لغز "الإمارة السلفية" في الإسكندرية.. السلفيون يستولون على مسجد "العرب الصغري".. ويحرمّون صلاة السنة وقراءة القرأن.. ونساؤهم: "منعنا القرآن وهنمنعوكم من الصلاة"

في الوقت الذي تحاول فيه الأوقاف السيطرة التامة علي جميع المساجد ورفض اعتلاء أي شيخ تابع لأي فكر المنابر، وعلي الرغم من تشديداتها علي الخطابة والمساجد، إلا أن ما تشهده عزبة «العرب الصغري» بالمنتزه، شرقي الإسكندرية، علي النقيض تماما، حيث تحولت القرية إلي منطقة صراع دائم بين الأهالي والمنتمين للدعوة السلفية بسبب محاولة الأخيرة منذ أعقاب ثورة 25 يناير السيطرة علي مسجد «الرحمن» بالعزبة وتحويله إلي معقل لهم والترويج ونشر أفكارهم، حتي أصبحت القرية "فوق صفيح ساخن" وذلك برعاية الأوقاف.

«أهل مصر» انتقلت إلى القرية للوقوف علي حقيقة الأمر، حيث أوضح الأهالي أن الأرض التي تم إنشاء المسجد عليها والتي تبلغ مساحتها الإجمالية "16 قيراط" كانت ملكا لشخص يُدعي "السيد أبو يوسف" وقام شخص يُدعي "محمد فؤاد" باستئجارها منه من الباطن، وفوجئ الأهالي خلال أحداث ثورة 25 يناير بمحاولة مجموعة من البلطجية اقتطاع أجزاء من الأرض والاستيلاء عليها إلا أنهم تصدوا لهم، وقرروا الاستفادة من الأرض من خلال بناء مسجد لهم علي مساحة 300 متر، وذلك بعد حصولهم علي موافقة من مالكها.

وأضاف الأهالي أنهم في هذه الأثناء قام مجموعة من السلفيين المتواجدين بالقري المجاورة بشن هجوما عليهم بسبب بناء مسجد علي الأرض، وقاموا بإصدار فتاوي من فوق منابرهم بأن الصلاة في المسجد الذي يتم إنشاءه بالقرية حرام ولا يجوز الصلاة فيه بحجة أنه يُبني علي أرض "وضع يد"، وكان ذلك تحديدا في عام 2012 أثناء أعمال بناء المسجد، ثم فوجئوا بعد ذلك بقيام مجموعة السلفيين، والذين كانوا قد أفتوا من قبل بحرمة الصلاة فيه، بالتصارع للاستيلاء علي المسجد ليكون معقلا لهم، إلا أنهم تصدوا لهم بكل قوة.

لغز الأوقاف

تابع الأهالي أن المسجد تم افتتاحه في عام 2013 وبناءه من خلال جهودهم الذاتية، ومنذ ذلك الوقت لم يسمحوا للسلفيين أو الإخوان بالسيطرة عليه، وقاموا بالاستعانة بإمام أزهري من القرية للمسجد للخطابة والإمامة، ووافقت الأوقاف عليه وكان حاصلا علي تصريح بالخطابة من الأوقاف، وبعد 3 سنوات أرسلت الأوقاف إمام وخطيب رسمي للمسجد، ثم فوجئوا بعد ذلك بنقل الأوقاف الإمام المعين من المسجد إلي جامع آخر في إحدى القري المجاورة، وتم إرسال خطيبا آخر مكانه غير أزهري تابع للدعوة السلفية ويحمل تصريحا بالخطابة من الأوقاف، وهو الأمر الذي أصابهم بحالة من الصدمة متسائلين كيف يتم إعطاءه تصريح من الأوقاف والسماح له باعتلاء المنبر.

ودفع الأمر الأهالي للتقدم بطلب رسمي إلي مديرية الأوقاف وإلي قطاع الأمن الوطني بالمحافظة لإعادة الإمام السابق الذي تم نقله بدلا من الخطيب الحالي الذي حل محله والذي يتبع تيارا دينيا معينا ويحمل فكرا متشددا غير وسطي، حسب قولهم، إلا أنه دون جدوي ولم يتم الرد من أي جهة علي الطلب.

