على الطراز الفرعوني، وبما يشبه معبد الأقصر، وعلى مساحة أربعة آلاف متر مربع، بكورنيش النيل بالمعادي، يقف صرح عظيم، يزيد بعبقريته المعمارية قيمته القضائية، فأربعة أدوار حضارية التصميم تمثل السلطة القضائية الأعلى في مصر.
«المحكمة الدستورية العليا»
هي المحكمة العيا في مصر، وتقع عليها المسؤولية الأولى في مراقبة القوانين ومدى تطابقها مع مواد الدستور، وإقرار إلغاء القوانين المخالفة لنصوص الدستور الذي تتبعه البلاد، كما أنها مسؤولة عن تفسير النصوص القانونية، والفصل في طلبات وقف تنفيذ الأحكام الصادرة من هيئات التحكيم المشكلة للفصل في منازعات الحكومة والقطاع العام، كما تتولى مهمة الفصل في مسائل تنازع الاختصاص، حيث تقوم المحكمة الدستورية العليا بتحديد المحكمة المختصة وظيفيًا في حالة وجود تنازع بين سلطتين. ويشترط في ذلك التنازع عدة شروط لكي تستطيع المحكمة العليا تحديد المحكمة المختصة وظيفيًا، حيث يجب أن يكون التنازع أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ويجب أن ينشأ التنازع من حكمين حسما النزاع في موضوعه حسمًا باتًا، كما يشترط كون الحكمين متناقضين تناقضًا من شأنه جعل تنفيذهما معًا أمرًا متعذرًا، وأخيرًا يشترط صدور الحكمين محل التنازع على التنفيذ من محكمتين مستقلتين وظيفيًا.
«المحكمة الأم لتنفيذ الدستور»
وبدأ الحديث فعليًا عن إنشاء محكمة تراقب على دستورية القوانين، في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث أصدر الرئيس قرارًا بالقانون 81 لسنة 1969 بإنشاء المحكمة العليا التي تأسست فعليًا في عام 1970، وتولت مهمة الرقابة الدستورية، وظلت المحكمة العليا تمارس مهامها الدستورية الموكلة إليها حتى تأسيس المحكمة الدستورية العليا في 1979.
وظهرت تسمية "المحكمة الدستورية العليا"، مع صدور دستور 1971، بأنه على المحكمة التي تنظّم رقابة دستورية القوانين، وجعلها هيئة قضائية مستقلة، بعد ذلك صدر قانون المحكمة الدستورية العليا بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ونظّم القانون عمل المحكمة، وتشكيلها، واختصاصاتها؛ لضمان استقلالها عن السلطة التنفيذية.
وبعد أحداث ثورة 25 يناير في 2011 وبعد انتخابات الرئاسة المصرية في 2012، وإقرار دستور جديد عرف باسم دستور 2012، نص الدستور على أن تستمر المحكمة الدستورية العليا جهة قضائية مستقلة، مقرها مدينة القاهرة، تختص دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح.ويحدد القانون إختصاصتها الأخرى، وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها.
«الهيئة القضائية للمحكمة العليا»
وكانت هيئة المحكمة تتكون من رئيس و نائب أو أكثر للرئيس وعدد كاف من المستشارين. تصدر أحكامها من سبعة مستشارين لكن حدد الدستور الجديد تشكيلها من رئيس وعشرة أعضاء، على أن يبين القانون الجهات والهيئات القضائية أو غيرها التي ترشحهم، وطريقة تعيينهم، والشروط الواجب توافرها فيهم، ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية، كما نصت المادة (177) من دستور 2012 علي تحديد اختصاص المحكمة الدستورية العليا في تقرير مدي مطابقة مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات التشريعية والمحلية للدستور قبل إصدارها، ولا تخضع القوانين المشار إليها للرقابة اللاحقة المنصوص عليها في الفقرة الأولي.
«رؤساء المحكمة»
تولى أمر المحكمة الدستورية العليا 15 رئيسًا حتى الآن، هم المستشار أحمد ممدوح عطية (1979-1982) ، والمستشار فاروق محمود مصطفى سيف النصر ( 1982 – 1983)، والدكتور فتحي عبد الصبور عبد الله ( 1983- 1984)، ومحمد علي راغب بليغ (1984- 1987) ، ومحمود حمدي عبد العزيز (1987 مايو - أكتوبر 1987) ، وممدوح مصطفى حسن (أكتوبر 1987 – 1991)، والدكتور عوض محمد عوض المر ( 1991- 1998)، ومحمد ولي الدين جلال (1998-2001)، والدكتور محمد فتحي نجيب (2001-2003) ، وممدوح محي الدين مرعي (2003-2006)، وماهر سيد إبراهيم عبد الواحد (2006-2009)، وفاروق احمد سلطان مكي (2009-2012012)، وماهر علي أحمد البحيري (2012-2013)، والمستشار عدلي منصور (2013-2016)، وآخرهم المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، والذي يتولى مهام الرئاسة منذ بداية يوليو 2016.
«عبقرية المبنى»
وافتتح الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، مبنى المحكمة الدستورية الحالي، في 15 يوليو 2001، و الذي أقيم على طراز معبد الأقصر على 14 مسلة فرعونية بالدور الأرضي و14 مسلة من الطابق الأول حتى الطابق الرابع وقد روعي الاستفادة من تصميم المعابد المصرية والأعمدة والتيجان المزينة بزهرة اللوتس والبردي، وبلغ ارتفاع الأعمدة 28 متراً، كما أقيمت نافورة على شكل زهرة اللوتس.
ويتكون المبنى من أربعة أدوار متكررة، بخلاف البدروم والأرضى، بالإضافة إلى قاعات الجلسات والمؤتمرات والاحتفالات وصالونات لكبار الزوار، ومكتب رئيس المحكمة و33 مكتباً للمستشارين، ومكتبة قضائية، وكافتيريا ومكاتب للموظفين ومقرًا لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية، بالإضافة إلى مسطحات خضراء، وتم تجهيز المبنى بأحدث تكنولوجيا العصر المزودة بأحدث التقنيات، بالإضافة إلى شبكة حاسبات آلية ودوائر تليفزيونية.