سهر الدماطي، أحد أهم المصرفيين في مصر، كشفت عن العديد من الكواليس وراء تطبيق الحكومة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، والمشاكل الروتينية التي واجهته، وتطبيق منظومة العملة.
وتحدثت «الدماطي» خلال حوار مطول مع «أهل مصر» عن أبرز العراقيل التي واجهت تحرك رأس المال داخل القطاع المصرفي، وتأثيره على خطوات الإصلاح الاقتصادي، كما أكدت على أن طرح الشهادات ذات العائد المرتفع 20%، جاء نتيجة لـ3 أسباب، وهي منظومة والتضخم والإصلاح الاقتصادي.
وأشارت الدماطي في حوارها إلي أن البنك المركزي عمل العديد من المحاور الهامة من أجل نجاح خطة الإصلاح الاقتصادي، وأطلق العديد من المبادرات، وتابع تنفيذها.. وإلى نص الحوار.
* في البداية.. نود التعرف على تأثير تنفيذ خطوات الإصلاح الاقتصادي على القطاع المصرفي المصري؟
بالنسبة للإصلاح الاقتصادي هو خطة كاملة متكاملة للنواحي الاقتصادية، تتعرض لكافة المشاكل الروتينية التي تواجه الاقتصاد من ناحية، كما تتعرض للمحافظة على الطبقات المتوسطة، والطبقات محدودة الدخل، والفقيرة من خلال العديد من البرامج مثل تكافل وكرامة،وكذلك الحزم التمويلية، ولاحظنا خلال الفترات الماضية، عمل الحكومة على منظومة العملة لتطويرها، فكانت هناك سوق سوداء ساعدت على تدهور العملة، ما تطلب من الحكومة العمل على تلك النقطة المهمة، وأنه كان من الصعوبة جذب الاستثمارات في ظل وجود سوقين للعملة بهذا الشكل، وتم وضع منظومة عملة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ساعدت تلك المنظومة لدخول الدولارات للقطاع المصرفي.
* ماذا عن العراقيل التي كانت تواجه رأس المال خلال تلك الفترة ؟
بدأت الحكومة والقطاع المصرفي العمل على إزالة كافة العراقيل التي تواجه تحرك رأس المال، حيث يتم صرف العائد من الاستثمارات سواء كانت الخارجية أو الإقليمية أو المحلية الخاصة برأس المال، كما أنه كانت توجد عقبة خطيرة وهي صعوبة تحويل أكثر من 100 ألف دولار سنويا، وتم إزالة تلك القيود التي كانت تواجه تحرك رأس المال، كما تم إزالة كافة القروض على السلع غير الأساسية، وأنه نتيجة لتطبيق منظومة العملة ومخطط الإصلاح الاقتصادي، تم وضع شهادة ذات عائد نحو 20%.
* ما الهدف من طرح الشهادات ذات العائد المرتفع الـ20%؟
هناك هدفان كانا وراء طرح الشهادات ذات العائد المرتفع الـ20%، الهدف الأول هو السيطرة على ارتفاع معدلات التضخم، حيث أنه في نفس اليوم التي تم الإعلان عن تقليص منظومة الدعم والتي تتم عبر 5 مراحل لتنفيذ الدعم، وتمت المرحلة الأولى في نفس يوم تطبيق منظومة العملة، وتحرير سعر الصرف، في الثالث من نوفمبر لعام 2016، أما الهدف الثاني هو تحقيق تقارب بين الفائدة على المصري وعلى الدولار بما لا يشجع على الدولار، وذلك عن طريق سحب السيولة من الأسواق، حيث تم تشجيع الشركات العالمية على الاستثمار في أذون الخزانة المحلية، والتي وصلت لمرحلة صعبة للغاية، في حين أنها قبل يناير 2011 تصل لنحو 17 مليار جنيه في أذون الخزانة المحلية، وبعد تحرير سعر الصرف دخلت الخزينة نحو 25 مليار دولار، بعدما كانت تساوي صرف بسبب الوضع الاقتصادي في تلك المرحلة، وكذلك بدأت تحويلات المصريين بالخارج تزداد داخل الجهاز المصرفي بدلا من السوق السوداء، وبدأ الاحتياطي الأجنبي للوصول لمستوي جيد بعدما كان يسجل نحو 19 مليار دولار، وسجل خلال تلك الفترة نحو 30 مليار دولار، وبدأت التدفقات الدولارية تدخل للخزانة المصرية، كما جرى تعاون وتقارب بين البنك المركزي ووزارة الصناعة من أجل ترشيد الاستيراد، لتقليل الضغط على العملة الأجنبية، وتقليل العجز في الميزان التجاري لمصر، وزيادة الصادرات، وذلك للتحكم بالطلب على العملة وزيادة العرض منها، للوصول بسعر توازني للعملة.
* وما هي أبرز محاورعمل الحكومة والبنك المركزي لتحقيق الاستيراتيجة المرسومة؟
عمل البنك المركزي خلال الفترة الماضية على العديد من المحاور، من بين تلك المحاور، مبادرة الرئيس الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تم توفير نحو 200 مليار جنيه، وفقا لتلك المبادرة، ثم 20% من كل محفظة ائتمانية بالبنوك، يتم تخصيصها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بجانب تلك المبادرات، تم البدء في العمل على مبادرة الشمول المالي، والتي تعتمد على التعاون مع الجمعيات الغير مدرة للربح، من خلال وزارة التضامن، من خلال نحو 800 جمعية، بجانب مجموعة من الشركات التي تقدم التوفيرات المالية للمشروعات متناهية الصغر، وبدأت الجمعيات العمل على تمويل المشروعات متناهية الصغر، والتي واجهت فجوة نحو 30 مليار جنيه، والتي كانت تستهدف تمويل البنوك لها، والذي يعتبر جزء من عملية الشمول المالي.
* ماذا عن التكنولوجيا المالية للقطاع المصرفي خلال الفترة الماضية؟
بالفعل بدء القطاع المصرفي التطرق للتكنولوجيا المالية خلال الفترة الماضية، والتي تتطرق للعديد من الأمور، من بينها الإنترنت بنك والموبايل بنك، والمعاملات الرقمية، كل ذلك تطورات حدث خلال العامين الماضيين.
* وكيف ترين طرح القطاع المصرفي لشهادة أمان؟
شهادة أمان تعتبر جزءا مهما من تنفيذ الحكومة وتطبيقها للشمول المالي، والتي تعتبر من أفضل المبادرات التي قدمها الرئيس، حيث أنه للمرة الأولي يهتم رئيس جمهورية بالعمالة المؤقتة، والتي كانت مجهولة من الحكومات السابقة، حيث أنه من خلال العمالة المؤقتة يتم الاهتمام بالأسرة وعائلها، وسمحت الشهادة بتوفير التعويض المالي في حال تعرض عائل الأسرة لحادث، سواء كان في شكل عائد كامل، أو معاش شهري.
* وما دور القطاع المصرفي للبنية التحتية وتطويرها في مصر؟
الحكومة عملت على تغيير منظومة الطاقة، حتي لا يتم الاعتماد على البترول والغاز فقط، وإنما يتم الاعتماد على البترول والغاز والفحم والطاقة والمتجددة، وتم الاتفاق على محطة الضبعة، بجانب بالاهتمام بالطرق حيث أنه تم إنشاء نحو 7 ألاف كيلو متر طرق، ونحو 170 كباري، وبناء الأنفاق، وكذلك قناتين، وإنشاء العديد من الموانئ، وتطوير المطارات، كل ذلك بتوفير تمويل مالي من القطاع المصرفي، فالبنية التحتية لمصر، كانت تعرضت لتهالك كامل، وكانت في حاجة للتطوير، خاصة في ظل وجود نحو 45 ألف قرية، لا يوجد بها صرف صحي، وشهدت الفترة الماضية توفير الصرف الصحي لنحو 15% من هذه القري، كما تم إدخال العديد من المرافق، فالبنية التحتية تستهدف جذب الاستثمارات، والقيام بدور كبير لخدمة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وبالنسبة لمصر، كان هناك أحلام، وهي تحويل العشوائيات لعمارات سكنية أدمية، وكذلك توفير وحدات سكنية لمحدودي الدخل، من خلال توفير نحو 650 ألف وحدة سكنية، تم بناء نحو 350ألف منها، وجاري العمل على الباقي خلال المرحلة المقبلة، حيث تم صرف نحو 10 مليار جنيه، كما تم تسكين نحو 105 ألف من بين تلك الوحدات .
* وماذا عن آليات عمل القطاع المصرفي لتقليل الضغط على العملة الأجنبية؟
لكي نصل بالعملة للسعر الصحيح، كان من الطبيعي أن يبدأ العمل على العرض والطلب، فمصر كانت تعيش على نحو 7% من مساحة مصر الإجمالية، الآن تم تحويلهم لنحو 11%، فتم استصلاح أراضي من أجل زراعة القمح، وذلك لتطبيق المقولة «من يملك قوته يملك نفسه»، كما تم تقليل الطلب على منتج يتم استيراده من الخارج، ما قلل الطلب على العملة الأجنبية.
*متي يشعر المواطنين بتحسن أوضاعهم المعيشية؟
تحسن الوضع المعيشي وانخفاض الأسعار يتطلب عدة أمور، أولها انخفاض سعر العملة، وجاري العمل عليه خلال الفترة الحالية، حيث تم تقليل الطلب على العملة، والأمر الثاني، وجود أصول مدرة للعملة، سواء كان من خلال التصدير، بيع الأراضي السكنية والصناعية، وتحويلات المصريين بالخارج وتوفير القمح، والاكتشافات البترولية، والمزارع السكنية، من خلال التصدير، وعودة السياحة، ما كان له دور في زيادة المعروض من العملة، ولكي يشعر المواطنين بتحسن الوضع المعيشي، يتطلب الأمر تحقيق العمل زيادة المعروض، وهو من خلال توفير الحكومة للمعروض من المنتجات داخل الأسواق، تليها فرض رقابة شديدة على الأسواق، وتالي تلك الخطوات هي تقليل استهلاك المواطنين من السلع مُرتفعة السعر، حيث أن إقبال المواطنين على السلع يساهم في زيادة الأسعار.
*مدي تأثير تقارير المؤسسات المالية العالمية على القطاع المصرفي المصري؟
كلما تحسنت درجة الجدارة لمصر، كلما كانت هناك سهولة كبيرة لدي الاقتصاد المصرى، حيث أن العديد من البنوك العالمية طلبت من مصر تعزيز المعاملات المستندية الخاصة بالتجارة، لضمان سداد تلك الأموال، على الرغم من عدم تأخر مصر في أي يوم من الأيام عن سداد إلتزاماتها المالية، فالتعزيز يعني ارتفاع التكلفة، ومع النظرة الإيجابية للاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية من التقارير الاقتصادية للوكالات والمؤسسات الكبري، سيساهم في خفض تلك التكلفة، أو عدم دفعها على الإطلاق، كما أنه يقوي نظرة المستثمرين للعمل داخل مصر، نظرا لوجود منظومة اقتصادية ذات مناخ استثماري جيد.
* كيف تري إعلان الحكومة لطرح 4 بنوك بالبورصة؟
تقديم بنوك كبيرة مثل الإسكندرية والقاهرة والعربي الإفريقي للطرح في البورصة، سيؤدي لانتعاش البورصة، فكلما كانت هناك أدوات للاستثمار في البورصة، كلما كانت الفرصة أمام المستثمرين للتواجد داخل البورصة كبيرة، حيث تهدف الحكومة لزيادة رأس المال، حيث أنه من الممكن طرح سندات داخل البورصة، من أجل توفير التمويل والسيولة.
*هل تمثل طرح السندات بالعملات الأجنبية ضغطا على الدولة أم وسيلة للتقدم الاقتصادي؟
الإصلاح الهيكلي المصري كان بحاجة لنحو 32 مليار دولار، وفقا لخطة الإصلاح جزء منها عن طريق القرض التي حصلت عليه مصر من قرض صندوق النقد الدولي، وكذلك الحصول من قروض وودائع من بعض الدول، وكذلك طرح سندات بالعملات الأجنبية، فالمشاكل الهيكلية هي التي سمحت نحو التوجه لتلك السياسات، ونحو ثلاثة أرباع تلك الأموال دخلت إلي الاحتياطي الأجنبي، ووصلت الاحتياطي لرقم تاريخي 44 مليار دولار.
* متي يصبح الدين الخارجي مقلقا لمصر؟
الدين يصبح مقلقا حينما لا يتوفر مصدر سداده، فطالما هناك توفير للأقساط والفوائد وقت الاستحقاق، فلا يوجد ما يدعو للقلق، فالوضع داخل مصر ليس مقلقا، نظرا للاحتياطي الأجنبي، والعمل على زيادته خلال المرحلة المقبلة، نتيجة للتدفقات المستمرة، وهو الأمر الذي يعطي طمأنينة على قدرة السداد، كما أن مصر استطاعت في ظل ظروفها الصعبة توفير نحو 7 مليار دولار لقطر، ومليار ونصف لتركيا، ونصف مليار دولار لليبيا، ونادي باريس، وكل تلك الالتزامات استطاعت الالتزام بها، نتيجة للتدفقات المالية التي دخلت مصر خلال الفترة الماضية، فالديون الخارجية المصرية لن يتم تسديدها الآن، ولكنها على أجال طويلة، ويتم إحلال أموال أخري مكان تلك الاستحقاقات، كما أنها الديون من إجمالي الناتج القومي، يعد في الحدود الآمنة.
نقلا عن العدد الورقي.