كشفت مصادر تركية عن استمرار نزيف الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي والذي وصل إلى فقدانها 20% من قيمتها، الأمر الذي أرجعه الخبراء والمحللون إلى اضطراب النظام المالي التركي، وضبابية المشهد السياسي الداخلي، وتراجع التصنيف الائتماني للاقتصاد التركي من قبل المؤسسات الدولية، فضلًا عن تعاظم قيمة الدولار أمام العملات الأجنبية.
فقد كان الدولار الأمريكي عند مستوى 4.10 ليرة تركية عندما دعا رئيس حزب الحركة القومية وحليف أردوغان دولت بهتشلي خلال اجتماع حزبه بالبرلمان في 17 أبريل 2018 إلى إجراء انتخابات مبكرة. في اليوم التالي التقى بهتشلي بالرئيس أردوغان وأعلنا موعد الانتخابات المبكرة في 2 4 يونيو ، استقبل الاقتصاد التركي القرار في البداية برد فعل إيجابي أدى إلى تراجع الدولار إلى مستوى 4.04 ليرة تركية ثم ارتفع مرة أخرى إلى 4.07 ليرة تركية، وفي الفترة التالية لذلك، بدأت الضبابية السياسة تسطير على المشهد الداخلي، وأصبحت الأنظار تتجه نحو قائمة الأحزاب التي ستشارك في الانتخابات.
وأضافت المصادر أنه ، ثم بدأت الخزانة التركية تجد نفسها في مأزق كبير، خاصة مع سداد الشركات التركية ديونها الخارجية بالدولار، والتي وصلت إلى أعلى قيمة لها خلال شهر مايو الجاري بنحو 10.9 مليار دولار أمريكي؛ بالإضافة إلى استقواء الدولار الأمريكي أمام العملات الأجنبية الأخرى، خاصة مع الخطوات التي تتخذها الإدارة الأمريكية في حربها الاقتصادية على الصين، بجانب تأخر البنك المركزي التركي في التدخل للسيطرة على سعر الصرف، وكذلك بدأت مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية الأبرز من بينها فيتش و S&P نشر تحذيرات للحكومة التركية، الأمر الذي ساعد على استمرار الارتفاع الجنوني للدولار أمام الليرة التركية التي فقدت 20% من قيمتها خلال ثلاثة أسابيع.
وقال نائب مدير العمليات الحسابية لاستثمارات جاديك، جيزمان نالبنتلي، في حوار مع جريدة “سوزجو” هذا الأسبوع، إن العملات الأجنبية ستواصل الصعود أمام الليرة التركية ما لم يتدخل البنك المركزي، مشيرًا إلى أن هناك أزمة حقيقية في الديون الخارجية وديون القطاع الخاص.
وقال نالبنتلي: هناك أزمة خطيرة للغاية فيما يتعلق بالديون الخارجية والديون بالعملات الأجنبية للقطاع الخاص. فقد ارتفع مستوى الدين بعد الزيادة الأخيرة للدولار بنحو 167 مليار ليرة تركية. فضلًا عن وجود 200 مليار دولار واجبة السداد خلال عام واحد فقط. وارتفع إجمالي الدين اعتبارًا من 18 مايو الجاري ليصل إلى 718 مليار ليرة، بعد أن كان عند مستوى 605 مليار ليرة مطلع العام الجاري. كما وصلت نسبة الديون من إجمالي الناتج القومي أعلى من المعدلات التي كانت عليها خلال الأزمة الاقتصادية في 2001.
وأكد على ضرورة أن يتدخل البنك المركزي برفع أسعار الفائدة في البنوك للسيطرة على سعر الصرف بشكل عاجل، قائلًا: “لقد تراجع الدولار بشكل كبير الأسبوع الماضي عقب لقاء أردوغان مع محافظ البنك المركزي، في انتظار التدخل المرتقب. إلا أنه واصل الارتفاع مرة أخرى، بعدما تبين عدم وجود تدخل من البنك المركزي، بالتزامن مع ارتفاع شعارات الانتخابات التي تتحدث على استمرار تقليل أسعار الفائدة في البنوك”.
يذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الرغم من أنه قال قبل 4 سنوات، أن: “لوبي الفائدة سيسلب كل ما لديكم من أموال لذا يجب عليكم أن تكونوا حساسين في هذا الموضوغ”، إلا أنه أمر أمس الأربعاء البنك المركزي برفع أسعار الفائدة بمقدار 3 نقاط لمنع تصاعد الدولار أمام الليرة.