عيد الأم ذلك اليوم الذي يحتفل به برمز الحنان والأمان والسعادة والرخاء، والتي هي بمثابة الشمعة التي تضيء لنا الحياة، ويكون الإحتفال عن طريق جلب الهدايا التي تعبر عن مدي إخلاص الإبن تجاه والدته، بل وتزيد في القرب، ولقد حثت الأديان السماوية، الإسلام، والمسيحية، واليهودية عن فضل الأم ومكانتها ، فلقد اهتم الدين الإسلامي بالأم أيما اهتمام وجعلها في مكانة سامية في البر تعلو مكانة الأب، بكونها عانت كثيراً بحمل طفلها في بطنها تسعة أشهر، وسهرت به الليالي ولم تتردد ولو للحظة أن تهب عمرها فداءاً له، ولقد رُوي أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله "من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك، قال ثم من قال أمك، قال ثم من قال أمك، قال ثم من قال أبوك " فلقد ذكرت الأم ثلاتة مرات والأب مرة واحدة فهذا يدل على عِظم مكانتها .
وأما بشأن المسيحية ، فلقد اهتمت كثيراً بفضل الأم ومكانتها فجاءت نصوص عدة تبين مكانة الأم ، ومن تلك النصوص " المخرب أباه والطارد أمه هو ابن مخز ومخجل ( سفر الأمثال 19: 26 ) ولم تنقص اليهودية من شأن الأم بل رفعتها إلى مرتبة عالية، وجاءت نصوصها جميعاً
تحث على إكرام الأم والعلو بمنزلتها ومن تلك النصوص" أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك
وفي هذا الصدد تستعرض بوابة " أهل مصر " نماذج مشرفة وأخرى مخربة لأمهات عظماء التاريخ الإنساني بشكل عام .
الخنساء
دائماً ماكانت الخنساء تشتهر بالنواح والمراثي الشهيرة في أخيها المتوفي إبان جاهليتها، وما إن دخل الإيمان قلبها عرفت مقام الأمومة والتضحية والجهاد في سبيل إعلاء ونصرة الإسلام، وبدأت تُوعظ أبناءها الأربعة عندما حضرت معركة القادسية فقالت لهم إنكم أسلمتم طائفين وهاجرتم مختارين وإنكم لأبناء أب واحد وأم واحدة ماخبث آباؤكم ولا فضحت أخوالكم فلماذا ذهبوا لمباشرة القتال، استشهدوا جميعاً فلما جاءها الخبر لم تركن إلى النواح والمراثي كما كان منها في الجاهلية ، بل لم تزد على قول " الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجوا ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته .
والدة الإمام الشافعي
بعد وفاة والد الشافعي وقفت أمه بجواره شامخة فما إن وصل سن السابعة من عمره حتى أخذته من غزة إلي مكة، وهناك تعلم القرآن الكريم، ثم أرسلته إلي البادية ليتعلم اللغة العربية، ثم بعد ذلك عملت على تعليمه الفروسية والرماية فكان يضرب مائة رمية لايخطيء منها واحدة، وفي سن الخامسة عشرة من عمره أجازه الإمام مالك للفتوى ذلك أن أمه كانت ذكاء وتفقه في الدين، حتى أن المؤرخون ذكروا أنها تقدمت وهي امرأة أخرى مع رجل للإدلاء بشهادة أمام القاضي، فأراد القاضي أن يفرق بينهما فقالت له ليس لك ذلك وذكرت قول الله تعالى " أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى" فانصاع القاضي لها، وذات مرة أوقفت ابنها الإمام الشافعي بين يديها وقالت له عاهدني يابني على الصدق، فعاهدها أن يضع الصدق نصب عينيه، ويروي الشافعى عن نشأته فيقول بينما كنت في حجر أمي حفظت القرآن الكريم وأنا ابن سبع سنين وحفظت الموطأ وانا ابن عشر، وما إن ختمت القرآن الكريم حتى جالست الكثير من العلماء لأنهل من معينهم فيقول فعدت إلي أمي أقول لها " يا أماه لقد تعلمت الذل للعلم والأدب للمعلم
شغب
كانت جميع نساء الخليفة المعتضد بالله إذا أنجبت إحداهن ذكراً سعت الأخريات إلي قتلها هي وإبنها ، فكانت شغب زوجة المعتضد قوية الشخصية، ولقد دست السم إلى معظم النساء منهم قطر الندى، وجيجيك التركية، وعندما توفى القاهر بالله أوكل بتربية الخليفة إلى زوجته شغف، فلما علم الخليفة بأن شغف هي من قتلت نسائه فوضعها في منزل تحت الإقامة الجبرية، وأخذت تربي ابنها المقتدي بالله وتدير الشئون وهي ف الإقامة، ولم يغمض لها جفن حتى أقنعت الخليفة بأن يكون ولدها المقتدي ولياً للعهد، وحكم المقتدي الخلافة العباسية وعمره 13 عاما وبذلك أصبح أصغر خليفة عباسي في التاريخ واستمر حكمه ربع قرن من الزمان، وكانت شغب هي التي تدير معظم الأمور وكان لها دورا كبيرا في تعيين وعزل الوزراء وإدارة شئون الدولة، واصطلح المؤرخون على تسمية تلك الفترة بدولة النساء .
غائشة الحرة
هي والدة آخر ملوك غرناطة أبو عبدالله الصغير الذي اشتهر بكونه آخر ملك في بلاد الأندلس، كان لهذه المرأة دورا مهما في إنقاذ عرش غرناطة من مؤامرات ضرتها " ثريا الرومي" وثبات الغرناطيين أمام النصارى وخاصة في بعث روح المقاومة لدى ابنها الملك أبي عبدالله الصغير، حظيت تلك المراة باحترام وتقدير كبير من الإسبان وألفوا حولها القصص والأساطير، وعندما سقطت غرناطة قالت لابنها آخر ملوك الأندلس " ابكي كالنساء ملكاً لم تحافظ عليه كالرجال
: الملكلة نازلي
لعبت الملكة نازلي دوراً كبيراً بعد وفاة الملك فؤاد 1936 في اعتلاء الملك فاروق العرش حيث أنه لم يكن قد بلغ السن القانوني، فاستصدرت فتوى من الإمام مصطفي المراغي ليتم حساب عمره بالتقويم الهجري وبالفعل وعلى ذلك بلغ الملك فاروق السن القانوني نشب بين نازلي وبين أحمد حسين باشا رئيس الديوان الملكي قصة حب كبيرة كانت سبباً في اصطدام بينها وبين ابنها الملك فاروق ، وبعد ذلك وافق على زواجهما عرفيا رغماً عنه، ثم حدث أن أن قتل أحمد حسين باشا على يد ظباط إنجليز أعلى كوبري قصر النيل 19 فبراير 1946 وعندما علمت نازلي بذلك هاجرت إلي أوروبا واعتتقت المسيحية، وكان لذلك أثراً واضحاً في إضعاف موقف الملك فاروق وتدخله في خلافات كثيرة مع الوفد بسبب تلك الإشاعات ، وتم تجريدها من لقب الملكة الأم في جلسة مجلس البلاط 1 أغسطس 1951 وتم الحجر عليها .