السرطان والاكتئاب وأمراض المخ يهددون حياة النباتيين

صورة أرشيفية
كتب : وكالات

يُخرِج النباتيون اللحوم من هرمهم الغذائي. وبالنظر إلى لائحة طعامهم، يكتفي بعضهم باستبعاد اللحوم الحمراء، فيما يعمد آخرون إلى التخلي تماماً عن كل المشتقات الحيوانية، ومنها الأجبان والحليب والبيض.

ويُنظر إلى النباتي على أنه "زاهد" في الطعام. طبق بالناقص دليل حياة أفضل. لذا يُحسد هؤلاء على إرادتهم في مقاومة إغراء اللحم، وعلى بنيتهم الجسدية والنفسية التي يُعتقد أنها الأفضل في الشكل والمضمون.

وغالباً ما يكون الرهان على تراجع أحدهم عن قراره بأن يصبح نباتياً رابحاً. فقد بيّنت دراسة صادرة عن Humane Research Council، أن 84 في المئة من النباتيين تخونهم إرادتهم ويستسلمون لإغراء اللحوم في مرحلة لاحقة من حياتهم، مشيرةً إلى أن "نصف هؤلاء يتراجع خلال العام الأول من اتخاذهم لقرار التحول للحمية النباتية، ونحو الثلث بعد أسابيع قليلة لن تتجاوز الثلاثة شهور".

وبحسب الدراسة أعلاه، والتي استندت إلى أرقام تناولت 11 ألف شخص في أميركا، فإن ما نسبته 12 في المئة من البشر يُفكرون باتباع نظام غذائي نباتي، لكن من يخطو فعلياً من هؤلاء باتجاه التنفيذ سيتراجع غالباً عن قراره في فترة وجيزة.

أحد أسباب تناول اللحوم مجدداً يعود إلى شعور معظم النباتيين بالعزلة. فوفقاً للأرقام، فإن 63 في المئة منهم لم يتلقوا الدعم الكافي للاستمرار بقرارهم من المحيط والأصدقاء. فيما خذلت الإرادة 43 في المئة من النباتيين أمام إغراء اللحوم، لا سيما الدجاج.

ويُعاني النباتيون من النقص في الحديد والبروتين، لامتناعهم عن تناول المشتقات الحيوانية، فيُصاب الجسم بالتعب. وأرجع الدكتور ستيفن ستوفيتز الاختصاصي في الطب الرياضي في جامعة مينيسوتا، الآلام التي ترافق النشاط الرياضي، في الكثير من الأحيان، إلى النمط الغذائي للشخص، موضحاً أن المرء "إذا كان يقوم بالتمرينات الرياضية بانتظام، فإن سبب الآلام يرجع على الأغلب إلى نوعية الغذاء، الذي قد يتسبب بالنقص في بعض العناصر الغذائية الضرورية للجسم".

الاكتئاب

وحذر باحثون من جامعة "بريستول" البريطانية، وفق ما جاء في صحيفة "دايلي ميل"، من أن النباتيين أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب وتدهور الصحة العقلية. وبالاستناد إلى مقارنة بالأرقام، تبيّن أن نحو 10 آلاف رجل من جنوب غرب إنكلترا ممن تخلوا عن اللحوم في نظامهم الغذائي تضاعفت لديهم مخاطر الاكتئاب، مقارنة بمن يتبعون نظاماً غذائياً متوازناً.

في التفسير العلمي، أشارت الدراسة إلى أن "الامتناع عن تناول اللحوم والمأكولات البحرية، يحرم الجسم من بعض الفيتامينات والمعادن، مثل فيتامين ب 12، الذي يلعب دوراً هاماً في إنتاج المواد الكيميائية في المخ، والتى تؤثر على المزاج، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الحمض الدهني "أوميجا6" نتيجة زيادة استهلاك النباتيين للمكسرات، والذي يرتبط بخطر أكبر للإصابة بالمشكلات العقلية".

أمراض المخ

وأكد بروفسور علم النفس والأعصاب بجامعة أوهايو جاري وينك، أن "نظام الطعام النباتي يتحكم في كيمياء المخ في ما يخص المشاعر والتفكير، وعلى الصحة الجسمانية بشكل عام". وقد بنى ما توصّل إليه على مراقبته لسنوات طويلة مجموعة من طلابه الذين يعتمدون على البروتيين النباتي فقط. فأرجع أعراض القلق عند النباتيين إلى نقص "التربتوفان" وهو أحد الأحماض الأمينية التسعة الأساسية، لافتاً إلى أنهم "يعوضون نقص التربتوفان بتناول المكسرات والجبن، وعلى الرغم من ذلك فإنهم عرضة لاستنزاف التربتوفان".

وأضاف "يحصل النباتيون على قيمة غذائية عالية من تناول الخضراوات والفواكه، وأيضًا بعضهم يتناول بعض منتجات اللحوم من البيض والألبان، ما يعزز صحة الدم وضغطه، لكن هناك أعراض سلبية على المخ بسبب اقتصار غذاء الإنسان على النبات فقط، وهي نقص فيتنامين "ب 12"، ذو الدور الكبير في تقوية الذاكرة والذي يسبب تناقصه "الخرف".

التحور الجيني والسرطان

من جهة أخرى، وجد باحثون من جامعة "كورنيل الأميركية" أن "الأجيال التي تتعاقب على تناول الغذاء النباتي تتعرض على الأكثر لاحتمال تغير الحمض النووي "دي إن إيه"، وذلك ما يزيد من أخطار التحورات الجينية لدى هؤلاء النباتيين، ما يعرضهم للالتهابات".

الدراسة نُفذت لتفسير نتائج دراسات سابقة وجدت أن النباتيين يتعرضون على الأكثر لخطر الإصابة بسرطان الأمعاء بنسبة 40 في المئة أكثر من آكلي اللحوم، وتبيّن أن "التحورات التي تسهل عملية امتاص أجسام النباتيين للأحماض الدهنية الضرورية الموجودة في النباتات، تعزز في الوقت نفسه توليد الجسم لحمض الأراكيدونيك الذي يزيد من الأمراض الناتجة عن الالتهابات، وكذلك الأمراض السرطانية"، علماً بأن التحورات تمنع إنتاج أحماض "أوميغا 3" الدهنية التي تقي من أمراض القلب.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً