التراتيل المحرمة.. صلاة الموتى للأرثوذكس فقط والاستثناءات للمشاهير والأغنياء.. مؤنس أنيس: الحرمان من الطقوس الكنسية عودة لزمن "صكوك الغفران"

"اللهم تفضل عبيدك المسيحيين الأرثوذكسيين" صلاة يرددها آباء الكنيسة على الراقدين الأرثوذكس من أبناءها تيمنا بأن «المنتقل» أوالمتوفى مارس أسرار المعمودية والاعتراف، وكان تائبا ومؤمنا ومواظبا على سر التوبة، بإعتبار أنها لا تفيد غير الأرثوذكس لذا لا تقبل الصلاة عليهم داخل كنائسها.

الصلاة على الراقدين أيضا استثنت هولاء الذين ماتوا على خطيئة ولم يتوبوا، فكانت أبرز خطاياهم من تزوج بغير أرثوذكسية أو عقد زواجه في طائفة غير أرثوذكسية، لكن الشروط التي وضعتها الكنيسة الأرثوذكسية للصلاة على الراقدين أقرت لها استثناءات بعدما أقامت الكنيسة البطرسية الأرثوذكسية مؤخرا صلاة الجناز على الكاتب الصحفي لويس جريس الذي تزوج بالفنانه سناء جميل خارج أسوار الكنيسة الأرثوذكسية، وأيضا الدبلوماسي بطرس غالي الذي تروج بإمرأة يهودية.

مينا أسعد، خادم أسقفية الشباب الأرثوذكسية، يقول إنه لأجل الصلاة على المنتقلين بالكنيسة الأرثوذكسية يشترط أمران هامان، الأول أن يكون المنتقل أرثوذكسيا، والثاني ألا يكون مات في خطيته، بمعنى ألا يكون مات منتحرا، وهو متملكا العقل والإرادة، أو أثناء قيامه بسرقة وغيرها، بينما إن عاش المتوفي ولو لحظة واحدة بعد خطيته يصلى عليه، بمعنى أنه إن حاول أحد الانتحار، ولم يمت مباشرة بل بعد فترة كان مدركا فيها، تصلي الكنيسة عليه لاحتمالية كونه قد تاب في تلك اللحظات.

أما الصلاة على غير الأرثوذكس فهي مرفوضة طقسيا، حسب تأكيد أسعد، فلا يجوز الصلاة على شخص غير معمد أرثوذكسيا، وهو أمر طبيعي ومنطقي، أما عن الزواج المختلط أي أرثوذكسي من غير أرثوذكس، فهو غير معترف به في الكنيسة الأرثوذكسية، وللتوضيح المقصود بغير الأرثوذكسي هم أتباع طوائف خارج العائلة الأرثوذكسية الشرقية، وتنظر الكنيسة إلى هذا النوع من الزيجات نظرتها للزواج المدني، ولكنها أبدا لا تعتبره زواجا إلهيا، ولا تعترف به كنسيا بأية حال من الأحوال لذا يشترط أن تعاد معمودية الطرف الغير أرثوذكسي ليصح الارتباط كنسيا، وفي حالة قيام هذا النوع من الارتباط تحرم الكنيسة الجانب الأرثوذكسي من التناول، وممارسة الأسرار، وإذا رغب في تعميد أبنائه بالكنيسة الأرثوذكسية يتم إختيار إشبين أخر ولا يصلح أحد الوالدين أن يكونا أشبينا للطفل أي أبا روحيا أو معلما إلهيا له.

ويضيف خادم أسقفية الشباب الأرثوذكسية: «يتم هذا القرار بمتابعة الأب الكاهن المسؤول عن الأسرة، وحسب متابعته الروحية لكلا من الطرفان، ومتابعة إعتراف الطرف غير الأرثوذكسي ، وملاحظة حياته الروحية والتوبة، و قد يتم تخفيف أو تغليظ هذه الإجراءات أو حتى إلغائها تماما، ويحكم هذا الأمر متابعة دقيقة من أب الاعتراف، أو حدوث تطورات مثل إعادة معمودية طرف غير أرثوذكسي بعد العقد المدني أو غيرها».

ويشير إلى أنه عند انتقال الطرف الأرثوذكسي المتزوج من طرف لا ينتمي للكنيسة، فالأمر في مطلقه هو منع اقامة الصلوات عليه، ولكن هذا يمكن تجاوزه برؤية الأب الكاهن المتابع للحالة، والقريب من الأسرة، لافتا أنه عند انتقال شخصية عامة آيا كانت أرثوذكسية الأصل، وعقدت زيجة مختلطة، ينطبق عليها ذات القوانين الكنسية، دون أدنى مجاملات، مثلها مثل أي فرد ينتمي للكنيسة، ولكن عادة تثار الضجة حول هل يتم الصلاة أو لا على المنتقل لكونه معروفا وشخصية عامه؟!.

وأوضح الخادم أن البعض يجعل نفسه قاضيا على المنتقل الذي هو الآن في يد الله يقضي له أو عليه بالعدل، وبعد الانتقال لابد أن يصمت الجميع تجاه الأخطاء الشخصية، فإن كان مبرر ذكرها في الحياة هو الإرشاد والدفع للتوبة، فبعد الوفاة إنتهى الأمر ويترك لخالقه.

أما أشرف أنيس، مؤسس «رابطة الحق في الحياة للأحوال الشخصية المسيحية»، فيقول إن المؤسسة الكنسية القبطية الأرثوذكسية، تتعامل مع أعضائها فيما يخص الطقوس الدينية حسب دراجاتهم الاجتماعية وقدرتهم المادية وتحلل لهم ماتحرمه على الشعب القبطي، ودائما تستخدم سلطة التحريم عليهم حتى لا يعترضون على مايقوله الأساقفة أو كاهن، لافتا أنه بدا جليا بعدما منع الصلاة على جثامين زوجين أرثوذكسيين في محافظة المنيا لانهم تزوجا زواجا انجيليا واقامة صلاة على متوفيين من رجال ذو قامة اجتماعية أو كُتاب مشهورين، وكذلك فى قضية الأحوال الشخصية نجد أنه يمنح تصريح زواج ثاني بنفس الطريقة لرجال أعمال ووفنانين مشهورين ومنع التصاريح على عامة الشعب، وأخر الأمثلة الدالة على ذلك هو الصلاة على جثمان الفقيد الصحفي لويس جريس زوج الفنانة سناء جميل مع العلم أنهم تزوجا زواجا إنجيليا وكذلك الدبلوماسي بطرس غالى الذي تمت الصلة عليه ودفنه في الكنيسة البطرسية على الرغم من كونه متزوجا من يهودية في الكنيسة الكاثوليكية.

وأضاف أنيس أنه رغم أن الطائفة القبطية الأرثوذكسية لاتمثل أكثر من 5% من باقي الطوائف المسيحية على مستوى العالم إلا أنها تجد نفسها تمثل الايمان المستقيم دون غيرها من باقي الطوائف علما بأن السيد المسيح عندما جاء إلى الأرض برسالته لم يقسم المسيحية إلى طوائف وكذلك الانجيل الذي يؤمن به مسيحي العالم هو انجيل واحد لكن اختلفت التفسيرات من طائفة إلى أخرى فى أمور كثيرة لتستخدم الكنيسة سلطة الحرمان من الطقوس الكنسية لنعود إلى أزمنة «صكوك الغفران» التى كان يستخدمها كهنة أوربا لاخضاع الشعوب اليهم، حسب قوله.

ويضيف، «أعلم يقينا أنه في حالة وفاتي، سترفض الكنيسة الصلاة على جثماني وهذا أمر لايعنيني في شىء لاننى على قناعة تامة أن الصلاة على أجساد الموتى لا تشفع له عند الله، لكن من يشفع له هو أعماله التي قام بها فى حياته و أن الصلاة على الموتى ماهي إلا عظة للأحياء».

ولازال الهجوم الكبير الذي تشهده الكنيسة الأرثوذكسية مستمر رغم قبولها الصلاة على منتقلين خالفوا تعاليمها، إلا البعض إعتبر الإستثناء في الصلاة على المتوفى أمرا لا يجدي لاأن الصلاة لا تفيد المتوفى خاصة أن المسيح لم يتم الصلاة عليه بينما هو أمر إجتماعي موروث لاعلاقة له بالمسيحية، وكان أبرزهم المفكر القبطي كمال زاخر، الذي يقول إن الصلاة على المتوفى هي عادة إجتماعية ليس لها علاقة بعقيدة المسيحية بينما هي موروث ثقافي شعبي لأن معظم الطقوس التي يتبعها المصريين تعبيرا عن حزنهم على المتوفى أو الطقوس الدينية بشكل عام هي أمور ليس لها علاقة بالأديان السماوية بينما هي ممارسات من الموروث الفرعوني لان المسيح لم يصلي تلاميذه عليه، مضيفا: لكن تحريم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الصلاة على المتوفيين على الطوائف المخالفة للإيمان القبطي الأرثوذكسي هو أمر منطقي نظرا لان متغييري الطوائف إختاروا بإرادتهم المطلقة الإنفصال عن الكنيسة ودخول كنائس أخرى تخالفها عقائديا، فما الذي دفع هؤلاء للخروج عن الطائفة؟.

وأكد زاخر، إن كل الكنائس ترفض الصلاة على المتوفيين على غير عقيدتها وليس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وحدها، فمنذ القرن الخامس الميلادي كل طائفة تعتبر نفسها "الفرقة الناجية" وتمتلك المسيحية الصحيحة لكن مع قدوم القرن 20، 21 بدأت الطوائف تتقارب نوعا ما، وإن كان التقارب يصطدم بالسلفيين المسيحيين في كل كنيسة، لذا عدم الصلاة الكنيسة على مختلفي الطائفة أمر يرجع إلى وعي القائم على كل كنيسة بحيث أنه يمكن للأسقف أن يصلي على المتوفي البروتستانت في الكنائس الأرثوذكسية وفي كنائس أخرى يرفض الصلاه عليه، ومن المعروف أن الصلاة على الميت لا ترفع عنه الحساب بينما هي رسالة إجتماعية لتعزية أهله.

وأشار زاخر إن تلاميذ المسيح كانوا كتلة واحدة حتى القرن الخامس الميلادي وظلت القراءات والرؤى تختلف إلى محاولات مارتن لوثر، نشر البروتستانتية، ومنطقيا المتحولون إلى طوائف والأديان الأخرى يجب عليهم الإقتناع بها وليس التلاعب للحصول على قرار الطلاق لانها أخطاء لن تتحملها الكنيسة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً