«تحية عبد الناصر» تروي آلام نكسة يونيو في سطور

أيام من الألم والمرارة مرت علي رأس المصريين ما بين عشية وضحاها، وعن تلك الأيام تروي «تحية عبد الناصر» بعض المذكرات الخاصة بالزعيم الراحل «جمال عبد الناصر»، وتقول «كان الاعتداء الإسرائيلي على سوريا وكان الرئيس يجلس معنا في الصباح، فقال لنا إن اليهود سيعتدون على مصر، وحدد بالضبط يوم الإثنين، وحدث الاعتداء الإسرائيلي في اليوم الذي حدده الرئيس 5 يونيو 1967 في الصباح

وأضافت «تحية»، « في يوم 9 يونيو ألقى الرئيس خطابًا، وكنت جالسة في الصالة كعادتي وقت إلقائه الخطاب أمام التليفزيون ومعي أولادنا، وسمعته وهو يعلن تنحيه عن الحكم، ورأيت الحزن على وجهه وهو يتكلم، ولم أكن أعرف أو لدي فكرة أبدًا عن التنحي، وكان يجلس معي «عبد الحميد» و«عبد الحكيم» أصغر أبنائي، فرأيت على وجهيهما الحزن، ودخل ابني «خالد» الصالة أيضًا فقلت لهما إن والدكما عظيم وهو الآن أعظم فلا تحزنوا».

أوضحت، أن عبد الحميد رد عليها قائلًا: «أحسن يا ماما علشان بابا يستريح، وبعدها انصرفوا يمشيان بالمنزل كالعادة»، مضيفةً «ولم تمض دقائق حتى علا صوت الجماهير حول البيت وحضر الرئيس وصعد للدور الثاني ودخل حجرته وخلع بدلته ونام بسريره، وانغلق الشارع وتعذر الدخول إلى البيت، ومنهم من لم يستطع الوصول إلى الشارع الذي فيه المنزل، وحضر معظم المسئولين نواب الرئيس ووزراء وضباط، وامتلأ الدور الأول، ومنهم من كان يبكي، ويصعد السلالم ويطلب الدخول إلى الرئيس في حجرته، ورأيت بعضهم جلس على السلالم ينتحب وكنت أسمع صوت بكائه».

وتستطرد تحية عبد الناصر، «فكنت أدخل للرئيس في الحجرة وأخبره عمن يطلب مقابلته، وقد سمح لعدد قليل بالدخول إلى حجرته، ثلاثة أو أربعة وأراهم يخرجون من عنده وهم ينتحبون، ثم قام وارتدى البدلة ونزل للدور الأول ومكث معهم لوقت قصير، وصعد إلى حجرته مرة أخرى، ونام قليلًا، وكان «محمد علوبة» الخادم الخاص به قد صعد وطرق الباب ومعه مذكرة وأوراق، فقال لي الرئيس قولي له: «لا يحضر أي أوراق وينصرف، وبقيت بجانبه وأصوات الجماهير تزداد حول البيت، نمت حتى الصباح واستيقظت كالعادة وأصوات الجماهير والهتافات لم تنقطع وتعلو بشكل لا أستطيع وصفه وخرجت من الحجرة وظل الرئيس بغرفته وكنت عندما أخرج من الحجرة في الصباح أخرج بهدوء ولا أدخلها حتى أسمع الجرس ليدخل الخاص بخدمته».

وأكدت «تحية» قائلةً: «وبعد وقت أدخل إليه ونتبادل تحية الصباح ثم أتركه ويكون قد بدأ في القراءة والاتصالات حتى يطلب الإفطار ويطلبني لأجلس معه، لم أدخل الحجرة في هذا الصباح إذ كان يدخل عليه زوار فرادى، يمكثون وقتا قصيرا ويخرجون وهو في حجرته لم يغادرها ووقت الظهر وجدت الحديقة من الخلف بها العديد من الكراسي مصفوفة ووجدت الإذاعة والتليفزيون تجهزان في الحديقة، ورأيت مذيعًا من الإذاعة وفريقا من الأخبار في التليفزيون، ونظمت الكراسي ووضعت منضدة أمام الصفوف، سألت: «ما هذا؟ فقيل لي إن مجلس الأمة سيجتمع هنا وكان ترتيب الكراسي والصفوف بشكل أدهشني وكأنها صالة مجلس الأمة، فقلت في نفسي لقد رأيت كثيرًا من المواقف والمفاجآت الغريبة في حياتي وها هي تختتم بمجلس أمة في المنزل وذهبت لإكمال الطعام الخاص بالرئيس، تركت الفراندة».

وتحكى زوجة الرئيس فتقول: «فدخلت ابنتي منى وقائلة إن أنور السادات أعلن في التليفزيون أن عبد الناصر تراجع عن قرار التنحي، فذهبت للصالة، ورأيت أنور السادات وقد قرب من الانتهاء من الحديث فسألت: وما هذا مجلس الأمة الذي أعد في البيت والإذاعة والتليفزيون؟ فقالوا لي: إن أعضاء مجلس الأمة لم يستطيعوا الحضور لشدة ازدحام الشوارع بالجماهير، وهم مجتمعون الآن في مقر المجلس بعد أن قبل الرئيس بالعدول عن التنحي، كل هذا والرئيس في حجرته لم يخرج منها، دخلت الحجرة ووجدته نائما لم يتحدث مطلقا».

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً