اعلان

يا أرز.. مين يزرعك؟.. القرار رقم 28 يقتل مزارعي الفيوم.. اعدام المزارعين في البحيرة.. دمياط تبحث عن طوق نجاة (صور)

كتب :

كتب: فاتن بدران ـ أسماء ناصر ــ شيماء السمسار ـ أحمد مرجان - إبراهيم الأسمر ـ آية العريني ـ هيثم مراد

بين «موت وخراب ديار» و«توفير موارد مصر المائية» تراوح أزمة تقليص مساحات الأراضي المنزرعة بالأرز مكانها بين الاستنكار والتأييد، ومن يعارض القرار يرى أنه يسد أبواب رزق أمام آلاف الفلاحين، الذين يعتمدون على زراعة الأرز وبيعه كموردا أساسيا لمعيشتهم والانفاق على أسرهم وهو بالنسبة لهم كالقطن المصري في الستينات، فيما يرى الطرف الأخر أن زراعة الأرز تهدر ثروة مصر المائية في وقت تعاني فيه البلاد من الفقر المائي، تزامنا مع استمرار أزمة سد النهضة الإثيوبي، وتهديده حصة مصر المائية..، وإلى حين حسم ملف زراعة الأرز يبقى المزارع بين سندان الحكومة ومطرقة متطلبا الحياة.. في الملف التالي نقترب من أصحاب الأزمة والمتضررين الأساسيين منها وهم مزارعو الأرز في المحافظات، التي تشتهر بزراعته، للتعرف عن قرب عن مدى تأثير القرار على أرزاقهم والبدائل المطروحة أمامهم.

ـــ القرار رقم 28 يقتل مزارعي الفيوم

في الفيوم صدر قرار الدكتور جمال سامي، محافظ الفيوم بحظر زراعة الأرز بعد الإطلاع على القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن نظام الإدارة المحلية و لائحته التنفيذية و تعديلاته وعلى قانون وزارة الزراعة رقم 53 لسنة 1966 ، وحذر فى الوقت نفسه ، من التجاوز و زراعة الأرز ومخالفة التعليمات ، مشيراً أن العقوبة تتراوح ما بين غرامة 5 إلى 6 آلاف جنيه ،بخلاف نفقات الإزالة التي يتحملها المخالف.

وقال حسين محجوب، فلاح بمركز إطسا وأحد المهتمين بمشاكل الفلاح، «نحن في حالة رصد للقرار وضد حظره في الدلتا خاصة وضد القرار بشكل عام، فنحن نطالب بإعادة زراعة الأرز في الفيوم لأنه كان من أهم المحاصيل الزراعية بعد القطن، والذي كانت تشتهر به المحافظة وقلت زراعتة لغش "التقاوي" فأصبح لا يدر نفعا على الفلاح ، ويليه الفول الحراتي»، موضحا أن الفيوم تشتهر بتلك المحاصيل ويأتي بعدها القمح في المرتبة الثالثة.

خالد الشريف، نقيب الفلاحين بالمحافظة خرج ليؤكد أن القرار غير مدروس وجائر على الفلاح، ولا يراعي العدالة الاجتماعية، لافتا إلى أن الأرز يحتاج 120 يوماً فقط لحصاده ويحقق عائدا جيدا للفلاح، فى الوقت الذي تحتاج المحاصيل الصيفية الأخرى وقتاً أطول للحصاد ولا يحقق عائدا سوى ما تم الأنفاق عليه لزراعته ، وإضافة إلى أن غالبية الأراضي بالمحافظة تروي الأرز بمياه الصرف الزراعي، وليست مياه الشرب كما يعتقد الكثير .

وأشار «الشريف» أن مجلس النواب جعل قرار وزير الزراعة أمرا واقعا بعد موافقته على قانون الزراعة الجديد رقم 28 لسنة 2018، والذي جعل القرار فى يد وزارتي الزراعة والري لتحديد المناطق والأصناف التي تتم زراعتها دون إبداء أسباب لاختيار هذه المناطق تحديدًا.

ـــ الحكومة تطلق «رصاصىة الرحمة» على مزارعي الشرقية

«موت وخراب ديار» تسبب فيه جرة قلم بقرار غير مدروس بحظر زراعة الأرز، دون مراعاة لأحوال مزارعين يطعمون أولادهم وينفقون على أسرهم من نتاج بيع زراعاتهم من الأرز، ولم يقدم المسئولون بديلا للمزارعين وتركوهم يواجهون شبح الفقر واليأس بمفردهم، ما بين الخوف من السجن والتخوف من الجوع يعيش فلاحو الشرقية بين المطرقة والسندان في انتظار رصاصة الرحمة.. 

«هنبّور أراضينا ومش هنزرعها هنعمل إيه يعني الزراعة مبقتش جايبه همها وبنسحتمل وبنزرعها أرز علشان نأكل عيالنا، والحكومة منعتنا من زراعته»، بتلك الكلمات بدأ " أحمد حسن" حديثه مستنكرًا حال الزراعة الذى أصاب الفلاح باليأس بعد حظرهم من زراعة محصول الأرز هذا العام.

«لا ذرة جايب همه ولا قمح جايب همه وعندنا 8 عيال بأولادهم بياكلوا 10 كيلو أرز فى اليوم نجيبلهم من فين»، بتلك الكلمات استنكر أحمد عيد، أحد المزارعين بمحافظة الشرقية، حظر زراعتهم لمحصول الأرز هذا العام، مشيرًا إلى أن مياه الترع جفت ويعتمدون فى ري أراضيهم على المياه الجوفية.

وتابع : «الفلاح يعمل إيه يمّوت نفسه يعني»، مؤكدًا أن الأراضي الزراعية لا يصلح لها بديل غير زراعة الأرز، لافتًا أن الأرض حنينة للأرز، مشيرًا أن زراعته بأراضيهم لا يستهلك كثير من المياه مثل الذرة، موضحا أنهم سيقومون بتبوير الأراضي أفضل لهم.

وأضاف المزارع في حزن «أنا واحد من الفلاحين زارع قطعة ذرة أعمل إيه يعني عشان حظر زراعة الأرز، وغرامات وحبس ليه زارعين بانجو ولا إيه».

فيما قال على محمود أحمد، أحد المزارعين، «نحن لا نعارض قرارات الحكومة ولكن نطالب بأن يكون هناك نظرة للفلاح، متابعا: «أراضينا حنانه والأراضي الحنانة لا تحتاج إلى كثرة مياه الرى»، مشيرًا إلى أن المحاصيل الرئيسية للفلاح هى القمح والأرز، لافتًا أن زراعة الذرة فى الأراضي الحنانة لا تصلح وإنتاجها لا يكفي مصاريف الإنفاق عليها.

وأوضح محمود ، أن مياه الرى بالمساقى الفرعية جفت من الترع، مشيرًا إلى أن اعتمادهم الأساسي فى الزراعة على المياه الجوفية الارتوازيه، لافتًا إلى أن زراعة الأرز مفيد للتربة الزراعية، وأن آخر مرة لزراعته كانت فى عام 2015 بسبب قرارات الحكومة وفرضهم غرامات على الفلاحين.

وأكد أنه يقوم بشراء محصول الأرز من مركز أبو حماد أو أى مركز مجاور، بالإضافة إلى استغلال التجار، لافتًا إلى أنه يقوم بزراعة الذرة لبيعه ثم يشتري الأرز بثمن أغلى من ثمن الذرة، منوهًا أن إنتاج الذرة لا يكفي لشراء ضريبة أرز واحدة، موضحا أن بعض المزارعين يتركون أراضيهم بور بدون زراعة فى الصيف بسبب قرار حظر زراعة الأرز، ثم يزرعونها قمح وقت زراعته.

