تشهد الحياة السياسية في مصر، حالة من الترقب، بعد التطورات الأخيرة والمتلاحقة، وهو ما يراه خبراء محاولة لإعادة ترتيب المشهد السياسي، على أن يكون هناك حزبًا ممثلًا للمعارضة، وهو ما سيقوم به حزب الوفد، وآخر للأغلبية وهو ما سيتصدره حزب مستقبل وطن، وغموض ينتاب مصير ائتلاف "دعم مصر" بعد أن تردد مؤخرًا أنه سيتحول إلى حزب سياسي، إلا أنه تمهل قليلًا في ظل ما يحتاجه الأمر إلى تعديل لمواد قانون مجلس النواب.
بين عشيةً وضحاها، كان حزب المصريين الأحرار، أكثر الأحزاب السياسية تمثيًلا تحت القبة بـ 65 نائبًا، يليه «مستقبل وطن» بـ50 نائبًا، أصبح الأخير يتصدر المشهد تحت القبة بعد إعلان أكثر من 50 نائبًا من الحزبيين والمستقليين انضمامهم إلى الحزب.
ويعد النائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، أول النواب الذين أعلنوا رسميا إستقالتهم من حزب المصريين الأحرار، فيما يتجه كلً من النواب طارق رضوان، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، ومحمد المسعود، نائب قصر النيل بالبرلمان، وحاتم باشات، الرئيس السابق للجنة الشؤون الإفريقية، لتقديم إستقالتهم رسميًا من الحزب خلال الأيام المقبلة، في ظل مخاوفهم من أن يقعوا فريسةً لنص المادة "110" من الدستور التي تُجيز إسقاط عضوية أي نائب يفقد شرط من الشروط التي تم انتخابه على أساسها.
وتعد المادة "110" من الدستور، بمثابة قنبلة قد تشتعل فتيلها خلال الأيام القليلة المقبلة، تُهدد معها عضوية عشرات النواب الحزبيين والمستقليين الذين غيرّوا صفتهم، وعلى رأسهم نواب حزب المصريين الأحرار .
ومع خطورة هذا الأمر، خرج ائتلاف «دعم مصر» ليحذر النواب الحزبيين من مخاطر تغير صفاتهم الانتخابية، عبّر تهديدًا جاء على لسان رئيسه النائب محمد السويدي قائلا خلال فاعليات المؤتمر الصحفي الذي عقده الائتلاف لحديث عن آخر تطوراته: «ماعندناش فواتير لحد.».
من جهته أكد النائب علاء عابد لـ«أهل مصر»، عزمه تقديم مشروع قانون لمجلس النواب بمقتضاه يسمح لنواب الحزبيين بتغيير صفاتهم الانتخابية ومن ثم الإنضمام لأي حزب آخر، لافتًا إلى أن هذا الأمر متعارف عليه في جميع دول العالم والتي تشهد تجارب ديمقراطية فريدة من نوعها.
ويضيف: «بمرور الوقت قد تتضح رؤية النائب في الحزب الذي أنضم إليه، ويجد أنه غير مُجدي في الحياة السياسية أو غير متفاعل مع قضايا الوطن وهموم المواطنين»، متسألًا:" لماذا نُجبره على أن يبقى في حزب عديم الجدوى منه ؟!".
ويرى النائب سليمان فضل العميري، عضو مجلس النواب عن محافظة مطروح، أن المادة "6" من قانون مجلس النواب، تضمن قيودًا قانونية واسعة تحجم من حرية نواب البرلمان في ممارسة دورهم الرقابي والتشريعي على الوجه الأمثل.
ويضيف "العميري" لـ"أهل مصر": «هناك أحزاب تفرض على نوابها تبني رؤى ومواقف معينة قد تكون مخالف لرأيه أو موقفه السياسي تجاه القضايا المطروحة لاسيما القضايا التي تمس حياة المواطنين»، وتابع قائلا: «المادة السادسة من قانون مجلس النواب، ليس نصًا قرآنيًا حتى نقف أمامها عاجزين عن تعديلها، ونفرض على النواب البقاء في أحزاب لاوجود لها في الشارع المصري».
ووفقًا لنص المادة 6 من قانون مجلس النواب: "يشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب، أن يظل العضو محتفظًا بالصفة التى تم انتخابه على أساسها، فإن فقد هذه الصفة أو غير انتماءه الحزبى المنتخب على أساسه أو أصبح مستقلًا، أو صار المستقل حزبيًا تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس وفى جميع الأحوال لا تسقط عضوية المرأة إلا إذا غيرت انتمائها الحزبى أو المستقل الذى انتخبت على أساسه".
واختلف عدد من القانونيين في آرائهم حول مصير النواب الذين غيّروا صفاتهم الحزبية مؤخرًا، فمن من يرى أن إسقاط العضوية، هو المصير الذي ينتظرهم تطبيقًا لأحكام الدستور والقانون، حيث يرى الدكتور ثروت عبدالعال، عميد كلية الحقوق جامعة أسيوط الأسبق، أن نص المادة "110" من الدستور، صريحة وواضحة ولا لبس عليها، إذ نصت على أن" لايجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار أو فقد شرط من الشروط العضوية التي انتخب على أساسها، ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية بأغلية ثلثي الأعضاء».
وتابع: «نحن أمام عدد من النواب تقدموا بأوراق ترشحهم من خلال صفة حزب معينة، مستقًلا كان أو تابعًا لحزب المصريين الأحرار، ومن خلال هذه الصفة اُنتخب نائبًا في البرلمان، وبالتالي حال قيام العضو بتغير صفتهم الانتخابية كأن تحوّل من مستقًلا إلى نائب حزبي أو من حزب لآخر، فقد شرط من الشروط التي اُنتخب على أساسها، وبالتالي وجب إسقاط عضويته ».
في حين يرى الدكتور عبدالكريم نصير، أستاذ ورئيس قسم القانون بجامعة جنوب الوادي، أنه لايحق بأي حال من الأحوال إسقاط عضوية النواب الذي غيّروا صفتهم الانتخابية، لافتًا إلى أن نص المادة السادسة من قانون مجلس النواب لا يخالف الدستور، حيث نصت صراحة في حالة إسقاط العضوية لمن يغير انتمائه الحزبي، أي بمحض إرادته، وبالتالي وفقًا لمفهوم المخالفة، إذ أُجبر النائب على تغيير صفته الحزبية لأي سبب يبديه، لايحق إسقاط عضويته .
نقلا عن العدد الورقي.