وأوضح الأهالي أن الخطيب الحالي الذي أرسلته الأوقاف يحمل الفكر السلفي المتشدد ولديه شعبية كبيرة وسط أتباعه من السلفيين ويجلبهم وراءه خلال خطبة الجمعة وهم جميعا من خارج القرية وغير مألوفين للأهالي، ويتوافدون من محافظات مختلفة خاصة من محافظتي "البحيرة وكفر الشيخ"، كما حاول الشيخ وأتباعه السيطرة علي المسجد بشكل كامل من خلال استيلائهم علي مفاتيحه إلا أنهم قاموا بإبلاغ الأوقاف فرفضت استحوازهم علي المفاتيح، ودفعت ممارسات السلفيين داخل المسجد عدد كبير من أهالي القرية لعدم آداء صلاة الجمعة فيه والصلاة في مساجد أخري بالقري المجاورة.

وأشار الأهالي إلي أن السلفيين اتجهوا بعد ذلك إلي التبديع والتفسيق في كل من يخالف رأيهم بالمسجد، حيث منعوا قراءة القرآن الكريم قبل رفع آذان صلاة الجمعة بالقوة وقاموا بطرد "قارئ السورة" الذي كان قد يأتي كل صلاة لتلاوة القرآن ضمن شعائر صلاة الجمعة وذلك بحجة أنه "بدعة"، كما قاموا بمنع إذاعة القرآن أيضا من خلال "الراديو" قبل الصلاة أو رفع الآذان بحجة أنه أيضا بدعة، كما بدأوا في تبديع كل من يقم من الأهالي بأداء صلاة ركعتين بين الآذانين في صلاة الجمعة قبل صعود الإمام المنبر لأنه "بدعة".

وتابعوا أن الأمر لم يتوقف عند ذلك، بل حدث أيضا تراشق واتهامات بـ«التفسيق والتبديع» من قِبل النساء السلفيات التابعات للشيخ خطيب المسجد للنساء المتراودات علي المسجد من أهالي القرية أثناء صلاة الجمعة وذلك حول بدعية قراءة القرآن الكريم والصلاة بين الآذانين أثناء صلاة الجمعة، وهددن النساء قائلات: «إحنا بفضل الله منعنا لكم قرآن الجمعة، وهنمنعوكم صلاة الركعتين قبل الخطبة»، الأمر الذي دفع أهالي القرية للتقدم بمذكرة رسمية للأوقاف ذكروا خلالها كل ما يحدث من مشكلات داخل المسجد، ولكن دون مجيب كالعادة، وتركت الأوقاف الأهالي يعانون وحدهم، وسط العديد من علامات الاستفهام حول هذا الصمت من قِبل الأوقاف.

معركة داخل المسجد

ذكر أحد أبناء العزبة أنه في يوم الجمعة الماضية 16 مارس الجاري، قام أحد السلفيين من أتباع الشيخ خطيب المسجد، بإلقاء حديث داخل المسجد قبل بدء خطبة الجمعة بنصف ساعة، وذلك بحضور الشيخ خطيب المسجد، تحدث خلالها عن أنه لا يوجد قرآن أو صلاة قبل خطبة الجمعة وأنها تُقام بآذان واحد وليس آذانين، متسائلين كيف يتم السماح لأتباعه من السلفيين بإلقاء حديث دون الحصول علي تصريح من الأوقاف بذلك!!، وأثار ذلك غضبهم وكاد أن يحدث مشاجرة داخل المسجد إلا أنهم توقفوا عن ذلك حتي لا يتطور الأمر وتحدث فتنة أو إثارة للبلبلة داخل المسجد وحفاظا علي قدسيته وحرمته، وقاموا بإبلاغ الأوقاف بما فعله أحد أتباع الشيخ الذي لا يحمل تصريحا وغير أزهري ولا ينتمي إلي الأوقاف ويفرض عليهم تعاليم وفكر ديني متشدد غير معهود لهم.

وأكد الأهالي أنهم تراجعوا عن تصعيد الأمر نظرا لوعيهم بالظروف الراهنة التي تشهدها البلاد وإجراء الانتخابات الرئاسية وحتي لا تستغل القنوات التابعة لجماعة الإخوان ذلك ضد الدولة.

معقل السلفية

تأتي دائرة المنتزه بالإسكندرية الأبرز من حيث سيطرة السلفيين علي المساجد، حيث يتواجد فيها عدد من رموز الدعوة السلفية، أبرزهم الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، حيث يسيطر السلفيون على مساجد الخلفاء الراشدين بأبو سليمان، والإيمان، والحمد، وخورشيد، والتوحيد، والمراغي، والصالحين، وعبادالرحمن، والرحيق المختوم في العصافرة، وأبوبكر الصديق في المعمورة، فضلا عن العديد من الزوايا وجميعها تقع في دائرة المنتزه.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً