"المهن التعليمية" تستنكر محاولات الوقيعة بين المعلمين

ضرب سوريا..فى الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، بدأ العدوان الثلاثي على سوريا، واستيقظ الملايين في الدول العربية على أصوات المدافع ولا صوت يعلو فوق صوت "قصف سوريا"، حيث نفذت مقاتلات وسفن أمريكية وبريطانية وفرنسية، فجر اليوم السبت، قصفا ثلاثيا استهدف عدة مواقع عسكرية على دمشق وخارجها.

في البداية تصدت منظومات الصواريخ السورية – روسية الصنع- لعدد كبير من الصواريخ التي استهدفت العاصمة دمشق ومحيطها، حيث شملت الحملة التي قادها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إطلاق حوال 110 صواريخ باتجاه أهداف سورية في دمشق وخارجها، فيما أعلن الجيش السوري الموالب لبشار الأسد إسقاط معظمها بواسطة منظومة الدفاع الجوي السورية.

في السياق ذاته أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن إسقاط 71 صاروخا من أصل 100 صاروخ مجنح للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وصواريخ جو أرض استهدف منشآت عسكرية ومدنية في سوريا، وبأنه تم استهداف المنشآت السورية من قبل سفينتين أمريكيتين من البحر الأحمر وطائرات تكتيكية فوق البحر المتوسط وقاذفات " بي-1 بي" من منطقة التنف.

شرارة الحرب

ضرب سوريا جاء بعدما أمر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في خطاب تليفزيوني، السبت، بتوجيه ضربة عسكرية ضد أهداف لنظام بشار الأسد، ردا على ما وصفه بمجزرة دوما، حيث قتل 78 مدنيًا على الأقل وأصيب المئات، السبت الماضي، جراء هجوم كيميائي اتهمت القوى الدولية، النظام السوري بتنفيذه على مدينة دوما، في الغوطة الشرقية بريف دمشق.

كما أكدت تيريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا، في كلمة متلفزة ثانية قالت فيها: "إنه لم يكن هناك بديل لاستخدام القوة لردع النظام السوري".

وتزامن ذلك مع إعلان قصر الإليزيه تكليف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لقوات بلاده بالتدخل في سوريا كجزء من عملية مع الولايات المتحدة وبريطانيا لمواجهة ترسانة الأسلحة الكيماوية للنظام السوري والحد منها.

وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في تقرير لها إن الهجوم كان أعنف من هجوم العام الماضي واستهدف ثلاثة أهداف وليس هدفا واحدا، وفي الهجوم السابق كانت الولايات المتحدة وحدها، ولكن انضم إليها اليوم حليفتاها بريطانيا وفرنسا.

وأكدت "بي بي سي" أن عدد القذائف التي أطلقت اليوم على سوريا أكثر من ضعف التي أطلقت في الهجوم السابق، أي أكثر من 120 في العدد الإجمالي، متسائلة : "هل فعل الأمريكيون ما يكفي لتحقيق هدفهم وهو منع الأسد من استخدام السلاح الكيميائي ثانية؟

واعتبرت أنه منذ أبريل الماضي ومعاناة سوريا مستمرة، ولكن هناك عاملان أساسيان قد تغيرا، والعامل الأول، أن الأسد انتصر فعليا في الحرب وترويع المدنيين كان عاملا رئيسيا في استراتيجيته.

وأضافت "بي بي سي" أنه وربما لا يسيطر الرئيس الأسد على كل سوريا، ولكن بفضل الدعم الروسي والإيراني لا يمكن لأحد الوقوف ضده، وما يعوقه عن فرض سيطرة أوسع نطاقا هو نقص العدد والعدة، والعامل الثاني أن العلاقات بين واشنطن وموسكو وبين روسيا والغرب عموما تدهورت بشكل حاد لدرجة أن مسؤولين دوليين رفيعي المستوى يتحدثون حاليا عن حرب باردة جديدة.

أهداف الهجوم

وظهر في هذا الهجوم أن البنتاجون عمد إلى تجنب كل من المدنيين و "الأجانب" ومن الواضح أن المقصود هم الروس، فقد تم اختيار الأهداف الثلاثة ليس فقط لدورها المحوري في برنامج الأسلحة الكيميائية، ولكن لتقليص الخسائر إلى أدنى حد، بحسب "بي بي سي".

وقال رئيس الأركان المشتركة إن الولايات المتحدة لديها قائمة بأهداف أخرى لم تخترها للهجوم، وذلك في رسالة واضحة مفادها أنه لو استخدم الأسد الأسلحة الكيميائية ثانية فإن المزيد من الهجمات ستقع.

ولكن منذ أبريل الماضي وقع عدد من الهجمات الكيميائية المزعومة استخدم فيها بصفة عامة غاز الكلورين، ولكن الولايات المتحدة لم تهاجم إلا الآن فما هي الرسالة التي تريد نقلها؟

الأمل الآن أن يغير الأسد سلوكه. ولكن ماذا عن النزاع الأوسع في سوريا؟ فهذه الحرب الوحشية لا تظهر أي مؤشرات على نهايتها. والكثيرون يشيرون للبراميل المتفجرة والمدفعية والرصاص وهي الأسلحة المسؤولة عن الغالبية الساحقة من حالات القتل والتشويه في سوريا وليس السلاح الكيميائي الذي حفز التحرك الغربي.

ورغم أن السلاح الكيميائي يثير على نحو خاص الذعر في الغرب عقب استخدامه في الحرب العالمية الأولى فإن المعاهدة التي تحظره بمثابة اتفاقية مهمة لنزع السلاح وضعفها يهدد بتقويض سنوات من التقدم.

ولكن السؤال هو إلى أي مدى سيغير الهجوم الأخير الصورة في سوريا؟ هل يدفع بالصراع إلى نهايته؟ وللأسف فإن الإجابة غالبا هي لا.

فمنذ فترة قصيرة كان ترامب يتحدث عن سحب القوات الأمريكية من سوريا وبعدها بأيام هدد بعمل عسكري كبير ومن هنا لا يبدو أن هناك اتساقا في موقف إدارة ترامب.

وببساطة لا توجد استراتيجية واضحة للمساعدة في إنهاء الحرب، وإحدى حجج المطالبة بإبقاء القوات الأمريكية هناك هي دعم الحلفاء المحليين مثل الأكراد في مواجهة نظام الأسد وحلفائه الإرانيين.

ويبدو أن تقييد إيران هو الشيء الوحيد الذي تجمع عليه إدارة ترامب، ورغم ذلك لم يرق الأمر لوضع استراتيجية متماسكة. ففي بيانه بعد الهجوم شدد ترامب مجددا على أن واشنطن لا تسعى لوجود لا نهائي في سوريا.

صعود روسيا

رغم دعمها السياسي والعسكري للأسد فإن روسيا تقدم نفسها في المنطقة كلاعب دبلوماسي مميز. وبالطبع حذرت موسكو واشنطن وحلفاءها من شن هجوم على سوريا. إذن ما الذي ستفعله موسكو عقب الهجوم؟

في سوريا نفسها قد تسعى للحط أكثر من الدور الأمريكي الضعيف فعلا، ولكنها لن تذهب لحد شن حرب ضد الأمريكيين.

وقال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس:" نتوقع حملة مضللة خلال الأيام المقبلة من قبل أولئك الذين يدعمون الأسد."

وبالفعل بدأت هذه الحملة حتى قبل الهجوم عندما أعلن الروس أنه لا يوجد دليل على وقوع الهجوم الكيميائي المزعوم ثم زعموا أنها مسرحية أخرجها عملاء أجانب لتشتيت الانتباه عن الأسد وموسكو.

إنها نفس روسيا التي تعتقد أغلب الحكومات الغربية أنها وراء محاولة اغتيال ضابط استخبارات روسي سابق وابنته في مدينة سالزبوري الإنجليزية باستخدام غاز الأعصاب، وهي روسيا ذاتها التي حاولت التأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية. إنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي استولى على جزء من أوكرانيا.

الحرب السورية: من يقاتل من؟ ولماذا؟

ويبدو أن هناك نوعا جديدا من الحرب الباردة في طور الظهور ربما لا يكون فيها خطر إبادة نووية ولكن ربما بسبب ذلك قد يكون هناك أمور كثيرة غير متوقعة حيث تغامر موسكو بشكل أخطر كثيرا مما كانت تفعل في الماضي.

فروسيا ليست قوة عظمى كالاتحاد السوفييتي، وليس لديها أيديولوجيا مدعومة من حركات التحرر في أنحاء العالم، فهي حاليا قوة إقليمية متوسطة، وتتمتع بترسانة نووية مميزة، وتعاني اقتصادا ضعيفا نسبيا، ولكنها تعرف كي تؤثر وكيف تدير المعلومات وبوتين مصمم على الدفاع عن مصالح روسيا كما يراها.

وهذه المصالح تعني المجال الحيوي القريب لحدود روسيا مثل جورجيا وأوكرانيا. وليست سوريا بهذا القرب ولكنها تمنح موسكو مدخلا لاستعادة نفوذها في المنطقة فالنجم الروسي في صعود في حين يأفل نظيره الأمريكي.

وذلك أمر مهم مع تفاقم عدم الاستقرار في المنطقة. فآثار قرار إدارة أمريكية سابقة بإزاحة صدام حسين من الحكم في العراق مازالت سارية، فقد كانت إيران المستفيد الرئيسي من القرار حيث باتت لاعبا رئيسيا في المنطقة.

وتزايد النفوذ الإيراني في سوريا يهدد بمواجهة كبيرة مع إسرائيل. ويعتقد أن إسرائيل هاجمت مؤخرا قاعدة سورية يوجد بها منشأة إيرانية.

فالتوتر يتصاعد في المنطقة والهجوم الثلاثي الأمريكي البريطاني الفرنسي يلقي حجرا آخر في مياه المنطقة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً