مع إعلان الولايات المتحدة إعادة فرض عقوباتها الاقتصادية على إيران، أكدت السعودية أنها ستعمل مع المستهلكين والمنتجين لسد النقص في إمدادات النفط الناجم عن هذا القرار.
وقال وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، في بيان مقتضب صدر عنه اليوم الأربعاء عبر "تويتر": "على إثر انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران نؤكد على التزام المملكة بدعم استقرار الأسواق البترولية لما فيه مصلحة المنتجين والمستهلكين، وسنعمل مع كبار المنتجين داخل أوبك وخارجها، ومع كبار المستهلكين للحد من آثار أي نقص في الإمدادات".
وأضاف فالح "كما أننا على اتصال وثيق مع رئاسة منظمة أوبك وروسيا والولايات المتحدة، وسنتواصل مع المنتجين من داخل أوبك وخارجها، بالإضافة للمستهلكين الرئيسيين الآخرين خلال الأيام القليلة القادمة لضمان استقرار أسواق النفط".
تأكيد وزير الطاقة السعودية يأتي بعد أن قفزت أسعار النفط أكثر من اثنين بالمئة أثناء التعاملات يوم الأربعاء ليسجل خام برنت القياسي العالمي أعلى مستوياته في ثلاث سنوات ونصف السنة على خلفية قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وأعلن سيد البيت الأبيض عن "فرض عقوبات قاسية على أعلى مستوى" على البلد العضو في "أوبك".
وصعدت عقود الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 1.79 دولار، أو 2.6 بالمئة، إلى 70.85 دولار للبرميل.
وزادت مكاسب الأسعار بعد أن أظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات الخام التجارية في الولايات المتحدة هبطت 2.2 مليون برميل الأسبوع الماضي متجاوزة التوقعات التي كانت تشير إلى انخفاض قدره 719 ألف برميل.
وفي الصين، أكبر مشتر منفرد للنفط الإيراني، سجلت العقود الآجلة للخام في شنغهاي أعلى مستوياتها بالدولار منذ إطلاقها في أواخر مارس متجاوزة 73.20 دولار للبرميل.
وقال سوكريت فيجاياكار، مدير "تريفكتا لاستشارات الطاقة"، في حديث لوكالة "رويترز": "إن صادرات إيران من النفط إلى آسيا وأوروبا من شبه المؤكد أن تتراجع لاحقا هذا العام وفي 2019 مع بحث بعض الدول عن بدائل تفاديا للمتاعب مع واشنطن ومع بدء ظهور تأثير العقوبات".
وحسب توضيحات وزارة الخزانة الأمريكية، فإن الولايات المتحدة ستستأنف جهودها للحد من صادرات النفط الإيرانية بعد 180 يوما، وخلال هذه الفترة ستجري الخارجية الأمريكية مشاورات مع دول أخرى، وستقيم مدى تقليص الدول الأجنبية لمشترياتها من النفط الإيراني".
وأكد ستيف منوشين، وزير الخزانة الأمريكي، أنه لا يتوقع زيادة أسعار النفط، مشيرا إلى أن أطرافا أخرى ستكون مستعدة لزيادة الانتاج للحفاظ على العرض، دون أن يذكر ما هي الدول التي قد تقوم بذلك".
وتشير توقعات المتابعين إلى أن السعودية ستمثل المستفيد الأكبر اقتصاديا من هذه التطورات، وتحظى البلاد حاليا بموقف شبه مثالي لا سيما أن قرار ترامب سيؤدي على الأرجح إلى انخفاض دخل إيران، العدو الأكبر للمملكة، من النفط، ويمنح بالتوازي مجالا للرياض لتعزيز صادراتها من هذا المورد.
وقالت مونيكا مالك، كبيرة المحللين الاقتصاديين في "بنك أبو ظبي التجاري"، لـ"رويترز"، إن برنامج الإصلاح الطموح في المملكة الذي ينفذه ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، ويهدف إلى خلق فرص عمل وصناعات جديدة مع الحد من العجز الضخم في ميزانية الدولة، يمكن أن يستفيد بشكل ملموس من قرار ترامب.
وأوضحت مالك: "من الممكن أن السعودية ستكون قادرة على البدء في زيادة إنتاج النفط في الوقت الذي باتت فيه أسعار النفط مرتفعة بالفعل، وهذا الأمر يمنحهم (المسؤولين السعوديين) أموالا إضافية لدعم برنامجهم الاستثماري مع تضييق العجز في الميزانية".
وتوقعت مالك أن يترفع معدل دخل السعودية من صادرات النفط، الذي بلغ في 2017 حوالي 117.3 مليار دولار، بنسبة 7-9 بالمئة بفضل قرار الرئيس الأمريكي.