؟
*تربينا مع مصر منذ أن تفتحنا، فمصر الدولة الكبيرة، ومصدر الثقل والاتزان والثقافة والتاريخ ومهد الحضارة؛ فلذلك نفرح لمصر في الأحداث السعيدة، وإذا صار لها شيء غير طيب، فلا نقبل به؛ لأنه ينعكس علينا جميعًا بالسوء والضرر.
نحن العرب، وأنا في أوائل الصف هوانا مصري، وفي هذه الأيام منطقتنا العربية تتعرض للكثير من المخاطر التي تتطلب الوقوف في خندق واحد، وقوة مصر مصدر قوة للعرب جميعًا، وأن أمن الخليج من أمن مصر، واستقرارها مصدر قوة الأمة العربية ككل.
**كيف ترى وضع المنطقة العربية حاليًا؟
*هذه الأيام إذا نظرنا إلى منطقتنا نجدها في اضطراب كبير وزائد، وأزمتنا لن تنفرج إلا بتكاتف العرب جميعًا، والالتفاف حول مصر ودعمها.
**ما الآمال والطموحات التي ترونها مطروحة أمام القمة العربية في الرياض؟
*في ضوء الاجتماع العربي، سيكون هناك فرصة لرسم إستراتيجية جديدة بشكل أكثر خبرة، بعيدًا من الإستراتيجيات القديمة المستهلكة.
**الإستراتيجيات تحتاج إلى تفعيل جاد.. كيف يمكن أن يتحقق ذلك؟
*نحتاج إلى جهة تدرس هذه الإستراتيجيات بشكل عملي وعلمي، والأهرام لديها مركز متخصص في ذلك، ألا وهو مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، ولدينا في البحرين مركزًا للدراسات الإستراتيجية يلعب دورًا مهمًا وفاعلاً في دراسة كافة الأمور، وأرجو أن يكون هناك تعاونًا مشتركًا بين المركز وجميع المراكز الفاعلة في الوطن العربي لرسم الإستراتيجيات طويلة الأجل.
فإذا اعتمد القادة على مراكز الفكر والدراسات سيكون توجهًا سليمًا، ودور المستشارين أمر مهم جدًا، ففي الولايات المتحدة الأمريكية هناك مجموعات ترسم خطط العمل الإستراتيجية لأي رئيس.
وبقيادة ولي العهد نقدم دراسات إستراتيجية مستقبلية للبحرين 2030، وذلك يحتاج إلى العمل للوصول إلى المطلوب.
**وما الأدوات التي تعتمد عليها في تنفيذ تلك الإستراتيجيات؟
*أعقد بصورة دورية ومستمرة لقاءات مع الشباب المسئولين الذين اعتبرهم الأداة الفاعلة للوصول إلى الشكل الأمثل للتطوير.
فالبحرين بدأت تجربة رائدة في الوطن العربي، طبقنا فيها فكرة فصل الدين عن السياسة، فيجب ألا يكون هناك تأثير للمسجد على السياسة، فغريب أمر من يخرج من المسجد ويبحث عن السلاح، فالمنابر الدينية يجب ألا توجه بشكل خاطئ وألا تنشغل بالانتخابات والسياسة، عن وظيفتها في الإرشاد والموعظة الحسنة.
وفي الإطار نفسه وجهت بفصل الاقتصاد عن السياسة، وكانت تجربتنا في هذا الإطار رائدة في المنطقة العربية، ففي الوقت الذي تكون غير مشغول بالسياسة، نعمل على أن يسير الاقتصاد في منحى بعيد عن السياسة، وعملنا منذ 18 عامًا برئاسة ولي العهد على خطط من شأنه النهوض بالبلاد، ودون أي قيود سياسية، فمربط الفرس في الاقتصاد؛ فالدول التي سبقتنا بالاقتصاد، وليس بالمواقف والكلام.
**هناك بعض التجارب التي اعتمدت على النفط كمصدر رئيسي لبناء الدول.. وانتبهت مؤخرًا للبحث عن تنويع مصادر اقتصادها.. أين تقف البحرين من ذلك؟
*وضعنا خططًا طيبة، وانتبهنا إلى المستقبل منذ 40 عامًا مضت لتنويع مصادر الدخل، وألا تعتمد على البترول كمصدر أساسي، وهذه من فوائد قلة النفط لدينا، فمداخيل النمو والاقتصاد 4.7%، والموارد غير النفطية تصل إلى 7%؛ فالمؤسسات الخاصة والأشخاص في البحرين اليوم أغنى من الحكومة، وذلك غير موجود في دول العالم الثالث.
ولدينا مؤشرات على أرض الواقع تؤكد ذلك؛ فعلى سبيل المثال نسبة البطالة في المملكة تصل إلى 3.4% معظمهم من العائلات التي ترفض لنسائهم العمل، وهذه مسألة اجتماعية، ونطمح أن نصل إلى نسبة "صفر" بطالة.
**هناك بشائر داخل المملكة تعكس رؤى وإستراتيجيات تقوم على دراسات لبناء دولة حديثة، الأمر الذي يدفعنا للسؤال: ما فلسفتكم في ذلك؟
*بكل تأكيد المقدمات الصحيحة تؤدي قطعًا إلى نتائج سليمة، وبالتالي فإننا نقوم بتقدير موقف للمشروعات الكبرى؛ وفقًا لرؤى خبراء ومتخصصين، لا سيما أننا نؤمن عبر تاريخنا بضرورة التشاور والرؤى العلمية الفنية، فلا يوجد مبرر أن تصبح دولنا متخلفة؛ ولدينا الكفاءات والكوادر والعقول والفنيين، فإذا ما التقت هذه البنية البشرية مع الإستراتيجيات والسياسة الصحيحة، فلا شك أنها ستصب في الصالح العام.
**العام المقبل تحتفل مملكة البحرين بمرور 100 عام على التعليم.. كيف أصبح التعليم رهانكم الرابح في استشراف آفاق المستقبل؟
*تمتاز المملكة بأشياء كثيرة، والفضل يعود للخطة التعليمية التي وضعها معنا الخبراء المصريون، فقد أدركنا مبكرًا أهمية الاستثمار في التعليم كسلاح يحصن عقول الشعب ضد الأفكار الظلامية، ويدفعهم للبناء والتطوير، فنحن مؤمنون بمقولة "أطلبوا العلم ولو في الصين".
**العلاقات بين الدول تمر بمنحنى وهبوط، لكن العلاقة المصرية البحرينية شديدة الخصوصية وفي صعود دائم.. ما تعليقكم؟
*أشكركم على هذا السؤال، وهذه ملاحظة في محلها.. نعم العلاقة في تطور وصعود على كافة المستويات، وعبر قادة المملكة تاريخيًا، وأذكر أنه في عام 1927 عندما حصل أحمد شوقي على لقب أمير الشعراء، أرسل له جدي السعفة الذهبية، واعتبرنا أن هذا الحدث هو أحد أهم الروافد والجسور بيننا وبين مصر.
أيضًا تمتد العلاقة لتضرب بجذورها في عمق التواصل والجسور، فيحضرني قصة إرسال خيول من سلالة بحرينية إلى الخديو إسماعيل، ومازالت هذه السلالة متوارثة ومسجلة في مصر إلى الآن.
**الرجعية والأصولية التي تحاربونها تقودنا إلى سؤال يتعلق بمشروع إيراني يرتكز على نظام الملالي الذي يهدف إلى تفريق المنطقة.. وفي القلب البحرين.. فكيف ترون هذا الخداع الإيراني؟
*في البحرين الحياة متطورة، وذلك أمر لم يعجب جيراننا، فالانفتاح الموجود لدينا ليس موجودًا لدى البعض وأقصد هنا إيران فهم فشلة، ونحن نواجه بحسم أي تدخلات من شأنها الإضرار بأمننا والأمن القومي العربي، وأشقاؤنا العرب لم يقصروا بشأن التأييد والتنسيق لمواجهة نظام الملالي الإيراني، فالسياسة والتمدد الإيراني التخريبي أمر واضح، والدفاع عن النفس حق شرعي.
**بعد مرور 7 سنوات على أحداث 2011 بالمنطقة العربية.. كيف انعكست هذه الأحداث على مملكة البحرين؟
*ما سمي بالربيع العربي تخريبيًا لتقسيم وتفتيت الدول، فنحن واجهنا هذا المخطط منذ 11 عامًا مضت، وبالمناسبة هناك تشابه كبير في سير هذه الأحداث في مصر والبحرين، وصحيح أن مصر اختل توازنها لفترة، لكنها استعادت قوتها وريادتها بفضل الشعب الذي واجه المؤامرات خلال ثورة 30 يونيو التي استطاعت أن تعيد الاستقرار في مصر.
**إرهاصات التآمر والتخريب بدأت قبل عقود كثيرة.. فكيف تقرأ جلالتكم خريطة القوى الداعمة لهذه المؤامرة؟
*قلة مؤيدة للتخريب والتآمر، فغالبية الدول العربية كانت ضد إدخال القوى التخريبية إلى مجتمعاتنا، وقطر لم تستطع الصبر وكشفت عن نفسها.
وهنا لن ننسى مبادرة العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ودعوته إلى اجتماع لمواجهة المخاطر في 2013، والسبب كان المؤامرة على مصر، فقطر احتضنت إرهابيين ضد مصر، ولم تلتزم بمخرجات الحوار، وتم عقد الاجتماع التكميلي عام 2014، والذي تضمن 13 بندًا، ولم تلتزم بهم أيضاً بل وصل بهم العناد والصلف والمكابرة إلى أن أحد وزرائهم قال بعد وفاة الملك عبدالله بأن الاتفاقية دُفنت معه، وبدأت تتصرف بأنها لم توقع شيئًا، وساروا في طريقهم المعادي وظنوا أنهم على صواب، وتحلينا بأعلى درجات الصبر، لكن الآن نستطيع القول بأن الفرصة فاتتهم.
**في ظل إصرار قطر على هذه السياسة.. هل من الوارد طردها من مجلس التعاون الخليجي؟
*للأسف قطر تغرد خارج السرب منذ زمن طويل، ومع ذلك فإن طردها من مجلس التعاون الخليجي أمر غير وارد، وعليهم أن يعودوا للعروبة وقيم الإسلام والسلام والتكاتف؛ بدلًا من أن يكونوا مرتبطين بما يأتي لهم من أوامر من الخارج، والمطلوب منها أن تغير من سياستها التي ليست لها ارتباط بالخليج والأمة العربية.
ومنظومة التعاون الخليجي ما زالت مثالية، وخروج قطر عن السرب لن يؤثر عليها؛ لأنها ستعود في النهاية إلى رشدها، فقطر تمثل شارعًا في مصر، والشيخ زايد - رحمة الله عليه - وصفها بأنها بمثابة فندق في مصر.
ومع ذلك أؤكد أن قطر أهلنا، ونعرفهم جيدًا لكنَّ لديهم شخصين أو ثلاثة يستقوون بالخارج، ومن المستحيل خروج قطر من السرب الخليجي، فمهما اتخذنا من قرارات رادعة، إلا أنها لن تصل إلى هذا المستوى، فالحديث الإعلامي في هذا الشأن أضخم بكثير من الواقع، وقطر عندما تتحدى مصر لا يمكنها الاستمرار في ذلك.
وعندما وضع قادة الخليج ميثاق شرف لمواجهة إيران، لم يخل به أحد سوى قطر، فهم يجندون أكبر شركات العلاقات العامة في العالم لتنفيذ الأوامر التي يتلقونها من الخارج، وطالب البعض في البحرين بالاستعانة بشركة أو اثنتين للعلاقات العامة الأجنبية؛ لمواجهة هذه المعلومات المغلوطة، ولم يتجاوب أحد مع هذا المطلب؛ لأن تكاتف الشعب لدينا يغنينا عن مثل هذه الشركات.
**تلقيتم مؤخرًا رسالة من أمير الكويت.. فهل لها علاقة بالوساطة الكويتية مع قطر؟
*رسالة الأمير الكويتي لم يكن فيها إشارة لقطر، ولكنها كانت تقديرًا لمشاركة البحرين في احتفالات الكويت الوطنية.
**فيما يتردد عن وجود اجتماع في الولايات المتحدة الأمريكية بين دول التحالف الرباعي وقطر، برعاية الرئيس ترامب للوساطة.. هل تلقيتم اتصالًا من الإدارة الأمريكية بشأن ذلك؟
*الدعوة مجرد كلام يتم ترويجه عبر وسائل إعلام، ولم يصلني أي دعوة، وأراه جس نبض لرؤية ردود الفعل؛ ولمعرفة مدى إمكانية أن تكون هناك قمة بهذا الشأن، ولا يمكن بحث قضية في هذا الشأن دون وجود مصر، فهي الدولة الكبرى، ونحن متفقين مع مصر في كل الإستراتيجيات، وأعتقد أنه عندما تستقر كل الدول العربية ستنضم إلى التحالف الرباعي العربي، الذي سيكون بمثابة نواة لكيان عربي أفضل، يضم مستقبلًا ليبيا وتونس واليمن والسودان.
**هناك دول عربية تم تخريبها بالكامل.. تحت دعاوى الحريات.. وإسقاط النظم الديكتاتورية.. كيف ترى الأوضاع في العراق وليبيا؟
*ضرب العراق واحتلاله من الأساس كان دون سبب، وعندما احتلت العراق الكويت، تم الرد عليها بكل قوة، لكن تدمير العراق بحجة الإرهاب كان سببًا واهيًا، وإذا نظرنا إلى ليبيا فقد تخلصوا من القذافي ليصبح في ليبيا 40 "قذافي".
**تحت شعار "معًا ننتصر على الإرهاب" أعلنتم رعايتكم الكريمة لمهرجان الأهرام الثقافي للدورة الثانية في البحرين.. هل سيكون هذا المهرجان باكورة تعاون ثقافي مشترك لمواجهة الظلام؟
*نحن جاهزون، وهذا جزء من المشروع الثقافي المشترك، ووجهت وزير الإعلام باتخاذ الإجراءات اللازمة لإنجاز هذا المشروع الثقافي المهم الذي يشكل نواة فكر إستراتيجية مهمة عمادها الثقافة.
**سيناء هي البوابة الشرقية للمنطقة، وهي البؤرة التي استقبلت الإرهاب العائد من الدول العربية، وما يحدث في سيناء من حرب ضد الإرهاب نيابة عن المنطقة بأكملها، ولا سبيل لتجفيف منابع الإرهاب سوى بالتنمية.. هل ستكون المملكة حاضرة بمشروعات استثمارية؟
*لن نتوانى لحظة واحدة في المشاركة في الاستثمارات والمشروعات الكبرى التي من شأنها تحقيق التنمية في سيناء، فاستقرار وتطهير هذه المنطقة بمثابة أمان لنا جميعًا، وليس لدي أدنى شك في ذلك، فقد قمت بتطوير بيتي في شرم الشيخ وأراهن على استمرار الاستقرار.
**مصر مقبلة على انتخابات رئاسية، وفترة رئاسية ثانية للرئيس عبدالفتاح السيسي.. ما رسالتك للمصريين؟
*لو كان لي صوت انتخابي لأعطيته للسيسي، فلا يوجد أفضل من النظام الحالي بمصر في ظل حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أعاد الأمان والاستقرار، كما حقق الكثير من الإنجازات خلال فترة قصيرة، وقد شاهدت على أرض الواقع هذه الإنجازات في افتتاح قناة السويس الجديدة التي تمثل أهمية قصوى في نهضة الاقتصاد المصري، بجانب مئات المشروعات القومية الكبرى.
**سؤال أخير.. كيف ترى الزيارة الأخيرة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى مصر؟
*زيارة ولي العهد السعودي لمصر توثيق للعروبة.