"فرصة تاريخية"، هذا ما وصفت به تقارير صحفية عالمية عديدة، ما تنتظر المملكة العربية السعودية، وما يجعل استغلالها من قبل ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أمرا واجبا، بحسب التقارير، خاصة وأن الفرصة تظهر للمرة الأولى منذ سقوط صدام حسين في العراق.
ونشرت شبكة "دويتشه فيله" الألمانية تقريرا مطولا عما وصفته بـ"الفرصة التاريخية للسعودية في العراق".
وأشارت إلى أن فوز زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في الانتخابات العراقية، جعل السعودية للمرة الأولى منذ سقوط صدام حسين، تضع قدما حقيقيا داخل العراق.
وحصل الصدر على 56 مقعدا من أصل 329 في مجلس النواب العراقي ضمن قائمة "سائرون" لتصبح القوة الأكبر في أي تحالف انتخابي مرتقب.
وقالت الشبكة الألمانية إن فوز الصدر "فرصة تاريخية للسعودية، للحصول على مزيد من النفوذ في العراق، وقمع التأثير القوي لطهران في البلاد".
وتابعت "الصدر التقى ولي العهد السعودي وسط ضجة إعلامية وثناء من المملكة، وبعدها بثلاثة أشهر زار العبادي الرياض، وشكل مجلس تنسيق اقتصادي سياسي مع السعوديين".
كما شهدت العلاقات السعودية العراقية تحسنا كبيرا منذ تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة، وافتتحت المملكة سفارتها في بغداد لأول مرة في عام 2016، منذ غزو صدام حسين للكويت عام 1990، ثم افتتحت المعبر الحدودي مع العراق.
ونقلت الشبكة عن دانيا غيرلاخ، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمجلة "زينث" الألمانية: "الصدر شعبوي حقيقي، قاد ائتلافات مع العديد من الوزراء في حكومة المالكي في الفترة ما بين 2006 و 2014، لكنه كان دائما يضع نفسه في صورة المعارض خلال ظهوره العلني وسيستمر في القيام بذلك".
وتابع: "الصدر سوف يكون جزءا من الائتلاف وعلى الجانب الآخر سيحاول دائما أن يمثل صوت الشعب، إنه الشريك الصعب في الائتلاف".
لكن "دويتشه فيله" رأت أن الأزمة الوحيدة في تلك العلاقات، هي أن الصدر ليس وفاق تام مع الولايات المتحدة، خاصة وأنه أبدى عدم تسامح مع التدخل الأجنبي في العراق، خاصة وأنه أسس ما يسمى بـ"جيش المهدي" عام 2003، ما جعل أمريكا تصنفه "عدوا لها".
وتكمن المعضلة، والقول للشبكة الأمريكية، في أنه في حال أرادت كسب المزيد من النفوذ في العراق عن طريق الصدر، فهي تفقد التعاطف والتأييد الأمريكي لمجهوداتها.
وقالت إن العراق قد ترحب بالنفوذ السعودي في بلادها، في مقابل سحب المملكة دعمها لاستقلال كردستان العراق، وأن"العراقيون سوف يستخدمون تأثيرات إيران والسعودية ضد بعضهم بمهارة، وسوف يقولون إن النفوذ الإيراني أمر طبيعي، وإن الإيرانيين موجودون في المنطقة منذ سنوات، ولكن من جهة أخرى هذا لا يعني أنهم بعيدون تماما عن تأثير السعوديين والدول الأخرى، لكنهم سيحاولون أن يجنوا أقصى فائدة ممكنة من كلا الطرفين".
وتابع: "العراق قد لا يعتد به كوسيط للسلام في الشرق الأوسط، ولكن العراقيين لديهم تأثير أكبر على العلاقة بين إيران والسعودية، ربما أكثر مما يقرون به".
وأضاف:"العراق يمكنه بالتأكيد أن يكون مكانا يعزز التقارب والحوار بين كل من إيران والمملكة العربية السعودية، وهو ما سيكون في صالح إيران أكثر".