مع بدء موسم الدعاية الانتخابية والتى انتشرت بكافة شوارع المحافظات، التقت "أهل مصر" بأقدم عائلة اشتهرت بالخطوط العربية، وتعتبر من أولى العائلات التى امتهنت مهنة الكتابة على الأقمشة للدعاية الانتخابية عائلة "خضير الخطاط".
يقول الدكتور مصطفى خضير، أستاذ الخطوط العربية العالمي: "ورثنا المهنة من جدنا الأكبر الذي وضع البذرة وقمنا بعد ذلك بتطوير المهنة وتنميتها، فهى بمثابة فن وهو الخط العربي والرسم، كان في الماضي العمل عبارة عن (بوية) لكتابة يفط المحلات باستخدام فرشة حسب اللون، أو ورقة لأي مصلحة تكتب بحبر معين، بشغل يدوي، وكان هناك مهارة وإظهار فني للخطاط، وكانوا يتنافسون على إظهار مواهبهم من خلال الكتابة بخط جميل ونستخدم أكثر نوع من الخط: ثلث - فارسي - نسخ - ديواني - رقعة - كوفي، وبحسب وضع الاسم ومقاس اللوحة تتحدد نوعية الخطوط المستخدمة".
وأشار "خضير" إلى إن موسم الانتخابات "كنا نكتب ورق الدعايا واللافتات القماشية، ومطبوعات صغيرة، وتطورت أساليب الدعاية لتكون اليفط القماش البيضاء إلى يفط قماش بلون غامق ويكتب عليها باللون الأبيض حتى تظهر بشكل أفضل، وبالطبع تستغرق جهد أكبر وتكلفتها أعلى، أيضًا رسم صورة للمرشح على خشب".
ويتابع "الخطاط": "ومع التطور فتحنا مدرسة الخط في بورسعيد لتعليم كل من يهوي المهنة والخط أساليب وطرق الخط المختلفة، وأصبح المرشح يحضر 2 أو 3 من خريجي المدرسة لكتابة اليفط ويوفر لهم المعدات اللازمة، وبصراحة هذا أفقد الفن الكثير؛ فتركنا مهنة الكتابة على القماش بسبب الأسعار والتكنولوجيا، وتوجهنا للعمل في يفط المحلات حيث كانت تعمل بالدهان والبوية ثم تطورت إلى حروف الخشب، ثم البلاستيك البارز، والبلاستيك بالضوء".
بداية التطور التكنولوجى ودخوله عالم الدعاية الانتخابية:
وفي أوائل التسعينيات، ظهر المنافس الخطير للخطاط وهو الكمبيوتر، وهو مشكلته ليست الخط ولكن المصمم الذي يتعامل مع الكمبيوتر والخطوط بدون خبرة الخطاط نفسه، الذي يتعامل مع خطوط لا يفهمها ولم يدرسها ولا يعرف أبعادها ومقاساتها، ثم بدأت شركات الإعلانات في الانتشار التي تعتمد على أي خطاط أو مصمم، ولكن هذا كان جيد للمرشح حيث أتاح الكمبيوتر له وضع صورته ورمز شعاره مع اسمه في لوحة واحدة بالألوان".
وتابع خضير: "في البداية كانت الأسعار غالية والخامات مستوردة من أمريكا، وكان المرشح بيعمل عدد قليل ممكن 3 أو 4 لوحات فقط، ومع التطور ودخول الماكينات والمواد الصيني انخفضت الأسعار وأصبح المرشح يعمل أكثر من 500 لوحة".
انسحاب الأسرة من عمل الدعاية الانتخابية
وأكد: "نحن كأسرة خضير لم نعد نعمل في الانتخابات واليفط القماش مثل الماضي، ولكن نعمل في أشياء محددة خاصة مع ملل الناس من التكرار وتشابه اللوحات، فهناك زبائن لا يفضلون الكمبيوتر ويأتون إلينا لأننا من علمنا الكمبيوتر ولم يعملنا الكمبيوتر؛ فخطوط الكمبيوتر مقتبسة منا ولكن يستخدموها بالخطأ، إحنا بنشتغل دلوقتي شغل المزاج، أنا راجل فنان وما زالنا نعمل في اللافتات البلاستيك ونبتكر أساليب في التنسيق بين الحروف والإضاءة ونوعية الخط؛ فالدعاية والخط العربي فن وليست فوضى.
أسعار الدعاية الانتخابية بين الماضى والحاضر
وعن انخفاض الأسعار بسبب التكنولوجيا، أوضح أن العمل اليدوي مرتفع التكلفة؛ فاللافتة القماش كانت تتكلف 50 جنيه في الماضي بمقاس 5 أو 6 أمتار، بينما اللافتة الكمبيوتر قد تصل إلى 150 جنيه، وتتميز بأنها ستوفر الوقت للمرشح وتتيح إضافات عديدة مثل صورة المرشح وتداخل عدة ألوان وغيرها، بجانب تصميم اللوحة مرة واحدة وطباعاتها مئات أو آلاف المرات، ففي الماضي كنت بعمل يافطة المحل من 50 إلى 100 جنيه أمام حاليًا فلا يكفي 2000 إلى 3000 جنيه للقيام بعمل يدوي مثل ما كنت أعمله في الماضي، ولكننا نستبدل ذلك بكتابة الاسم بطريق تركيب وفورمة مميزة مقابل الـ2000 جنيه؛ فالعمل الفني الرائع من إيد استاذ في الخط عالي التكلفة.
ولفت إلى إن "اليفط القماشية" أسعارها ارتفعت جدًا بسبب ارتفاع سعر الخامات؛ فجميع الخامات أصبح مستوردة، وما كنت تشتريه بـ10 جنيه أصبحت بـ25 جنيه، أي زاد سعرها مرة ونصف، إذ كنا في الماضي نعمل 5 "يفط"؛ فاليوم نعمل "يافطة" واحدة.