الضرّة مره.. قانون حبس الأزواج بين الشريعة والقانون والعرف..قاضي: معمول به في مصر وبعض الأزواج يكتبون عناوين خاطئة.. والأزهر: علم الزوجة الأولى ليس شرطًا من شروط صحة الزواج بالثانية

تسبب تقدّم إحدى عضوات بمجلس النواب، بمشروع قانون يقضي بحبس الزوج حال زواجه مرة ثانية دون علم زوجته، حالة من الجدل بين الأوساط السياسية والدينية، تمهيدًا لمناقشته خلال دور الانعقاد الثالث في أكتوبر المقبل، مؤكدة أن الهدف إحداث توازن للحقوق وحماية للأسرة.

وخاصة بعد أن قضت محكمة جنح شبرا الخيمة، في 11 مارس الماضي، بحبس موظف 6 أشهر أدلى ببيانات خاطئة بوثيقة زواجه، حيث أكد أنه أعزب، رغم ارتباطه رسميا مرتين قبل ذلك.

المشروع الجديد .. يبدأ من أول مراحل الزواج وهى الخطبة ويشرح مفهوم الخطبة وشروطها على أساس أنها اتفاق بين الطرفين مرورًا بالزواج وأركانه وشروطه، ومتي يكون باطل أو صحيح، والطلاق، والتطليق، والخلع، والرؤية، والنفقة، وإجراءات صرف نفقة الطلاق بمعرفة بنك ناصر الاجتماعى؛ لأن هناك قصورًا فى شكل صرف النفقات وتأخيرات بشكل كبير.

ولفتت النائبة إلى أنه تم وضع عدة عقوبات فى القانون؛ أولها عقوبة حبس 6 أشهر فى حالة عدم توثيق الطلاق، والثانية فى حالة تعدد الزوجات، تفرض عقوبة 6 أشهر وغرامة مالية على المأذون والزوج فى حال عدم إخطار الزوجة بالزواج الجديد.

وحول رؤية الشريعة والقانون لتنظيم مسألة الزواج الثاني، ومدى ملاءمة مثل تلك النصوص القانونية مع الشرع والمجتمع

ــ القانون

يوضح عصام مخلوف رئيس محكمة جنايات الجيزة، أن حصول الزوج على إذن القاضي للزواج للمرة الثانية أمر معمول به في عدة دول كالمغرب وتونس والعراق.

وأضاف مخلوف في تصريحات خاصة، أنه يتم التعامل في مصر في هذه المسألة جاء بتنظيم عبر الإخطار، والمقصود أن الزوج عند كتابة وثيقة الزواج يقر فيها بحالته الاجتماعية، فإذا كان سبق له الزواج ومازالت الزوجة الأولى على ذمته يقوم المأذون بإخطارها أن زوجها سيتزوج بأخرى، والمشكلة هنا أن هذا الإخطار أخذ طابعًا روتينيا، فضلاً عن أن بعض الأزواج يقومون بالتضليل عبر إعطاء عناوين خاطئة حتى لا يصل الإخطار لزوجاتهم.

وأوضح رئيس محكمة جنايات الجيزة، أن قانون الأحوال الشخصية رقم 100 لسنة 85 وضع عقوبة الحبس والغرامة للرجل الذي يتعمد إخفاء أنه متزوج عند زواجه من امرأة أخرى، وهذا النص لا تستخدمه أغلب السيدات في مجتمعنا، إما لأنهن يتوجهن لطلب الطلاق للضرر أو يكملن الحياة الزوجية للمحافظة على حقوقهن وأبنائهن المادية، وكثير من النساء لا يفضلن حبس الزوج من أجل الأبناء حيث إن الأعراف المجتمعية هي التي تسود.

ـــ نص القانون الحالي

نصت المادة 11 مكرر( مضافة) إلى القانون 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية: على الزوج أن يُقر فى وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجًا فعليه أن يُبين فى الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتى فى عصمته ومحال إقامتهن، وعلى الموثِّق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب محل مقرون بعلم الوصول.

ويعطى القانون الحق للزوجة التى تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر، ففى نفس المادة السابقة: ويجوز للزوجة التى تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادى أو معنوى يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالها ولو لم تكن قد اشترط عليه فى العقد ألا يتزوج عليها، فإذا عجز القاضى عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة.

ــ أحكام صادره

قضت محكمة جنح شبرا الخيمة، بحبس موظف 6 أشهر أدلى ببيانات خاطئة بوثيقة زواجه، حيث أكد أنه أعزب، رغم ارتباطه رسميا مرتين قبل ذلك.

وترجع وقائع القضية، عندما أقامت "لمياء أ" محامية، دعوى ضد زوجها الذي يعمل موظفا ودون في عقد الزواج الموثق أنه أعزب واكتشفت أنه متزوج مرتين قبل ذلك.

وحصلت الزوجة على عقدي الزواج السابقين موثقين، مما يدل على كذب الزوج وتيقن لدى المحكمة صحة العقود وصحة ادعاء الزوجة، فأصدرت قرارها بحبس المتهم طبقا للمادة 23 من قانون الأحوال الشخصية لسنة 1980 م، الذي نص على الحبس في حالات الإدلاء بمعلومات غير صحيحة في عقود الزواج الرسمية.

ـــ رد الشرعية

أما أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بالأزهر الدكتور أحمد كريمة فيوضح أن تكليف المحكمة بإعطاء إذن للزوج بالزواج لمرة ثانية مخالف للشريعة التي جعلت إنشاء عقد الزواج مرتبط بإرادة طرفي العقد وهما الزوجان أو وليا أمرهما.

ويضاف إلى ذلك أن السنة العملية المأثورة والمنقولة عن النبي الكريم أنه والصحابة لم يثبت ولم ينقل أن إنشاء عقد زواج ثاني يتوقف على القاضي، لكن في الفقه التراثي الموروث يجوز للزوجة أن تشترط في عقد النكاح ألا يتزوج زوجها عليها، وإن وافق الزوج فيجب الوفاء به لقوله تعالى "أوفوا بالعقود"، أما أن تتدخل جهات قضائية هذا يفتح الأبواب للزواج غير الرسمي وهو الحاصل في مصر، فهناك التفاف حول عقود الزواج وهذا يسبب المشاكل والمخاطر المجتمعية، والأولى بدلا من تعقيد الزواج نشر الوعي في فقه الأسرة وفقه مقاصد الزواج وحقوق الزوجين أحدهما على الآخر.

ـــ رد الأزهر

رد مركز الفتوى بالأزهر الشريف على هذ النحو بإن الإسلام يبيح للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة، ولكن إباحته مشروطة بالعدل بين الزوجات، وبالقدرة المالية والجسدية، وألا تكون الثانية على حساب الأولى فى النفقة والسكنى وغير ذلك من حقوق الزوجة على زوجها، يقول تعالى "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً".

وقال المركز: "لم يجعل الإسلام علم الزوجة الأولى شرطًا من شروط صحة الزواج بالثانية، فإذا ما تم الزواج بالثانية يكون صحيحًا، وتترتب عليه كافة الآثار الشرعية للزواج".

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً