انتهت المحكمة الإدارية العليا من حيثيات حكمها بإلزام الحكومة بحظر موقع "يوتيوب" في مصر شهراً، كعقوبة على بثه مقاطع فيديو من فيلم مسيء للرسول صلى الله عليه وسلم..
وقالت المحكمة، إن الدستور المصري مسايرا الاتفاقيات الدولية المقررة لحقوق الإنسان كفل حرية التعبير بمدلوله العام، ومجالاته المختلفة السياسية والاقصادية والاجتماعية وبجميع وسائل التعبير، وضمانا من الدستور لحرية التعبير ونشرها بأي وسيلة، إذ أن هذه الحرية لا تنفصل عن الديمقراطية، وأن ما توخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير هو أن يكون التماس الآراء والأفكار وتلقيها عن الغير ونقلها إليه غير مقيدة بالحدود الإقليمية على اختلافها.
واستطردت المحكمة بأن: "الحريات والحقوق العامة التي كفلها للدستور ومنها حرية الفكر والتعبير، ليست حريات وحقوق مطلقة، وإنما هي مقيدة بالحفاظ على الطابع الأصيل لقيم المجتمع وثوابته وتقاليده والترلث التاريخي للشعب والآداب العامة".
وأضافت أن "قانون تنظيم الاتصالات أناط بالجهاز القومي لتنطيم الاتصالات ووزير الاتصالات تنظيم وسائل إرسال أو استقبال المعلومات ببمختلف أشكالها وذلك أيا كانت طبيعتها، سواء كان الاتصال سلكيا أو لا سلكيا، بين المستخدمين في مصر وبين الدول الأجنبية، بما ذلك الطيف الترددي، ووضع قواعد وشروط منح التراخيص الخاصة باستخدام ذلك الطيف، وذلك بما لا يخل بالمصلحة العليا للدولة والأمن القومي للبلاد".
وذكرت المحكمة أن "المشرع لم يحدد الحالات التي تستدعي حجب المواقع الالكترونية، إلا أن ذلك لا يخل بحق الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في حجب بعض المواقع على شبكة الانترنت، حينما يكون هناك مساس بالأمن القومي، أو المصالح العليا للدولة وذلك بما له من سلطة في مجال الضبط الإداري لحماية النظام العام".
ونوهت المحكمة إلى أنها "لا تتناول الفيلم المسيء وما تضمنه من خرافات هي من نسيج خيال مريض لمصورها، إذ أن الإسلام والرسول الكريم، ليسوا في حاجة للمحكمة أو غيرها للدفاع عن قدسيتهما وسماوية رسالتهما، وإنما تراقب تأثير ذلك العمل المثير على الأمن القومي الداخلي وتماسك الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي والمواطنة".
وتبين للمحكمة أن عرض الفيلم المشار إليه على موقع "يوتيوب" وغيره من المواقع الإلكترونية، كان له بالغ الأثر على الأمن القومي الداخلي "حيث انتهز بعض أعداء الوطن من مثيري الفتن عرض هذا الفيلم لتغذية الطائفية البغيضة وضرب الوحدة الوطنية في مقتل للنيل من وحدة وسلامة الوطن والمواطنين، حيث اجتاحت النظاهرات وأعمال العنف الكثيز من أرجاء البلاد للتنديد بهذا الفيلم المسيء، مما أدى إلى حدوث اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، الأمر الذي كان يتعين معه على الدولة والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أن يسارع لحجب هذا الفيلم المسيء فورا من موقع "يوتيوب" وجميع المواقع الإلكترونية، وإذا لم يكن هذا في استطاعته فكان يجب عليه أن يقوم بحجب هذه المواقع كاملا لحفظ الأمن والسلام الاجتماعي وحفاظا على مشاعر العالم الإسلامي".
واختتمت المحكمة حيثياتها بقولها "إن المحكمة إذ تقضي بما تقدم تضع أمامها أن هذا القضاء ليس لمواجهة الظرف الحالي فقط وإنما ردعا وتقويما وإنذارا لتلك المواقع ولكل من تسول له نفسه العبث بالمعتقدات والثوابت الدينية والروحية للشعب المصري بحجة حرية الفكر والتعبير لإثارة البعضاء والكراهية بين أبناء الشعب الواحد وتقسيمه إلى أحزاب وشيع متصارعة غير متحدة على عبادة الإله الواحد".