رغم تغير الحياة السياسية في مصر إلا أن رمضان احتفظ بعاداته وتقاليده بعيدا عن التغيرات التي تشهدها الساحة السياسية، فلا زالت الصورة الذهنية لاحتفال المصريين في رمضان ثابتة دون أن يتأثر المصريين بزيادة الأسعار فعبر العصور المختلفة لا زالت العادات والتقاليد المصرية ثابتة حيث يزداد الاقبال علي شراء السلع التي تبشر بدخول رمضان مثل الفوانيس محلية الصنع والياميش علي الرغم من ارتفاع أسعاره.
وفي هذا السياق ترصد "اهل مصر" عدد من الطقوس المصرية الاصيلة التي لازالت تلازم المصريين في حياتهم الرمضانية حتي اليوم:-
كرنفال الفوانيس
تستعد حارات وشاورع المناطق الشعبية في نهاية شهر شعبان لاستقبال الشهر المعظم من خلال تعليق الزينات والفوانيس الملونة التي يتنافس علي حملها الصبية في الاحياء الشعبية، ويعد الفانوس احد اهم تلك الطقوس فيحرص الاطفال علي التحرك به في الشوارع مرددين "حاللو يا حاللو".
و من جانبها تستعد المحلات التجارية بعرض الفوانيس زاهية الألوان في شكل كرنفالي ممتع للناظرين، وتعود بداية الفوانيس الي الخامس من شهر رمضان عام 358 هـ عندما دخل المعز لدين الله الفاطمى القاهرة ليلًان واستقبله أهلها بالمشاعل والفوانيس وهتافات الترحيب، وكان الفانوس من الأساسيات التي يعتمد عليها سكان القاهرة في الإنارة ليلا وكان يصنع وقتها من النحاس ويوضع بداخله شمعة.
وفي تطور لرحلة صناعة الفانوس صنعت الفوانيس من مواد أخري كالصفيح والزجاج الملون والبلاستيك، وكان الأطفال قديما يطوفون الشوارع والأزقة حاملين الفوانيس ويطالبون بالهدايا من أنواع الحلوى التي ابتدعها الفاطميون، واستمرت هذه العادة حتى سنوات قليلة مضت، ولكن ظل الفانوس هو "تيمة" الشهر التي لا تتغير على الرغم من تغير شكل الفانوس نفسها مئات المرات منذ ذلك الحين.
مدفع الإفطار
ضربات مدفعية ينتظرها المصريين مع موعد الإفطار والإمساك، وتعود ظاهرة المدافع في مصر الي عهد "خوشقدم" والي مصر في العصر الإخشيدي، أن يجرب مدفعًا جديدًا أهداه له أحد الولاة، وتصادف أن الطلقة الأولى انطلقت وقت غروب شمس أول رمضان عام 859 هـ.
وكان يوضع المدفع في "رمضان" فوق جبل المقطم كمكان عالي حتى يسمعه كل سكان القاهرة، وكان يحتفل بخروج المدفع قبل بداية الشهر من القلعة في رحلة صعوده إلى الجبل محمول على عربة ذات عجلات ضخمة، ومازال المدفع يصعد إلى جبل المقطم كل عام، ويجرى اطلاقها عند الافطار والامساك، ولكن لم يعد يسمعه كل سكان القاهرة بعد أن امتدت حدودها.
العزومات
عادة ارتبطت بأيام شهر رمضان المعظم تتكرر علي جميع الموائد المصرية وفي جميع البيوت يتجه خلالها المصريين الي عزومة الاهل والاصدقاء إلى الموائد الرمضانية في البيوت وعادة ما يكون التجمع في بيت العائلة أو في أحد الأماكن الصوفية ولتكن الحسين والأزهر حيث يشتهي البعض المأكولات المشوية أو البحرية في تلك الاماكن التى يقبل عليها السائحون أيضا.
المشروب المثلج
عندما تهل نسائم رمضان في الصيف يتجه المصريين الي تناول المشروبات الباردة من أشهر تلك المشروبات العرقسوس نظرا لتميزه في أنه يمنع العطش نهارًا في الصيف في حين تتناول بعض العائلات مشروبات مثل الكركدية (مع وجوب الحذر من تأثير الكركديه على مستوى ضغط الدم) أو قمر الدين المانجو أو البرتقال المثلج الذي تم تخزينة ليبدأ بعد ذلك في تناول الإفطار الذي عادة ما يضم بعض الحساء منها شوربة لسان العصفور او قليل من شوربة العدس ليبدأو بعدها في إفطارهم، حيث يختلف الإفطار من عائلة لأخرى، البعض يتناولون اللحوم الحمراء والبيضاء والبعض الآخر يتناول الفول والبيض سواء على السحور أو الإفطار وهم من فئة محدودي الدخل ويطلقون عليه لحوم الغلابة.
الياميش والمكسرات
أحد الاسماء المرتبطة بصيام الشهر الكريم تناول الياميش والمكسرات وتحتل جزءا كبيرا من الموائد المصرية فمن المعروف أن المصريون يلجأون الي تناول الاطعمة بشراهة عقب تناول الافطار من بين تلك الحلويات الكنافة أو البقلاوة والكنافة والقطايف والتي يتم حشوها جميعها بالمكسرات والياميش، ويحتل الخشاف منزلة هامة بين الأصناف التي تعتمد على الياميش كمشروب ومأكل محبب للجميع.
الكنافة والقطايف
تلك الاطعمة الشهية التي تبعث علي فرحة المصريين ارتبطت كثيرا برمضان وتعود بداية ظهورها الي الخلفاء حيث ارتبطت الكنافة بمعاوية بن أبى سفيان زمن ولايته للشام، كطعام للسحور، وأصبحت بعد ذلك من العادات المرتبطة بالطعام فى شهر رمضان فى العصور الأيوبى والمملوكى والتركى والحديث.
صلاة التراويح
يتجه المصريون الي اداء صلاة التراويح والعشاء عقب تناول الافطار تقربا الي المولي عز وجل في الشهر الكريم داعين الله ان يغفر لهم ذنوبهم في حين يلجأ بعض المصريين الاخرين الي متابعة البرامج والمسلسلات الرمضانية وكذلك المسابقات.
المسحراتي
ينتظره المصريون من العام للعام ليستيقظ الاطفال علي صوته "اصحي يا نايم وحد الدايم" ترنيمة في الاذان يستعد من خلالها افراد الاسر المصرية الي تناول وجبة السحور ومن ثم الامساك لتبدأ فعاليات الصيام، وعلي خلفية ذلك تعود حدوتة المسحراتي في مصر الي ملاحظة "عتبة بن إسحاق" والي مصر أن الناس لا ينتبهون إلى وقت السحور، فتطوع لهذه المهمة بالطوف على شوارع القاهرة ليلا لإيقاظ أهلها وقت السحر، وكان ذلك عام 238 هجرية، وكان يطوف على قدميه سيرا من مدينة العسكر إلى مسجد "عمرو بن العاص" في مدينة الفسطاط القديمة مناديا الناس: "عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة.
أما في عهد الدولة الفاطمية أصدر الحاكم بأمر الله الفاطمي أمرا لجنوده، أن يمروا على البيوت ويدقوا على الأبواب بهدف إيقاظ النائمين للسحور، ومع مرور الأيام عين أولو الأمر رجل للقيام بمهمة المسحراتي كان ينادي: "يا أهل الله قوموا تسحروا"، ويدق على أبواب البيوت بعضًا كان يحملها في يده تطورت مع الأيام إلى طبلة يدق عليها دقات منتظمة، ويدق أيضا على أبواب المنازل بعصا يحملها في يده ثم تطورت مظاهر المهنة فاستعان المسحراتي بالطبلة الكبيرة التي يدق عليها أثناء تجوله بالأحياء، وهو يشدو بأشعار شعبية وزجل خاص بهذه المناسبة، ومازال المسحراتي يمر على البيوت خاصة في الأحياء الشعبية.
موائد الرحمن
تلك العادة التي ارتبطت بأيام شهر رمضان المبارك وتعد أحد اهم مظاهر التكافل الاجتماعي حي ثتتفاوت أطباق موائد الرحمن من مكان الي مكان آخر فما بين الخمس نجوم والثلاث نجوم تقام الموائد في الاحياء الشعبية.