من جهته أكد المهندس علاء عفيفي وكيل وزارة الزراعة بمحافظة الشرقية، أن إجمالي المساحة المسموح بزراعة الأرز فيها 127 ألف فدان وهي أقل من النسبة التي كانت مخصصة للأرز العام الماضي بـ 49 ألف فدان، مشيرًا إلى أن المراكز المحظور بها الزراعة بعض مناطق "الزقازيق وههيا والإبراهيمية وديرب نجم ومشتول السوق ومنيا القمح وبلبيس".

وأوضح «عفيفي»، أن الهدف من تقليص مساحة زراعة الأرز هو الحفاظ على المياه لإضافة مساحات زراعية جديدة مثل تنمية سيناء والوادي الجديد، لافتًا إلى أنه سيتم تطبيق القانون على المخالفين

ـــ زراعة الغربية تعاقب الفلاحين

جاء خبر تقليص المساحة المنزرعة بمحصول الأرز بمحافظة الغربية ، كالصاعقة على رؤوس الفلاحين، الأمر الذى يهدد بارتفاع أسعاره لأضعاف وخاصة مع دخول شهر رمضان.

وتقلصت مساحات المحصول في محافظة الغربية من 70 ألف فدان إلى 40 ألف و600 فدان، بجيث تراجعت المساحة للنصف تقريباً.

يقول حماده نعيم، أحد مزارعى قرية الجابرية، إنه بعد تقليص المساحة المنزرعة من الأرز، حددت مديرية الري مراكز بعينها من ضمن المراكز الثمان لذلك المحصول، إلى جانب تحديد أحواض، متسائلا «لا نعلم هل سنزرع الأرز في مركزنا أم لا وإن لم يكن فكيف نطعم اولادنا فالأرز سيصبح ثمنه غال جدا بعد منعه فى العديد من المحافظات، وكثير منا ليس لديه أى دخل لمواجهة ظروف الحياة سوى الفلاحة؟» .

وأضاف مؤمن أبو العزم، مزارع من قرية العامرية، أنه على الرغم من التحذيرات والتنبيهات التى أقرتها وزارة الرى ومديرية الزراعة إلا المزارعون «شتلوا محصول الأرز» في الأراضي إلا أنه تم منع المياه عن المشاتل ما يعرض الشتلات للهلاك، مضيفا «تجمهرنا كأصحاب محصول لا نرغب فى الخسارة ، وذهبنا إلى المروى وفتحنا بوابات القناطر كى تصل المياه للشتل، لأنها فى هذا الوقت ضعيف جدا لا يتحمل العطش» .

واستطرد قائلاً: «العام الماضى احترق المحصول فى أرضه بعد إغلاق مرؤى المياه عن المحصول ولم نسق الأرض قبل ضم الأرز، وهو ما أهدر تعب الموسم بالكامل».

ولفت أن الوزارة كانت تحدد أحواض الزراعة بمحاصيل معينة غير الأرض كالذرة البيضاء والصفراء، فى مقابل الألتزام، تقدم للمزارع الأسمدة والبنزين المدعوم وفى نهاية الموسم تحدد سعر تشترى به المحصول الملزم زراعته ، أما الأن فتزرع الأحواض بصور عشوائية ولا يحدد سعر المحصول، وقد يتفاجئ المزارع فى نهاية الموسم بأن الناتج لا يغطى تكاليف الزراعة.

ومن جانبه قال حسن الحصرى، نقيب الفلاحين، إن قرار منع زراعة الأرز بالغربية فى حد ذاته قرار قهرى وظالم لتلك المحافظة، التى عاشت لأجيال وأجيال تزرع ذلك المحصول، الذى كان فى يوم من الأيام عصب الزراعة بأحواضها، لافتا أنه قديماً كانت الفتيات والفتيان ينتظرون ضم الأرز لشراء الشوار والزواج ، وتخزين البيت ومازالت العادة جارية إلى الأن من تخزين أحتياجات الأسرة السنوية من المحصول .

وأوضح النقيب أن هناك أحواض تزرع بمياه الأبار الأرتوازية إلا أنها ستؤذى التربة ولم توفر الكمية الكافية من المياه للمحصول، إلى جانب إيذاء النبتة نفسها، وبذلك يقضى على الأرز من الأساس.

وعلى صعيد متصل يقول على البيومى، وكيل وزارة الزراعة بالغربية «تنتج المحافظة كميات ضخمة من محصول الأرز سنوياً يكفى الاحتياجات المحلية والفائض يتم تصديره، وحتى بعد تقليص المساحة إلى 40 ألف و 600 فدان، سيكون المحصول وفيرا ويغطى الاحتياجات إذا لم يتم تصديره».

وأوضح البيومى «لقد بدأنا فى مواجهة المخالفين بحيث تتمركز نسب المخالفة فى مركز المحلة الكبرى، إلا أننا هذا العام لم نسجل محاضر زراعة على محصول بل نزيل المشتل من البداية لمنع الزراعة من الأساس»، واستطرد «حتى الآن تمت إزالة ما يقرب من 34 مشتل مخالف، بحيث تم توزيع المساحة المسموح بزراعتها كالأتى : مركز بسيون 3 آلاف 65 فدان ومركز قطور 7 آلاف 892 فدان ومركز المحلة الكبرى 23 ألف 866 فدان و58 ومركز سمنود 5 آلاف و800 فدان، بالإضافة إلى 5 آلاف فدان مضافة على مصارف ومراوى المحلة الكبرى وسمنود».

وأشار وكيل الزراعة إلى أنه سيتم توقيع الغرامة المنصوص عليها فى قانون الرى والصرف 12 لسنة 1984، على المخالفين، كما سيتم تحصيل غرامة قيمة مقابل الاستغلال للمياه الزائدة عن المقررة لزراعة الأرز بالمخالفة طبقا للقانون.

ـــ دمياط تبحث عن طوق نجاة

نحو 45 ألف فدان فقط هي مجموع المساحة التي سمحت بها وزارة الري لزراعة الأرز في محافظة دمياط.

وتسود حالة من الترقب على فلاحي دمياط، الجميع ينتظر كيفية التعامل مع الأماكن التى تم استبعادها من زراعة الأرز هذا العام، يبدو أن هناك أماكن لا تنتظر القرار، خاصة تلك التي تقع على ترعة السلام فيستعد أصحابها لاستقبال موسم زراعة الأرز بشكل طبيعى، بينما تنتظر قرى دمياط من الناحية الشرقية ماتحمله الأيام المقبلة.

حرص فلاحيو دمياط على الانصياع إلى القرار دون إثارة المشكلات رغم تأثيره على أسعار السلع وكذلك الكميات المنتجة من المحصول ، ولكن تلخصت مطالبهم فى تقيدم وزارة الزراعة الدعم اللازم كما ينبغى .

«أنا نفسى بس نلاقى حد من الزراعة مهتم بينا» بهذه الجملة بدأ «عم صلاح»، أحد الفلاحين حديثه واستكمل قائلاً: «احنا هنقلل المساحة المرزوعة للأرز بس ياريت تلاقى التقاوى والمبيدات موجودة وتكون جيدة مش ردئية، احنا كل سنة بنعانى مع الجمعيات الزراعية بسبب المواضيع دى» .

وقال أخر «وزير الزراعة مش مهتم بينا ولولا العلاقات الشخصية ماكناش قدرنا نشوف شغلنا، قرار تقليل زراعة الأرز ده هايوقف حالنا ومحتاجين حد يسمعنا أو يوفرلنا البدائل» .

اتفق فلاحي دمياط على المحاصيل البديلة للأماكن التى سيتم استبعادها من خطة زراعة الأرز هذا العام ، ليأتى محصول الذرة الصفراء واللب على رأس تلك المحاصيل، فعلى حد قولهم تلك المحاصيل لا تحتاج إلى مياه كثيرة كذلك يمكن الانتهاء من المحصول خلال 90 يوماً فقط مما يدفع الفلاحين الذين سيتم استبعادهم من زراعة الأرز إلى التحضير لزراعة تلك المحاصيل ذات القيمة التسويقية العالية .

وفى سياق متصل قال مجدى البسطويسى نقيب فلاحين دمياط، إن قرار تقليل المساحات المزروعة من الأرز قرار سيادى وسياسة دولة وعلى الجميع الانصياع له، مستطردا «نريد أن تلتزم وزارة الزراعة بما جاء فى نص القرار»، لافتاً إلى أن المبيدات والكيماوى مشاكل أزلية لا تنتهى .

وأوضح نقيب الفلاحين أن هناك إجراءات تم اتخاذها خلال الفترة المقبلة لتحديد الأماكن التى ستزرع الأرز خلال العام الحالى ، لافتاً إلى أن اهمال وزارة الزراعة اذا استمر فلن يتمكن المزارعون من زراعة محصول جيد .

وأشار أيضاً إلى بدء تخطيط الأراضى وتقسيمها استعداداً لاستقبال الموسم، مشدداُ أن زراعة الذرة الصفراء واللب لا يحتاجان إلى مياه كثيرة إضافةً إلى قيمتهما التسويقية العالية .

وأنهى نقيب فلاحين دمياط حديثه قائلاً: «التزام الوزارة بتعليمات القرار أمر واجب التنفيذ فما عاد هناك حجة لهم، فلاحين دمياط عارفين أهمية المرحلة دى ومش أقل وطنية من حد وهنقف جنب الدولة وهنساندها بس ياريت نحل مشاكل دمياط الأزلية دى والوزارة تهتم بالفلاح أكتر من كده».

من جهته أكد اللواء سامى حمودة سكرتير عام محافظة دمياط ، أن المحافظة تلتزم بتنفيذ قرارات الدولة بشأن زراعة الأرز ، لافتاً إلى بدء تجهيز المحافظة لعقد اجتماعات مع الفلاحين لبحث تطبيق القرار والالتزام به، بالإضافة إلى مناقشة أهم المطالب التى طالبوا بها .

وشدد «حمودة» على أنه يتم أيضاً التحضير لرسم خطة زراعة الأرز بالتنسيق مع مديرية الزراعة ، موضحاً أن الأيام المقبلة ستشهد تحركاً من قبل قيادات المحافظة لمتابعة هذا الشأن من أجل المرور بالأمر دون عناء .

في السياق أكد المهندس ماهر سويلم وكيل وزارة الزراعة بدمياط، أن المديرية قسمت الأماكن التى شملها القرار ، موضحاً أن هناك أماكن لن تأتى ضمن المساحات المحرومة من زراعة الأرز العام المقبل ، وأكد "سويلم" أن مديرية الزراعة تعقد جلسات مستمرة مع نقابة الفلاحين وأصحاب الأراضى لمناقشة طلباتهم وإيجاد حلول لمشكلات الزراعة بقرى المحافظة .

ـــ إعدام المزارعين في البحيرة

غضب يسود أجواء محافظة البحيرة، كسحابة سوداء أخفت معالم الفرحة بعد قرار الحكومة منع أو تقليل نسبة زراعة الأراضي بالأرز.

فى البداية يقول بديوي مجاهد، أحد المزارعين وأصحاب مضارب الأرز بقرية سلطيس التابعة لمركز دمنهور إن قرار الحكومة تقليل أو منع زراعة الأرز من أكثر القرارات التي سوف تقضي علي المزارع المصري في كل الأحوال، وتسبب له خسائر كبيرة سواء الضرر الواقع علي التربة الزراعية نفسها وصعوبة زراعتها مع مرور الوقت أو الضرر علي مصدر رزقه الوحيد أو على السلعة الأساسية التي لا غنى عنها في كل بيت مصري.

وأوضح مجاهد أن زراعة الأرز تعد المصدر الوحيد للمزارع لسداد احتياجات بيته، مشيرا: «واحد جاري كان عامل حسابه إنه يزرع أرز لكي يبيعه ويستطيع تسديد الديون المتراكمة عليه من زواج أولاده وكده هيتخرب بيته»، بالإضافة أن محافظة البحيرة تعد من أشهر المحافظات في تجارة الأرز وعلى وجه الخصوص قرية سنطيس.

وأضاف أنه يمتلك هو وأشقائه أكثر من 50 فدان كان يقوم بزراعة ما يزيد عن نصفها أرز في العام الماضي، لتجارة وسداد إحتياجات بيوتهم، ماذا يفعل هذا العام بعد تقليل نسبة الأراضي الزراعية في زراعة الأرز؟، قائلا: «هنزرع أرز علشان اكفي بيتي وأولادي وعلشان تجارتي وشغلي، غير أن الأرض هيقل جودتها في الزراعة بعد منع زراعة الأرز».

وأكد محمد فكري، فلاح مقيم بقرية البرنوجي البلد التابعة لمركز دمنهور، أنه يمتلك 3 افدنة وكان يقوم بتقسيم الأرض كل عام (ثلثى أرز، ثلث ذرة، ثلث قطن)، لافتا أنه بعد هذا القرار أصبح مفروض عليهم تقسيم (ثلث أرز، ثلث ذرة ،وثلثى قطن)، يعد هذا القرار عائقا أمام المزارع يصل لحد الموت لأن هذا لا يكفي احتياجات المزارع من الأرز.

واستطرد غاضبا: «الفلاح يعمل إيه دلوقتي بعد ما الحكومة حطت العقدة في المنشار بعدم الزراعة والغرامة يرضي مين دلوقتي وقف الحال دا، احنا نموت أحسن ولا العيشة دي دا الواحد يزرع مخدرات أحسن علشان يقدر يشتري الأرز لأولاده ويوفر احتياجاتهم اللي ماتخلصش ابدا».

في سياق متصل أكد الدكتور طلعت حجاج وكيل وزارة الزراعة بالبحيرة، في تصريح خاص، أنه بعد قرار رقم 128 لسنة 2018 التي اتخذتها الدولة في مواجهة مشكلة نقص منسوب المياه في النيل بتقليل زراعة الأرز في الأراضي الزراعية وتم الحصول على قرار من الوزارة تقسيم المياه على مستوى المحافظات، وكان نسبة محافظة البحيرة في حصة المياه المخصصة لزراعة الأرز هذا العام بعد تحديد المساحات التي تزرع ارز حسب الترع التى تروى هذه الأراضى بمقدار ما يقرب إلى 106650 فدان فقط بكافة مراكز المحافظة وهي نسبة غير كافية مقارنة بالعام الماضي والذي شهد زراعة ما يقرب الي 175 ألف فدان.

ـــ بعد حرمان 11 عاماً.. الري تهدي الإسكندرية 2000 فدان أرز

عادت زراعة الأرز فى الإسكندرية مرة أخري بعد 9 سنوات من حظر زراعته بالمحافظة لتأثيره على مآخذ محطة مياه السيوف، وذلك ضمن الخطة التى تجرى وزارة الري استعدادتها للإعلان عنها بتهيئة الرأى العام لتقبل الخطة الجديدة التى لم تتمكن من تنفيذها منذ عامين بسبب اعتراض بعض الوزارات والبرلمان فى تخفيض المساحات المنزرعة بمحصول الأرز من مليون و100 ألف فدان إلى 700 ألف فدان، موزعة على 9 محافظات.

وجاءت موافقة الدكتور عبدالمنعم البنا، وزير الري والموارد المائية، على تأهيل 2000 فدان لإعادة زراعة الأرز بقرى أبيس بالإسكندرية، على ترعة مريوط 1،2،3،4 ضمن المساحات المصرح بزراعتها لمحصول الأرز لعام 2018، وفقا للقرار الوزاري الذي حمل رقم 28، في صالح أهالي منطقة امتداد أبيس شرقي الإسكندرية باعتبارها مصدر رزقهم الوحيد.

وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور مصطفى البخشوان، وكيل وزارة الزراعة بالإسكندرية، أن المحافظة تستعد لزراعة مساحة 2000 فدان من محصول الأرز بمنطقة برج العرب وأبيس، بالاعتماد على مياه الرى العادية، بالإضافة إلى مساحة 1000 فدان آخر بمناطق خورشيد والمعمورة وذلك بالاعتماد على مياه الصرف الخاصة بمصرف أبو قير فى الرى، ليكون إجمالى مساحات الأرز بالإسكندرية 3 آلاف فدان، وذلك بعد توقف زراعة الأرز فى الإسكندرية لمدة 9 سنوات.

وأضاف البخشوان، أن أرض الإسكندرية لديها نسبة ملوحة عالية جدا، كان سببا رئيسيا فى الموافقة على زراعة الأرز ببعض مناطق الإسكندرية، حيث أن مياه الرى تعمل على غسل التربة وذلك من خلال الرى لأكثر من مرة نظرا لمتطلبات زراعة محصول الأرز .

وأوضح وكيل الوزارة، أن الأسباب الرئيسية لوقف زراعة الأرز فى الإسكندرية لمدة 9 سنوات، هى طبيعة مدينة الإسكندرية، حيث أن الأراضى القريبة من مياه البحر تكون فيها نسبة الملوحة مرتفعة جدا لذلك تحتاج إلى نسبة كبيرة من المياه من أجل غسيل التربة من نسبة الملوحة، ولهذا السبب لا يسمح فيها بزراعة الأرز منعا من استهلاك المياه، مؤكدا أن العجز المائى فى مصر سببا رئيسا لتنظيم زراعة الأرز ومنعها فى بعض الأحوال، حيث أن كيلو الأرز الواحد يحتاج إلى 3 لتر من الماء، ولو 3 طن من الأرز يحتاج إلى 9 آلاف متر مكعب من ماء الرى فمحصول الأرز يعنى الماء ومحافظة الإسكندرية من محافظات نهايات الرى، لذلك كان لابد من تقليل مساحة الأرز بالإسكندرية، والسماح بنسبة أكبر من المساحة فى المحافظات الأخرى مثل الغربية والمنوفية وغيرها من محافظات الدلتا.

وكشف البخشوان، عن خطة التحكم فى المزارعين فى زراعة الأرز، حيث تتولى الجمعيات الزراعية تطبيق قرار زراعة الأرز فى المناطق المسموح بها، ويعاقب المزارع الغير ملتزم بقرار زراعة الأرز، ويقوم بزراعة الأرز فى غير المناطق المسموح بها، من خلال تغريمه مبالغ مالية مقابل استهلاكه مياه الرى، وتقدر بمبلغ 4500 جنيها للفدان، بجانب حرمانه من الأسمدة ومنتجات زراعة الأرز المتوفرة بالجمعيات الزراعية والمدعومة للمزارع العادي، هذا بجانب توريد جزء من محصول الأرز بالمبلغ الذى يتم تحديده من قبل الدولة.

في هذا السياق، قال محمد داوود، أحد المزارعين بمنطقة برج العرب، إن كل المزارعين يخافون من زراعة الأرز نظرا لندرة المياه، خاصة أن زراعة الأرز متوقفة منذ عام 2007، ولأن محصول الأرز له طبيعة خاصة حيث يتطلب الرى لمرات عديدة، وهو الأمر الذى لا يتوفر فى بعض أراضي منطقة برج العرب، مما يدفع المزارعين للهرب من زراعة الأرز واستبداله بمحصول ‏آخر، مشيرا إلى أن وزارة الرى بالتعاون مع وزارة الزراعة سوف تسهل عملية زراعة الأرز من خلال توفير مياه الرى.

وأضاف محمد أحمد، أحد مزارعي منطقة أبيس، أن محصول الأرز له أهمية كبيرة ولا يمكن للمزارع الاستغناء عنه، مضيفا أنه "نظرا للظروف المائية وندرة المياه يجب تنظيم زراعة الأرز وليس منعها، والحمد لله تم السماح للمزارعين بالإسكندرية بزراعة مساحة 2000 فدان الأمر الذى سوف يحل أزمة كبيرة".

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً