أثار الحكم الصادر الأسبوع الماضي من محكمة جنايات الجيزة، ببراءة متهما في القضية المعروفة إعلاميا بـ«بمذبحة إمبابة»، بتهمة القتل العمد، بعد قضاءه 7 سنوات كاملة داخل السجن، على ذمة القضية، وغيرها من أحكام البراءة لعدد من المحبوسين احتياطيًا، بعد قضائهم فترات حبس امتدت لسنوات، الحديث عن مسألة تعويض هؤلاء مادياً ومعنوياً.
وهو ما دفع عدد من أعضاء لجنة الشئون الدستورية والتشريعية للتأكيد على أن قانون الإجراءات الجنائية الجديد، والذي يتم مناقشته بعد تقديم الحكومة لمشروعها، سيتضمن أمرين الأول تقصير مدد التقاضى لتحقيق العدالة الناجزة، والثاني اجراءات الحبس الاحتياطى وشروطه ومدته إضافة إلى تعويض المتضررين منه إلتزاما بالنص 54 من الدستور.
النص القانوني
قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 لم يتضمن عند إصداره أية نصوص تحكم عملية التعويض عن الحبس الاحتياطي، وعلى جانب آخر لم تكن هناك أحكام قضائية صادرة تناقش تلك المسألة، وهو ما جعل الفقه ينتقد ذلك الوضع نقدا شديدا، لكن بحلول عام 2006، وعلى إثر التعديلات الكبيرة لقانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 145 لسنة 2006، أضيفت مادة جديدة، وهى المادة 312 مكرر قرر فيها مبدأ التعويض عن الحبس الاحتياطي.
- المادة 312 مكرر
جاء نص المادة (312 مكرر) على الوجه الآتى: "تلتزم النيابة العامة بنشر كل حكم بات ببراءة من سبق حبسه احتياطياً، وكذلك كل أمر صادر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله فى جريدتين يوميتين واسعتى الانتشار على نفقة الحكومة، ويكون النشر فى الحالتين بناءً على طلب النيابة العامة أو المتهم أو أحد ورثته وبموافقة النيابة العامة فى حالة صدور أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى.
يقول الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية، ومحامي المتهم الحاصل على البراءة بعد 7 سنوات، إن الدستور الحالي عمل على تصحيح الخطأ المتواجد في الدساتير السابقة وحدد في المادة 54 منه ضرورة تعويض المحبوس تعويضاً مادياً وأدبياً بأن يكون التعويض الأدبي من خلال إرسال تقرير البراءة لنشره في الجرائد الرسمية.
أما عن التعويض المادي فقال مهران، إن الدستور أجاز صرف تعويض مادي عن فترة الحبس الاحتياطي، ولكنه لم ينظمها فقد اختلفت القيمة المالية، وهل هي تعويض أم هي تغريم من الدولة عن الفترة التي قضاها في الحبس؟ لافتا أنه خلال مناقشات التعديلات ببرلمان الإخوان انتهت إلي أن التعويض خمسة جنيهات عن اليوم الواحد، والبعض قال 50 جنيها عن اليوم، لكن في كل الأحوال لن تصل القيمة إلى 100 مليون جنيه.
ويوضح المستشار أحمد سكر، أن الحبس الاحتياطي هو إجراء من إجراءات التحقيق، ويعتبر أشد أنواع إجراءات التحقيق، لأنه يفيد المشتبه فيه، أو المتهم قبل أن تنطبق عليه التهمة، ولذلك نص المشرع الجنائي على أن الحبس الاحتياطي يكون في الجنايات أو الجنح، التي تزيد العقوبة فيها عن سنة، ولا يجوز في الغرامات.
وتابع، أنه بالإضافة إلى ذلك فإنه يجب أن يكون في مجال خشية هروب المتهم، أو تأثيره على التحقيق أي تدابير احترازية، فهنا تقضي التشريعات الفرنسية والإيطالية بتعويض المحبوس احتياطيًا عن كل يوم قضاه في الحبس الاحتياطي تعويضًا ماديًا وأدبيا لرد الاعتبار.
ولكن الوضع في مصر يختلف عن هذا, أولا لأن مدة الحبس الاحتياطي غير محددة أي يستطيع القاضي أن يجدد مددا متتالية، وهذا يعني أن الحبس الاحتياطي أصبح «عقوبة مقنعة».
من جهته يقول طارق نجيدة، المحامي، إن القانون لم ينظم الحالات التي تستوجب التعويض حتى الآن، إذ لابد من إصدار قانون يعمل علي ذلك الأمر أو نسبة التعويض المدفوع.
- حلول أخرى
يري قانونيون ومحامون، أنه يمكن عدم وضع الدولة في هذا الموقف إذا قمنا بتفعيل نصوص القانون الموجودة ولاتحتاج لتشريعات جديدة ونعفي الدولة من مثل هذه التعويضات إذا فكرنا بطريقة أخري وهي تفعيل روح القانون الموجودة حاليا التي تتطلب في الحبس الاحتياطي مبررات مقنعة مثل الحبس لصالح التحقيق أو لعدم معرفة هوية محل إقامة المتهم، بالإضافة إلي إمكان استبدال الحبس الاحتياطي بحلول أخري، مثل وضع المتهم على قوائم الممنوعين من السفر أو التنبيه عليه بإلتزام مسكنه الخاص مع تقديم نفسه للشرطة مثل الذي يحكم عليه بالعقوبات التبعية أو التكميلية( رقابة الشرطة) وبذلك تحقق أمورا كثيرة لصالح المتهم ولصالح الدولة.
من العدد الورقي