اعلان

حياة "اليتامي" في رمضان.. "جدول تدعيم" حيلة جمعية رسالة لتشجيع الأطفال على الصلاة.. وصلاة التراويح 8 مرات.. تخصيص يومين لصلاة الفجر في المساجد

في إحدى البنايات الواقعة بشارع منسي ياسين بحي فيصل، يعلوا صوت ذو لمحة رجولية ممزوجة بنبرة خشوع، من طفل في الثانية عشر من عمره، تقبض أنامله على مصحف، يردد كلمات الله، ينظر من وقتًا لاخر على ورقة معلقة على إحدى حوائط شقته التي يسكنها مع أخوة لم يجمعه بهم أب أو أم، بل لفظ يتيم، تحمل اسم «جدول تدعيم» بها نقاط مرصوصة باتقان أسفل خانات متدرجة بين الصلاة وقراءة القرآن.

«جدول تدعيم».. ما هو إلا خطوة وضعتها «رسالة» لتشجيع الأطفال على النشاط الديني في رمضان، ليتهافت الأيتام على صلاة التراويح وغيرها من الروحانيات؛ للفوز بالهدايا التي تخصصها الجمعية لصاحب أكثر أنشطة دينية في الشهر الكريم.

منذ بلوغهم سن العاشرة، اعتاد أطفال «رسالة» على ممارسة الأنشطة الخيرية، فأناملهم الرقيقة منذ ذلك العمر بدأت في حمل طعام الصائمين؛ وتوزيعه عليهم قبل أن يعلوا مدفع الإفطار بلحظات وترتوي الأمعاء بالماء بينما يردد المؤذن "الله أكبر".

في إحدى الغرف الضخمة التي خصصتها الجمعية لفرز الملابس وتعبئة الطعام قبل توزيعهم، يتسابق عشرات الأطفال من أبناء الجمعية، على الفرز والتعبئة بينما يصطف خلفهم المشرفين، متابعين إياهم ومحاولين مساعدتهم في تعلم تلك الأنشطة.

يستقبل أطفال رسالة شهر رمضان المبارك بجدول ملئ بالروحانيات، فخصصت لهم الجمعية يومين لصلاة الفجر في المساجد ومثلهم للإفطار خارج الجمعية بصحبة المشرفين.

يتحمل من يحمل لقب «الأخ الأكبر» من الشباب والبنات المتطوعين الذين عاهدوا الجمعية بالحفاظ على الأطفال، ويترددون أغلب الأوقات على الأيتام، مسئولية كبيرة خلال شهر رمضان، فالأخ الأكبر تارة يصطحب الطفل للإفطار في الخارج وتارة آخرى يتناول الإفطار معه بمقر الجمعية، لإحياء دفء الأسرة في قلوب الأيتام.

في أحد أيام رمضان، تتعالى الضحكات من إحدى الشقق المستقرة بفرع الجمعية بفيصل، بينما يتسابق الأطفال مع الفتيان والفتيات من المتطوعين إلى المطبخ لإعداد الطعام، وتجهيز العصائر، طابع الأسرة المصرية في شهر الصيام شق طريقه إلى تلك الشقة، التي يسكنها أيتام لا يعلمون عن نسبهم شيئًا سوى أوراق شخصية ومسمى أطلقه عليهم من وجدهم ملقون بالشوارع.

ساعات يقضيها الأطفال بصحبة المتطوعين، لكن فرحة الأطفال لا تقارن عندما ينتقلون للإفطار في منزل الأخ الأكبر، وسط عائلته في منزل مكتمل الأركان، تركت مشاعر الحب آثرها بين أفراده.

ملابسه تماثل ملابس من حوله، ابتسامة خفية ترتسم على شفتيه بين لحظة وآخرى، بينما يد أخيه الأكبر "المتطوع" تحاوطه، ويده الآخرى تمتد بالطعام بالقرب من فمه، أما الأم فتحتضنه بمشاعر اعتاد عليها ابنائها الحقيقيين.. أنه يومًا خصصته جمعية رسالة للسماح للمتطوع باصطحاب الطفل إلى منزله؛ ليشعر بالحياة الأسرية.

الساعات التي يقضيها الطفل، متشبثًا بيد الأخ الأكبر، تمحو شعور الوحدة من داخله، ليسكن بدلًا منها مشاعر الأخوة، لكن تلك المشاعر لا تقل عن الأحاسيس التي يشعر بها عندما يجتمع المتطوعين داخل الجمعية لتناول الفطور المعد بأيديهم جميعًا أو الطعام الجاهز الذي دفع مقابله المتطوعين.

لا يمتلك الطفل في جميعة رسالة أخ أكبر فقط، بل لديه ما يقرب الـ3، ليأتي رمضان ويتنقل 3 أيام في منازلهم يشبع بداخله الاحتياج الأسرى، والأمومة النابعة من قلوب أمهات المتطوعين.

قبل استقبال الأمة الإسلامية لشهر رمضان المبارك، تحضر المشرفات بفروع جمعية رسالة ورقة تحمل كافة مسلزمات الشهر الكريم من الأطعمة، ليجد الأطفال يوميًا على الإفطار والسحور كافة أنواع الأطعمة التي يحتاجونها.

لا يقتصر إفطار الأطفال خلال شهر رمضان المبارك عند جمعية رسالة أو منزل الأخ الأكبر، فهناك من يتطوع حديثًا في ذلك الشهر لدفع تكاليف إفطار الأطفال في مكان عام، أو يطلب أحد المطاعم إحضار الأطفال إلى مقل المطعم لتحضير فطور مجاني لهم؛ احتفالًا بالشهر الكريم.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً