نظمت مديرية الأوقاف بالإسكندرية عددا من الأمسيات الدينية، تحت عنوان "معاونة الضعفاء من خلال الكرماء"، وذلك بحضور قيادات الدعوة بالمديرية ومديرى الإدارات الفرعية وشباب الأئمة والدعاة من أبناء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف.
وقال الشيخ محمد العجمي، وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية، إن هذه الأمسيات تأتى تنفيذها لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بتعزيز الدور المجتمعى بين الناس والحث على مساعدة الفقراء والمرضى والأيتام وذوى الحاجات.
وأكد العجمى، على أهمية معاونة الضعفاء من خلال الكرماء، قائلا: "كم دفع الله عن المحسنين والراحمين للضُّعفاء واليتامى من بليةٍ، ووقاهم شرَّ كوارث وحوادث ورزية! فالله تعالى يحسن لمن أحسن على عباده، ولا يضيع لديه عمل عامل، فمَن عامَل عبادَه باللطْف والإحسان، وبذل المعروف، عامله الله كذلك، بل أحسن وأبقى وأفضل (الحسنة بعشرة أمثالها)".
وأضاف وكيل وزارة الأوقاف، أنه مَن أراد النَّجاة من النار، وعُلُو المنْزلة في الدار الآخرة، فليدخل على الله من باب الشفقة والإحسان على الضعفاء والمساكين، والأرملة، والأيتام، وذوي الحاجات، وليحسن إليهم بما يستطيعه، فإنَّ الله تعالى قريبٌ من المنكسرة قلوبهم، رحيم بمن يرحم عباده، لا يحقر شيئًا من المعروف ولو كلمةً طيبة؛ قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "لا تحقرَنَّ منَ المعروف شيئًا، ولو أنْ تلْقى أخاك بوجْه طلق".
ووجه العجمي، رسالة لمن أراد الفوز برضا الله، قائلا: "كن لليتيم كالأب، وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ﴾، والنهي للنبي - صلى الله عليه وسلم - نَهْي لأمته، قال بعض المفسرين على هذه الآية أي لا تسئ معاملة اليتيم، ولا يضقْ صدرُك عليه ولا تنهره، بل أكرمه، وأعطه ما تيسر، واصنع به كما تحب أن يُصنع بولدك من بعدك، وقال تعالي: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ" قال بعض المفسرين هو الذي يدفع اليتيم بعنف وشدة، ولا يرحمه لقساوة قلبه؛ وذلك لأنه لا يرجو ثوابًا، ولا يخاف عقابًا"
وأوضح أن كفالة اليتيم هى القيام بأموره، والسعي في مصالحه، من إصلاح طعامه، وكسوته، وتنمية ماله إن كان له مال، وإن لَم يكنْ له مال أنفق عليه أو كساه ابتغاء وجْه الله تعالى، موضحا أن الذي يكفل اليتيم ويتعَهّده، ويلاحظه ويؤدبه، ويهذب نفسه حتى تطمئن قلوب أقاربه إذا رأوه، وكأنَّ والده حي، لا يفقد مِن والده إلا جسمه، فجدير بكافِله هذا أن يكونَ له المكانة العالية عند الله تعالى، وكان جديرًا بأن يكونَ مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الجنة، يتمتع بما فيها من النعيم المقيم، كما قام بما وفقه الله له من رعاية هذا اليتيم؛ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ففي هذا ترغيب في كفالة الأيتام، والعناية بأمورهم، فلهم حق على المسلمين؛ سواء كانوا أقارب، أو غير أقارب.
وناشد العجمى، بمعاونة الضعفاء من خلال الكرماء، قائلا: "إنَّ الشفَقة والرأفة والرحمة على خلق الله - خصوصًا ضعفاءَ المسلمين؛ من يتيم، ومسكين، وأرملة - لها أثرٌ عند الله عظيم، ولها موقع في الحسنات ودفع السيئات، وتنزُّل الرحمة، ودفع النقمة، ولها أثر كبير في حسن الخاتمة عند الموت، وتنزل الملائكة بالبشرى والأمن من المخاوف، ودفع الحزن عما خلف، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتفَقَّد ضعفاء المسلمين؛ منَ الفُقَراء والمساكين، والأرامل، ويجالسهم، ويدنيهم إليه، ويحادثهم، ويسأل عنهم، ويصلهم بما يستطيعه من الإطعام وجَمْع النفقات، وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا أهدي إليه هدية طعام أو لبن، أمر أحد أصحابه أن يدعو إليه أهل الصفَّة؛ لأنهم ضعفاء الصحابة، وهم ضيوف الإسلام، وهو - عليه الصلاة والسلام - القدوة الحسنة لأمته، فعلى كل مسلم أن يتأسَّى به وبصحابته - رضوان الله عليهم - فإنهم تأسَّوا بنبيهم، فعلينا أن نتأسى بهم، ونسير على منهجهم؛ ففيه الفلاح والسعادة".
واختتم العجمى، حديثه قائلا: "إن من شعائر الإسلام العظيمة إطعامُ الطعام، والإحسان إلى الأرامل والأيتام، والتوسيع عليهم؛ طلبًا لرحمة الله الملك العلاَّم؛ قال - صلى الله عليه وسلم: "الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، وكالقائم لا يَفتُر، وكالصائم لا يُفطِر"، فالذي يُطعم الأرملة، ويُدخل السرور عليها، ويرحم بُعْدَ زوجها عنها - إحسانًا وحنانًا - كالصائم الذي لا يُفطِر من صيامه، والقائم الذي لا يَفتُر من قيامه، فهنيئًا ثم هنيئًا لأمثال هؤلاء الرُّحماء، وتأكد أن أحوجُ الناس إلى رحمتك يا عبد الله الأيتامُ والمحاويج، فلعلَّك بالقليل من المال تُكَفْكِف دموعهم، وتَجبر كَسْر قلوبهم، فيكفَّ الله نارَ جنَّهم عنك يوم القيامة؛ قال - صلى الله عليه وسلم "فليَتَّقِيَنَّ أحدُكم النار ولو بشقِّ تمرة".