«الشيخ حسنى» رجل تخلى عنه الجميع، صار حبيس الظلام والفقر، بعد أن فقد نور عينيه الواحدة تلو الأخرى تحت وقع الإهمال الطبي، وكأن العمي لم يكن كافيا لتقلب حياة عم حسني الموظف النحترم رأسا على عقب فقد ابتلاه الله بزوجة لعوب حرنمته من أغلى شيء بعد عينيه وهو ابنه الوحيد.
حياته تستحق أن تحول لعمل درامي مبكي، فلم يبقى له في الدنيا سور رائحة ابنه بجدران المنزل وإحسان أهالي المرج من جيرانه.
«المظلوم» هكذا لقبه أهالى المنطقة لما مر به عم حسني «الكفيف» من ظلم وانكسار من زوجته بعد تخليها عنه وأخواته الذين يعملون جميعًا بوظائف مرموقة ولا أحد منهم يسأل عنه ، ووصفوه « دا راجل محترم بس الدنيا اديته ضهرها»، حسب تأكيد أحد الجيران.
الشيخ حسني لحص محطات العذاب والحرمان والشقاء في حياته بسطور قليلة « كنت أعانى منذ صغري بضعف في عيني اليمنى ومع الاهمال الشديد من قبل أسرتي فقد نور عيني نهائيا، وبرغم ذلك عشت حياة طبيعية وعملت في وظيفة مرموقة».
يتابع الرجل الخمسيني «الحظ السئ لازمني فأصيبت بضمور في عصب العين اليسرى ومع إهمال شديد من الأطباء وأثناء عملية جراحية فقدت عيني الأخرى وأصبحت أعيش في ظلام دائم».
وأضاف «قبل إصابتي بسنوات طويلة تزوجت من فتاة جميلة تدعى «داليا»، كنت اعتقد بأنها ستكون شريكة عمري وحب حياتي التى ستظل بجانبي ولن تتخلي عني مهما كانت الظروف، وأثمر زواجنا عن انجاب ابني الوحيد «يوسف».
هنا يتوقف عم حسني عن الكلام ولتغافله دموع الحزن والقهر قبل أن يضيف «كل أحلامي ذهبت أدراج الرياح ، فعندما أصبت بالعمى طلبت منها الانفصال حتى لا أكون مصدر إزعاج بالنسبة لها ، لكنها رفضت ومثلت علي بدموع التماسيح ووعدته بأن تقف بجانبه وألا تتخلى عنه وهى على استعداد بأن تنزل هى للعمل لتغطى مصاريف بيتنا الصغير» .
رجولته وكرامته منعته من الموافقة عن طلب شغلها لكن ما باليد حيلة اضطر للموافقة حتى تستمر الحياة وخصوصا انها سلبت منه كل أمواله .
وأضاف «عم حسنى» أن زوجته بدأت تتغيب عن المنزل لفترات طويلة ويظل هو برفقة ابنه «يوسف» ليلبى متطلباته، حتى فؤجى بحماته حضرت وطلبت منه أشياء يحرمها الشرع والقانون، جن جنونه وقام بطردها من الشقة، ولمراعاه شعور زوجته رفض أن يخبرها شيئا عن أخلاق والدتها السيئة، ورويدًا رويدًا لاحظ تصرفات زوجته الغريبة فبدأت تبعد وتنفر منه طول الوقت، وتغيب بعد مواعيد عملها بساعات طويلة .
«كنت في بداية الأمر متعجبا من حب وإهتمام زوجتي، الذى أصبح معدوما، وبدأت تتشاجر معي على أتفة الأسباب وتعايرني بالعمى وتحملها هى المسؤلية وبالنهاية طلبت مني الطلاق وأخذت طفلها ورحلت عنه».. هكذا عاد حسني المظلوم للحديث.
كل هذه المصائب لم تكن هى مشكلته الأساسية لكن المشكلة الأكبر أنه بعد إتمام الطلاق حرم من ابنه الوحيد الذى من المفترض بأن يكون هو سنده وظهره في هذه الظروف.
لكن الزوجة القاسية عديمة الرحمة ذهبت وتزوجت من رجل آخر بعد أشهر قليلة من الطلاق ومنعته من زيارة ابنه منذ خمس سنوات، ورفضت أن يأخذه في أحضانه ليتحمى به ويكون هو بديلا عن النور الذى أنطفئ بعيناه.
«عم حسنى»، تنهشه المخاوف على مستقبل طفله «ابني يوسف يعيش الآن مع جدته المعروف عنها بسلوكيتها السيئة بالإضافة إلى أولاد أخواتها المسجلين خطر، وهو مناخ لا يلائم ابني، فإبنى يعيش في خطر ومش عارف أخده وهى سيباه ... طب تدهولى أنا أربيه.. أو حتى أشوفه.. محكوم لى حكم رؤية من خمس سنين ولحد الآن ماتنفذش عشان بتديهم رشاوى.»
وفي النهاية وجه الشيخ حسني صرخة للمسئولين وأرباب القانون مطالبا بالرحمة قبل العدل «أنا بطالب المسؤولين وقانون حماية الطفل بحقى في رؤية ابني وخصوصا في ظل هذه الظروف العصيبة التى أمر بها.»
نقلا عن العدد الورقي.