«يدعون لدين جديد» عنوان أزمة التشكيك في الكتاب المقدس التي استمرت مشتعلة للأسبوع الثاني على التوالي، واعتبار الأساطير رمزية، وهي المدرسة التي تبناها النائب البابوي لأمريكا الشمالية الأنبا أنجيلوس، ورهبان مدرسة الإسكندرية وعدد من كهنة شيكاغو وأيضا بعض علمانيين الأقباط، في المقابل دافع عن الأنبا رافائيل والأنبا موسى وعدد من كهنة ورهبان الكنيسة عن الكتاب المقدس ضد المشككين معتبرين أن الهدف هو نشر الإلحاد بين الشباب والدعوة لدين جديد.
يقول مينا أسعد، منسق رابطة حماة الإيمان الأرثوذكسي، إن ديانة العصر الجديد هي توجه عالمي يقوده بعض الشخصيات المعروفة، ومن أهدافها ذوبان الأديان السماوية بكاملها، والتشكيك في ثوابت كل عقيدة، عن طريق الترويج لديانات شرق آسيا وما تخللها من عبادات شيطان، وتصبغها بصبغة دينية حسب الديانة المراد اختراقها.
ويضيف: «الأخطاء التعليمية والتشكيك في ثوابت الدين والعقيدة هدف أساسي، وأحيانا يكون الغرض منه تشتيت التكتلات للسيطرة على الشعوب، وظهرت إشارات واضحة جدا في بعض الكتابات المنسوبة للكنيسة القبطية الارثوذكسية مثل كتاب "صلاة القلب"، والصادر عن ما يسمى مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية، وامتزجت باللاهوت الليبرالي التحرري الذي ستكون نتيجته في النهاية ليس ترك الدين ولكن التوجه نحو الالحاد».
من جانبه يقول القس لوقا راضي، كاهن كنيسة ماري يوحنا المعمدان الأرثوذكسية، إنه منذ فترة نرصد ما يدبر باتقان لصناعة ارتباك وفوضى في كل مناحي الحياة لاعداد العالم كله لاستقبال نظام عالمي جديد ودين عالمي موحد، وفي سبيل هذا الاتجاه يحدث تغييرا شاملا فى كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية وتكوينات الدول حتى الدينية لم تنجو من هذه التيارات.
وأضاف راضي أن كل موسسة تحارب وبعنف لخلخلتها ومن بين هذه المؤسسات التى تحارب حتى لا تضعف الايمان المسيحي عامة، والكنيسة القبطية الأرثوذكسية خاصة، و ربما لا نتفق أن الكنيسة مؤسسة لكن نتفق أنها أقدم كيان فى العالم باقي إلى الآن من حيث القدم والاصالة والمحافظة على الهوية والاصول مع كيانات أخرى دينية قديمة مثل الفاتيكان التي لها من العمر ألفي عام وأكثر.
وأوضح أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تصر على مبادى أساسية من أجل هذا يعمل كثيرين لخلخلة تلك الثوابت، لنخرج على الكنيسة، وستخرج جماعات وأفراد من خارج الكنيسة ومن الداخل تهاجم بضراوة تلك الثوابت التي بنيت على يقين وتعاليم نقية مهاجمة مفهوم الخلاص وتنادي باسطورية أدم وحواء والإحدى عشر إصحاحا الأولى في سفر التكوين، وإن نجح هؤلاء فى بث سمومهم بأن أدم شخص خيالي رمزى، فلن يستطيعوا أبدا لان كلمة الله أمضى من كل سيف ذى حدين، فبالتالى يشككوا في أسرار الكنيسة وتعاليم أبائها.
خالفهم الرأي المفكر القبطي كمال زاخر، قائلا إن أروقة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تشهد هذه الأيام مواجهات كلامية متصاعدة بين تيارات متعارضة داخلها، حول بعض التأويلات العقائدية، تصل إلى الإتهام بالهرطقة، والخروج عن الأرثوذكسية وعليها، وهي مواجهات متوقعة لمن يقترب من الفضاء الكنسي ويتابع إشكالياته، ويقرأ بموضوعية مشوارها عبر النصف قرن الأخير من القرن العشرين، بالتوازي مع التغيرات التى شهدها المجتمع العام، والتحولات التى إجتاحت العالم بأسره، فيما عرف بثورة الإتصالات وشيوع المعرفة والتى خلخلت أساسات وربط المجتمعات الأبوية.
وأضاف زاخر: و«عجل من تفاقم هذه المواجهات الرحيل القدري للبابا شنودة الثالث، ومجئ قداسة البابا تواضروس الثاني على غير توقعات وحسابات أطراف عديدة، أبرزهم من يحركون ويدعمون هذه المواجهات، والتي صارت مواجهات "بالوكالة"، ويفاقم من الأزمة غياب الشفافية والمكاشفة والحوار المباشر، ولهذا يتم توسيط آليات العالم الإفتراضي، لتصيب سهامه بسطاء المتلقين، وشباب الأقباط الذين يهجرونها أو ينسلون منها، ويطرح بذار الشك في أساسيات الإيمان».
ويستطرد: «خيوط المواجهات التي تتداول فى الأروقة القبطية أضعها أمام مجمع أساقفة الكنيسة باعتباره السلطة العليا بها، عسى أن يشكل لجنة مجمعية وعلمية من المختصين المدنيين من خارج المجمع، لفحصها وبيان مدى مصداقيتها واتخاذ ما يلزم ازائها».
وأرجع "زاخر" جذور هذه المواجهات للخلاف بين قداسة البابا الراحل شنودة الثالث وبين الأب متى المسكين والأنبا غريغوريوس والدكتور جورج حبيب بباوي، حول العديد من القضايا الكنسية واللاهوتية، و تبنى المطران الأنبا بيشوي مطران دمياط قيادة المواجهات فى عهد البابا شنودة وبعد رحيله عبر العديد من الآليات وخصص لها ما عرف بمؤتمرات تثبيت العقيدة، بدعم لوجستي من عدد من الأساقفة تم تشكيل مجموعة بإسم "حماة الإيمان" وتم تصديرها كواجهة لتعقب وترويع من يرونهم خارج خطهم الفكري، فى ظاهرة كارثية جديدة.
من العدد الورقي