«إغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا» طِلبة ربانية أو بالأحرى صلاة مسيحية أثارت خلافات خلال الأيام الماضية، بعدما دعى القس مكاري يونان، في أحد عظاته المذاعة على القنوات الفضائية المسيحية، كافة المسيحيين بعدم الإعتراف بخاطاياهم، قائلا: «أنت بتهين المسيح لما تقول أنك خاطئ كأن المسيح مات بلا سبب».
تصريحات «يونان»، المخالفة للعقيدة القبطية، جعلت البعض يشكك في إنتمائه للكنيسة الأرثوذكسية، بسبب دعواته وأسلوبه الأقرب للفكر الخمسيني في الوعظ وهي طريقة تتبعها «الكنائس» التي تسلك تعاليم الوعظ وإخراج الشياطين والألسنة ومعمودية الروح القدس.
«إن الشيطان يحارب الإنسان مستهدفا غير المؤمنين ويعمل على إيذائهم بكل السبل، ونقوم بإخراج هذه الأرواح الشريرة».. تصريحات أدلى بها «القس مكاري» ردا على منتقديه، وتابع «أنا أعالج جميع الناس بمختلف أديانهم ومن مختلف الدول ولا أستطيع رفض طرد الشياطين عن أي شخص لأن هذا ما يمليه عليّ ديني»، فمنذ 40 عاما ظهرت كرامات «يونان» جليه، بعد أن صلى على شاب ملقى على الأرض في فناء الكنيسة التي يخدم بها، و كان يعاني من مرض الصرع، وظل يصلي عليه صلاة المرضى إلى أن انتهت النوبة المرضية، ومنذ ذلك الوقت ذاع صيت الراهب سالف الذكر.
ففي تمام الثامنة والنصف صباح كل جمعة يواظب «القس البركة» على موعده مع مريديه من الأقباط والمسلمين ليبرئ الأكمه والأبرص ويفك السحر الأسود ويجلب الحبيب ويشفي العاقر والعقيم، مطالب يصطف المئات لأجلها حول الكنيسة المرقسية الكبرى بالأزبكية، ليجد راهب الكرامات ضالته في تلقيبه بدرجة القمصية شرفيا، وأيضا تحقيق الشهرة التي كانت سببا في منع الكنيسة الأرثوذكسية من محاكمته كنسيا لمخالفته التعاليم الكنسية.
المادة 98 من قانون العقوبات عكرت صفو القديس المشهور بعدما أذاعت قنوات مسيحية عظته قائلا إن الأقباط هم أصل مصر، وإن الإسلام انتشر بالسيف والرمح، وتابع «مصر مسيحية وجدك وأبو جدك مسيحيان»، لكن سرعان ما حصل على البراءة في نوفمبر الماضي.
من جانبه انتقد عصام نسيم، خادم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، دعوات القس مكاري يونان حول رفض طلب المغفرة من الرب وأنها تعد إهانة لان المسيح صلب من أجل خطايا الإنسان، ويتساءل: لا أعرف من أين أتى الكاهن بهذا التعليم وأيضا ما علاقة هذا بذاك!، فهل نلغي الصلاة في المزامير والتي نقول فيها أنا الخاطئ ؟!، هل تلغي صلوات الأجبية والقداس الإلهي والتسبحة التي نقول فيها نحن خطاه؟، هل لا يصلي هذا الكاهن القداس ويقول فيه الكثير من الصلوات التي يقر بخطاياه ككاهن ويطلب المغفرة من الرب عنها؟، وأيضا التسبحة والتي نكرر فيها باستمرار يارب يسوع ارحمني أنا الخاطئ ؟، هل ما يقوله هذا الكاهن تعليم ارثوذكسي؟ بالطبع لا..
ويضيف: «ليست هذه المرة الأولى التي يدلي فيها القس مكاري يونان بمثل هذه التعاليم، خطورة الأمر انه يظهر على الفضائيات ككاهن ارثوذكسي له شعبية فعندما يقول هذه الأفكار الخاطئة فهو يعثر كثيرين، لذا لابد من تصحيح أفكاره وأيضا أسلوبه ومنهجه الذي كثيرا ما يكون بعيدا عن المنهج الأرثوذكسي، والحل يكمن في كشف أي تعاليم أو فكر غير أرثوذكسي له والرد عليه، وأيضا إحضار القس من قبل رئاسته الدينية ومراجعة فكره وتوضيح آراءه غير الأرثوذكسية وتوجيهه فيها، مقاطعا: هنا يستوجب التساؤل، هل سينصت القس مكاري يونان لأي نصح ويغيير من طريقته وأسلوبه وأفكاره التي صنعت نجوميته وشهرته؟!.
ويستطرد نسيم، إن القس مكاري يونان، أدلى ببعض التصريحات في السنوات الأخيرة أثارت الجدل خاصة أنها تحمل أفكار وتعاليم غير ارثوذكسية، وكالعادة كان هناك من يهاجم تلك الأفكار بشدة ومن يدافع عن القس مكاري يونان بشدة أيضا، و ربما لا يعلم كثيرون أن القس مكاري بدأ خدمته أولا في أسيوط مع المتنيح الانبا ميخائيل ونتيجة اختلاف وصدام معه ترك أسيوط وجاء إلى القاهرة، وقد كان القس مكاري متأثر بالفكر الخمسيني في الوعظ والأسلوب، الذي ينتمي إلى الكنائس الكارزمتيك التي لها أسلوب وتعليم معين في الوعظ وإخراج الشياطين والالسنة ومعمودية الروح القدس، وبعد مجيء القس مكاري إلى القاهرة ونتيجة أفكار له عن المعمودية غير أرثوذكسية تم إيقافه عن الخدمة، ويعد حوالي عام جاء لقداسة البابا شنودة يقول له أنه تراجع عن أفكاره فطالبه البابا أن يكتب كتاب عن المعمودية بالفكر الأرثوذكسي، وبالفعل قام القس بكتابته، وعاد للخدمة مجددا، وأصبح كاهن في الكنيسة المرقسية القديمة في الأزبكية.
وأوضح أنه معمزيد من الشهرة أصبح أي قبطي أرثوذكسي يلاحظ أن منهج وأسلوب القس مكاري يختلف عن أسلوب الكنيسة في كثير من النقاط، سواء شكل الاجتماع وطريقة الترانيم والصلاة وصولا إلى إخراج الشياطين الذي أخذ شكل «الشو الإعلامي» على الفضائيات بأسلوب لم يحدث في تاريخ الكنيسة قديما وحديثا.
نقلا عن العدد الورقي.