ضرب سوريا.. عندما ننظر إلى العدوان الثلاثي الذي استهدف النظام السوري، فجر اليوم، والذي شنته كلًا من " أمريكا، فرنسا، بريطانيا"، نجد أنها لم تكن المرة الأولى من نوعها التي تتعرض فيها دولة عربية لإعتداء سافر من أكثر من دولة في نفس الوقت.
فمصر تعرضت لعدوان ثلاثي في عام 1956 من " إسرائيل، فرنسا، بريطانيا"، ولكن هناك فرق بين الإثنين؛ فالأول كشفت فيه أمريكا عن وجهها القبيح، وظهرت كمهاجم صريح هي وحلفاؤها " فرنسا وبريطانيا"، أما الثاني كانت أمريكا ترتدي فيه قناع، حيث كانت تدافع عن إسرائيل ولكنها لم تشترك في الحرب علي مصر بشكل مباشر، وبمرور السنين تتبادل إسرائيل دورها مع أمريكا، فجميع الاتهامات تلوح بإصبعها نحو تورط إسرائيل في الضربة العسكرية التي شهدتها سوريا.
ومما لاشك فيه أن هناك مصالح مشتركة بين أمريكا وإسرائيل لتقسيم الدول العربية، حسبما صرح المسئولين والخبراء، وبالنظر إلى العدوان الثلاثي على مصر، نجد أن فرنسا غضبت من دعم مصر للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، وإمدادها بالمساعدات العسكرية، لذا شاركت في الإعتداء على مصر، بينما تأميم قناة السويس الذي أعلنه الرئيس جمال عبد الناصر عام 1956 منع إنجلترا من التربح من القناة التي كانت تديرها قبل التأميم، لذا شاركت هي الأخري في العدوان على مصر.
وسبب إشتراك إسرائيل في الحرب ضد مصر هو توقيع مصر اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي تقضي بتزويد مصر بالأسلحة المتقدمة لتقوية القوات المسلحة من أجل ردع دولة الاحتلال، لكن العدوان الذي استهدف سوريا فجر اليوم، كان بسبب واحد فقط هو السيطرة علي النظام السوري بعدما استطاع أن يستعيد سيطرته علي المنطقة الشرقية، وكاد يسيطر علي كافة المناطق، ذلك الأمر الذي استفز الرئيس الأمويكي " دولامب ترامب"، لذا تحجج باستخدام نظام" بشار الأسد" أسلحة كيماوية ضد الشعب السوري.
وأكد الخبراء العسكريين أن الهدف من العدوان الثلاثي على سوريا: هو تحقيق المساواة العسكرية بين جميع الأطرائف والطوائف المختلفة الموجودة بسوريا، كي تستطيع تلك الدول من تحقيق مخططها الحقير وتقسيم الدول العربية.
وهناك تقارب في الأمر بين العدوان الثلاثي علي سوريا وعلي مصر، فموقف الاتحاد السوفيتي، أو كما يدعي حاليًا " روسيا"، ثابت ، فهي دائمًا تخاف من فرض أمريكا سيطرتها علي دول العالم، لذا تحاول مواجهة أي تدخل أمني لأمريكا في المنطقة العربية، وبالنظر إلي ما أثير مؤخرًا بشأن نشوب حرب عالمية ثالثة، نجد أن الخبراء يستبعدون استمرار العدوان علي سوريا، لأنه في حالة استمرار الإعتداء علي سوريا، لن تصمت روسيا بل ستحارب أمريكا، وهما أكبر قوتين بالعالم، وينتلكان أسلحة ننوية من شأنها تدمير العالم بأثره، لذا هناك استبعاد لفكرة استمرار العدوان علي سوريا.
ومن جانبه قال اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع السابق بالمخابرات الحربية، اليوم السبت، إن المخطط الأمريكي لتقسيم الدول العربية مستمر دون أي تغيير، مضيفًا أن النظام السوري كان على وشك الحصول على سيادته بمعظم الأراضي الشرقية، وكان من المتوقع أن تزيد فرصته في السيطرة على باقي الأراضي السورية سواء الأراضي الشمالية التابعة للأكراد أو بالنسبة للأراضي التي تمتلكها داعش، مشيرًا إلى أن هذه الفرصة الكبيرة للنظام السوري لم ترضى بها أمريكا، لأنها تريد لجميع الأطراف العسكرية في سوريا أن تكون متساوية، كي يكون الجميع تحت سيطرتها.
وأوضح" سالم"، في تصريح خاص لـ " أهل مصر"، أن ضرب سوريا بهذا الشكل من جانب أمريكا وفرنسا وبريطانيا يعد تمثيلية مدبرة من قبل أجهزة الرئيس الأمريكي" دونالد ترامب"، من أجل تحقيق مخططهم لتقسيم الدول العربية وفرض سيطرتهم عليها، مؤكدًا أن كل المظاهر توضح أن النظام السوري لم يستخدم أي أسلحة كيماوية، كما أن أمريكا لم تسمح لمنظمة حظر للأسلحة الكيماوية أن تتأكد من حقيقة وجود أسلحة كيماوية في سوريا.
وأشار رئيس جهاز الاستطلاع السابق بالمخابرات الحربية، إلى أن الضربة العسكرية ضد سوريا استهدفت مطار تيفور العسكري والمواقع الإلكترونية الحربية بسوريا، كما أنه تم ضرب من 10:8 مواقع عسكرية سورية من خلال صاروخ أمريكي فرنسي بريطاني، مضيفًا أنه ليس من المتوقع أن يستمر ضرب سوريا لأن روسيا لو تدخلت ستكون هناك حرب عالمية ثالثة من شأنها القضاء على العالم، لأن أمريكا وروسيا أكبر دولتين بالعالم ولديهما سلاح نووي، لافتًا إلى أن هذه الضربة غير قابلة للتصعيد فهي مجرد ضربة تأديبية للنظام السوري.
وفي نفس السياق، قال يحيي الكدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، اليوم السبت، إن الضربة العسكرية التي شنتها أمريكا وفرنسا وإنجلترا علي سوريا بمثابة اعتداء سافر علي دولة ذات سيادة، كما أنها تعد تهميشًا للمنظمات الدولية والقانون الدولي وإثارة للفوضى والحرب في العالم، مما يؤدي إلى نتائج سلبية علي الأمن القومي للمنطقة العربية بأثرها.
وأوضح " الكدواني"، في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، أن مصر تؤيد كافة الجهود التي تحاول الحفاظ على وحدة وتضامن الشعب السوري وتنفيذ الإرادة الشعبية السورية، مشيرًا إلى أن التواجد العسكري لأمريكا وفرنسا وأمريكا وتركيا وإيران والعناصر الإرهابية في الأراضي السورية لا يصب إلا في مصلحة إسرائيل.
وبدأ العدوان الثلاثي على سوريا عندما نفذت مقاتلات وسفن أمريكية وبريطانية وفرنسية، فجر اليوم السبت، قصفا ثلاثيا استهدف عدة مواقع عسكرية على الأراضي السورية.
وردا على قصف سوريا، فيما أعلنت القيادة العامة للجيش السوري أن الضربة الثلاثية، شملت إطلاق حوال 110 صواريخ باتجاه أهداف سورية في دمشق وخارجها، وأن منظومة الدفاع الجوي السورية تصدت لها وأسقطت معظمها.
من جهتها، قالت وزارة الدفاع الروسية، إن قصف سوريا تم بأكثر من 100 صاروخ مجنح للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وصواريخ جو أرض استهدف منشآت عسكرية ومدنية في سوريا، وبأنه تم استهداف المنشآت السورية من قبل سفينتين أمريكيتين من البحر الأحمر وطائرات تكتيكية فوق البحر المتوسط وقاذفات " بي-1 بي" من منطقة التنف.
الحرب على سوريا جاءت بعدما أمر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في خطاب تليفزيوني، السبت، بتوجيه ضربة عسكرية ضد أهداف لنظام بشار الأسد، ردا على ما وصفه بمجزرة دوما، حيث قتل 78 مدنيًا على الأقل وأصيب المئات، السبت الماضي، جراء هجوم كيميائي اتهمت القوى الدولية، النظام السوري بتنفيذه على مدينة دوما، في الغوطة الشرقية بريف دمشق.
كما أكدت تيريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا، في كلمة متلفزة ثانية قالت فيها: "إنه لم يكن هناك بديل لاستخدام القوة لردع النظام السوري".
وتزامن ذلك مع إعلان قصر الإليزيه تكليف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لقوات بلاده بالتدخل في سوريا كجزء من عملية مع الولايات المتحدة وبريطانيا لمواجهة ترسانة الأسلحة الكيماوية للنظام السوري والحد منها.