خيوط الأفكار المتشابكة، تتزاحم في العقل والوجدان، صانعة عالم موازي لعالمنا، يظهر فيه الخيال مشابهًا للواقع، خالقًا معتقدات وعادات، قادت البعض إلى الهوس، والبعض الآخر اختبأ خلف ستار الوهم، متخذًا من رجال الدجل والشعوذة مخرجًا، ليطل يومًا تلو الآخر، وتطفو إعلانات "فك السحر وإزالة الحسد" على سطح ما تقدمه بعض القنوات الفضائية، لكن في إحدى بنايات حي شبرا، أكبر أحياء القاهرة سكانًا، جمعت موهبة التمثيل 11 شابًا في العقد الثاني من عمرهم، على أملًا واحدًا، مناقشة عادات المجتمع السيئة بكوميديا مخلوطة بالاحترام، وأطلت قضية السحر ضمن اهتمامتهم.منذ ما يقرب الشهرين، قرر أبانوب نجاح بصحبة صديقيه بيتر عماد وأبانوب لطيف، من خريجي كلية التجارة، تدشين صفحة على "فيس بوك" تحت مسمى " areefخTa " في خطوة منهم لكشف عادات المجتمع الخاطئة بطريقة تحاكي المشاعر، وتوالت مهام كل فرد من الفريق في صناعة أفلام قصيرة لا يتعدى مدة كل منها 5 دقائق، لكن بالقرب من برج خليفة، بالإمارات العربية المتحدة، كان يستقر مينا عزت، صاحب الـ32 عامًا، خلف شاشة هاتفه المضيئة وسط إضاءة مصباح غرفته الخافت، يتابع الفريق في صناعة الفكرة واختيار القضية "ده أستاذنا وعلمنا مبادئ التمثيل"- هكذا وصفه أبانوب.
دائمًا ما يراود الخيال أفعالنا، فخلف كل خطوة نحو المستقبل، يقبع الخيال خلفها، ليرسم أفعال لا تمت للواقع بصلة، لكنه يخلق ضوضاء بالعقل "المشاعر دائمًا مرتبطة بالخيال في تصرفتنا، ولذلك حاولنا نجسد المشاعر وشكلها داخل الإنسان بتمثيل صامت"- حسبما قال مينا إيهاب، الطالب بالفرقة الثالثة حقوق، ومسئول ميزانية الفريق."صنعنا 7 أفلام بتكلفة 400 جنيه فقط".. يتابع "إيهاب" حديثه لـ"أهل مصر"، ويروي كيف يساهم كل فرد في الفريق بالمعدات لتقليص الميزانية "فيه مننا معاه كاميرا وهو مسئول التصوير وفيه اللي بيعرف مونتاج وفيه اللي بنصور في بيته ولذلك التكلفة قليلة".
بعد تقديم أفلام تدرجت بين تجسيد الحزن والسعادة والخوف والغضب، اتجهت أعين الفريق، الذي يعد كريم بولس، ومينا عادل، أحد الممثلين به، إلى المونولوج الذي كان يقدمه عمالقة الفن قديمًا، فيروي أبانوب خطة الفريق القادمة: "حاليًا نعمل على مونولوج ثلاثي أضواء المسرحح لكن بشكل يحاكي الواقع الحالي".على صفحة "تخاريف" تنوعت تعليقات المتابعين ما بين الأشادة والنصيحة بالتطوير، و"بيتر عماد" مسئول المونتاج بالفرق، الذي بلغ به قطار العمر محطة الـ25، بعد تخرجه من كلية التجارة، يتابع بشغف كل التعليقات بصحبة باقي أعضاء الفريق مينا أيهاب وتوني إيهاب وبيشوي شنودة وسامح سعد "فيه ناس أشادت بالعمل والمونتاج وفيه ناس قالت فيها غلطات وبحاول أصلحها"- حسبما وصف لـ"أهل مصر".
حبات العرق، عرفت طريقها سريعًا إلى جبين مارتن عادل فهمي، لحظة تجسيده للغضب في إحدى أفلام الفريق " أنا مثلت كتير في مسارح، لكن حبيت شخصيتي في فيلم الغضب، لأنه كان صعب في تغيير تعبيرات الوجه وإظهار الخيال اللي بيدور جوانا لحظة غضبنا في المواقف المختلفة"- هكذا وصف لـ"أهل مصر".لم تمنع دراسة مارتن صاحب الـ21 عامًا، في كلية كومبيوتر ساينس، من أشباع غريزة حبه للتمثيل المبني على معلومات صادقة، هدفها إفادة المجتمع وليس المكسب، فيتابع حديثه :" قبل تقديم أي فكرة لأزم أقرأ كويس؛ لأن مينفش اقدم للناس كدب".
بنظرة ناقد، يتحسس طريقه نحو صعود سلم احتراف التمثيل، يحاول مارتن اكتشاف عيوب المثيل المصري، ليتوخى خطر فريسة تحت أنيابه، فيقول: "الأفلام المصري اللي عبارة عن تقليد أجنبي، مش كلها سيئة، فيه افلام صنعت في مصر بمساعدات خارجية وطلعت حلوة وليها هدف، لكن في الوقت ذاته فيه تقليد دون غرض إلا التقليد فقط وهذا وبصمة سئية في السينما المصرية"."الفترة الجاية بنفكر نعمل زي ناشيونال جيرافيك، وهنقدم شخصيات إنسانية وطريقة حياتها على نفس الطريقة الخاصة بانشيونال جيرافيك"- هكذا روئ مارتن جزء من خطة الفريق المستقبلية.