قرية «الغرق بحري»، التابعة لمركز إطسا بمحافظة الفيوم، كان لها نصيبا كبيرا في اسمها فهي «تغرف» منذ 15 سنة كاملة في مياه الصرف الصحي وتعوم منازلها فوق بحيرات من الاهمال والمياه الجوفية، حتى تداعى كثير منها بينما يصمد الباقي في انتظار تدخل المسئولين، نحو 350 منزلا تهدمت واضحى سكانها في العراء بعد أن تسببت المياه الجوفية فى تضرر عشرات المنازل وتهجير قاطنيها.
الطريق إلى القرية، معاناة لا توصف، فلن تصدق للوهلة الأولى أن هنا في قلب مستنقعات وبرك من المياه يقبع بشرًا أحياء».
معظم سكان القرية «أرزقية»، تظهر على وجوههم ملامح المعاناة التي يعيشون فيها، فهناك لا تستطيع أن تخطوة خطوة واحدة بالشارع قبل أن تغوص قدماك في برك من المياه الراكدة، ليس بالشوارع فحسب بل داخل غرف المنازل، مياه تنضح من باطن الأرض منذ سنوات طويلة لم يهتم أحد من المسؤولين بتحديد مصدرها، أهي مياه جوفية أم مياه صرف، خاصة وأن القرية والتي تعتبر من أكبر قرى المركز محرومة من خدمة الصرف الصحي.
«والدي وثلاثة أخوة ماتوا بالفشل الكلوى في مثل عمري ولم يتبق سوى أنا وأمي وأخا أخر وأعاني من ضيق بالتنفس وفيروس سي».. هكذا بدأ عبد الرحمن معوض، 12 سنة، طالب بالصف السادس الأبتدائي، من أهالي منطقة الورش، الحديث عن حاله وحال أسرته التي ألتهما المرض وماتت جميعا، مضيفا «عايشين في الحال ده بقالنا 10 سنين حياتنا أشبه بحياة الحيوانات ومهما اشتكينا محدش بيسمع».
ويضيف:«المياه بتفضل أكتر من 5 شهور مافيش عربية كسح واحدة بتدخل تنقذنا حتى في فصل الشتاء ومع البرد الشديد ماحدش حاسس بينا»، مشيرا إلى أن سيارة الكسح الواحدة تكلفهم 130 جنيهًا يتم تجميعها من الأهالي، إضافة لسيارات الردم .
ويؤكد الطفل أن المنطقة بها عشرات المنازل التي انهارات انهيارا تاما، وأخرى هجرها أهلها بعد أن غمرت المياه كافة أثاث المنزل، لافتا بأن المنزل الوحيد الذي يأويه بوالدته لحقت بهم المياه الجوفية، إلى أن قام أهل الخير بردم وتطوير المنزل حتى لا تخرج عليهم المياه مرة أخرى .
ويقول عابدين النجار 45 عاما، موظف، أحد سكان منطقة الورش «أكثر من 360 منزل يغرق في المياه الجوفية، والكثير من جيراني توفي بمرض لملاريا، إضافة لأكثر من 30 حالة مصابة بالفشل الكلوي، كما أن معظم الأطفال أصيبوا بديدان بالمعدة وحساسية على الصدر، مضيفًا: «احنا على الحال ده من 15 سنة، مافيش حل المسؤولين بييجوا ويمشوا والردود دائما أن المشكلة أكبر من إمكانيتهم».
ويضيف فكري فايد أيوب، مندوب الوحدة المحلية بالغرق، ومن أهالي المنطقة، «أرسلنا أكثر من 100 شكوى وملف كامل بمشكلة الصرف الصحي لخدمة المواطنين بديوان محافظة الفيوم، و تم عمل خط صرف صحى بالمنطقة بأسلوب غير فني وبه خطأ كبير كان من المفترض تغطية الخط بتربة غير مسامية لكنهم غطوه بتراب تسبب في سده».
وتابع أيوب «تفاقمت المشكلة، وهناك تقاعس من القائمين على الصرف الصحي بمنطقة الورشة والمعروفه بـ«الصهريج» وخط الصرف الآن متوقف، والمياه متراكمة وتسربت إلى المنازل ونقوم بردمها ونشتري جرارات ردم النقلة الواحدة اكثر من30جنيهًا، حتى نقوم بتعلية المنازل لترتفع عن المياه المتسربة من الأرض ونقوم بسحبها بماتور سحب بخرطوم وتفريغها بعربات صرف، بعد أن تسببت ركود المياه فى هبوط للمنازل، وشروخ في جدرانها».
وتروي «ثرية سعد »، 65 سنة، ربة منزل من أهالي قرية الغرق، قصتها في الحياة وسط البرك قائلة «فوجئنا في ساعات متأخرة من الليل بوقوع منزل يسكنه سيدة عجوز، لكن الأهالي أنقذوها، وذلك بسبب تسرب المياه إلى جدران المنزل»، مشيرةً إلى أنهم حصلوا على وعود من المسؤولين، بتوصيل الصرف الصحي، لكن دون جدوى، متعللين بعدم وجود ميزانية.
من جهته أكد النائب كامل محمود كامل، عضو مجلس النواب عن دائرة إطسا، أنه تواصل مع محافظ الفيوم، بشأن مشكلة منطقة الورشة بسبب غرقها بـ«مياه الترنشات»، ولفت أنه سيتم حل المشكله قريبًا، وتم إدراج "قرية الغرق" ضمن خطة 2017 الماضي للاعتماد، أنه لايوجد إمكانيات مادية للمقاولين لاستكمال مشروع محطة الصرف الصحى بالغرق، مما تسبب في إيقاف المشروع ،وما يتبقى توصيلات في مناطق محدودة بالقرية، وسيتم تركيبها بعد أعتماد الميزانية قريبا.
نقلا عن العدد الورقي.