شهدت الفترة الأخيرة مطالبات من بعض المثقفين والإعلاميين بالتصالح مع جماعة الإخوان المسلمين، بالرغم من اعتبارها جماعة إرهابية، حسبما أعلنت الحكومة المصرية والقضاء المصري، ولكن لم يلتفت لهم أحد، خاصة أن الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون، كان من أوائل المطالبين بذلك الأمر، والكل بات يشك في هذا الرجل، نظرًا لعلاقته الوطيدة مع إسرائيل وزياراته المتكررة لها، ولكن انصدم الجميع بعد إعلان الإعلامي الكبير عماد الدين أديب، بدعمه لفكرة التصالح مع المتعاطفين مع الإخوان، ومحاولة إقناعهم بأن هدم نظام الجماعة كان في صالح مصر، وأنه لولم يتم ذلك، لأصبحت مصرعبارة عن دويلات، تعاني من الحروب الأهلية، مثلما حدث بالدول العربية المجاورة لمصر، خاصة في سوريا، التي أصبحت في حالة يرسي لها، بعد وجود العديد من التنظيمات الإرهابية بها، مما أدي إلي فتح المجال والطريق أمام الدول ذات السيادة العليا بالعالم: كأمريكا، فرنسا وبريطانيا.
فلم تنته المطالبات بالتصالح مع الإخوان إلي ذلك الحد، حيث طل الدكتور كمال الهلباوي، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، هو الأخر ليطالب بضرورة التغاضي عما فعلوه، ودمجهم بالمجتمع المصري مرة أخري، وذلك بالرغم من تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤخرًا علي قانون من شأنه إتاحة الفرصة للتحفظ علي أموالهم والتحكم بها، كما أن الأمر لا يتعلق بمجرد خلافات في وجهات النظر أو بالآراء السياسية، بل الأمر يتعلق بدماء الشهداء الذين سقطوا ومازالوا يسقطوا من أبنائنا سواء من القوات المسلحة أو رجال الشرطة، ولكن هناك توسع في فكرة مصالحة الإخوان والمتعاطفين معهم، فالفكرة بدأت تنتشر يومًا بعد يوم، والعجيب في الأمر أن النخبة الثقافية بدأت تنساق إلي ذلك الأمر، فهل ترضخ الدولة لتلك النعرات، وهل تعود الجماعة لممارسة سطوها الفكري المتطرف علي أبناء المجتمع؟، وما سر توقيت انتشار فكرة المصالحة معهم؟، وهل له علاقة بقانون التحفظ علي أموالهم؟، كل هذه الأسئلة يجيب عليها عددًا من أعضاء مجلس النواب.
ــ التصالح لا يرتبط بقانون التحفظ مع أموالهم
قال يحيي الكدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، إن التصالح لا يتم إلا من دولة إلي دولة، ومصر لديها سلطة قوية ودولة غنية بكل مؤسساتها، وبالتالي لا يوجد مجال للمصالحة، مشيرًا إلي أن هناك مؤسسات عقابية تصدر أحكام واجبة التنفيذ، كما أن هناك مؤسسات تقوم بتنفيذ هذه الأحكام، لأن سيادة القانون هي من تسود، لافتًا إلي أن المصالحة لا تتم إطلاقًا مع قوة مارقة، وتحاول المساس بالسلم والأمن القومي المصري، وتحاول السيطرة علي مقدرات الدولة.
وأوضح «الكدواني» أنه لا مجال للتصالح مع أي خارج عن القانون، مضيفًا أن من يرتكب جريمة يجب أن يتحمل وزرها، أما الذين لم يرتكبوا جرائم ولم يخالفوا القانون، هنا تجوز المصالحة معهم، متابعًا أن المصالحة مع الإخوان لا ترتبط بالقانون الذي تم إصداره مؤخرًا، للتحفظ علي أموالهم، لأن هذا القانون كان موجود بالبرلمان منذ فترة، وتمت مناقشته، والتأكد من إمكانية تنفيذه ثم صدق الرئيس السيسي عليه بعد موافقة البرلمان عليه بشكل نهائي، لكن من الممكن أن يكون هناك توجه بإلغاء ذلك القانون، ولكن مهما ارتفعت المطالبات فإن سيادة القانون هي من تنتصر، خاصة أن جماعة الإرهاب تستمر في نهج عدائي للدولة، وذلك من خلال قنوات فضائية تعمل علي نشر الأكاذيب المغرضة، لتضليل الرأي العام الداخلي والخارجي، كما تحاول الوقيعة بين الشعب المصري والسلطة وإثارة الفتن والقلاقل، ولكن الشعب المصري سيطوق إلى الخروج من هذه الأزمات إلى التقدم والإزدهار، مؤكدًا أن سيادة القانون هي السبيل الوحيد للحفاظ علي نقدرات الدولة والحفاظ علي أمنها القومي، لافتًا إلي أن علاقة الشعب بالدولة ساظل قوية.
ـــ لا تصالح مع الإخوان.. وقانون التحفظ باق
من جهة أخري، استنكر النائب كمال أحمد، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، فكرة التصالح مع الإخوان، مؤكدًا أن مصر دولة قانون، متسائلًا: كيف نتصالح مع أشخاص عليها أحكام؟، وبالنسبة للمدخل السياسي، كيف نتصالح مع سقوط قتلي وشهداء لم يتم الإعتذار عنهم!، وهل الإخوان اعتذرت عن الأساليب التي أدت إلي سقوط عدد كبير من الشهداء!، أما عن المستقبل، هل تخلت الجماعة عن الأمور التي تؤدي إلي فرض رأي الأقلية علي الأغلبية!، هل تخلوا عن هذا المبدأ؟، بالطبع لا، لذا لايجب الحديث عن المصالحة معهم مطلقًا.
وطالب" أحمد"، بعدم الإنسياق وراء الأفكار المضللة والمطالبة بالتصالح مع الجماعة الإرهابية، متسائلًا، علي أي أساس سيكون التصالح مع الإخوان؟، مؤكدًا أن قانون التحفظ علي أموال الجماعات الإرهابية، انتهي ومن المستحيل الرجوع فيه، لافتًا إلي أن هذا القانون يؤكد علي التحفظ علي أى مال يستخدم لفرض القوة والسيطرة علي الدولة، سواء كان من جماعة أو وسيلة إعلاية تابعة لها، لأن المجتمع عليه أن يحمي نفسه من الإرهاب.
ـــ المتعاطفون مع الإخوان لم يتم التعرض لهم
في نفس السياق، أكدت مارجريت عازر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أن التصالح مع الإخوان مرفوض تمامًا من الشعب المصري، لأن التصالح معهم يعد إساءة لدماء شهداء مصر الأبرياء، مشيرة إلي أنها تعد إرادة شعبية، مضيفة أن كل من تلوثت يداه بدماء المصريين لا مجال للتصالح معه، متابعة أن التصالح مع المنتمين لهم، ولم تتلوث أيديهم بدماء المصريين، تحتاج إلي مراجعة وإجراءات عديدة.
وأشارت النائبة، إلي أن الإخوان أساءوا لتاريخ مصر بإعتدائهم علي رجال الجيش والشرطة، مستنكرة ما أعلنه الدكتور كمال الهلباوي، بشأن التصالح مع الإخوان، مؤكدة أن هناك قنوات معادية لمصر تعمل علي تشويه صورتها أمام الخارج، يجب التصدي لها، لافتة إلي أن مصر أخذت شوط كبير جدا في مواجهة الإرهاب، وبالتالي فإنها لن تتراجع وستستمر في إجراءاتها للقضاء علي الإرهاب في المنطقة بأثرها، أما بالنسبة للمتعاطفين مع الإخوان، فهم موجودين في مصر في كافة المجالات والمؤسسات، ولم يتم المساس لهم، ما داموا لم يرتكبوا جرائم.
نقلا عن العدد الورقي.