اعلان

تروماي الإسكندرية.. سفينة نوح الأخيرة.. عمره 158 سنة وأقدم وسيلة مواصلات "متحضرة" في أفريقيا.. تذكرته بنصف جنيه فقط.. والمواطنين: "ربنا يعمى عيون الحكومة عنه"

لهيب الأسعار امتد لأغلب وسائل المواصلات، مع مراحل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يشترط جزء منه تخفيف دعم الدولة عن السلع والخدمات، فطالت الزيادات المتعاقبة أسعار تذاكر القطارات بأنواعها ومترو الأنفاق وأتوبيسات النقل العام ناهيك عن أسعار سيارات السيرفيس.

على الرغم من كل تلك الزيادات إلا أن ثمة وسيلة مواصلات وحيدة نجت من طوفان الزيادات وماتزال سعر تذكرتها كما هو لم يتغير منذ سنوات والتي لم تتعد الخمسون قرشا، وهي ترام الإسكندرية، أو «التروماي»، أحد أهم وأقدم وسائل النقل والمواصلات في مصر وأفريقيا والشرق الأوسط.

وفسر سكان الاسكندرية، غفلة الحكومة عن رفع تذكرة ترام الإسكندرية، بأن الترام وسيلة مواصلات غير أساسية ولايستقلها إلا القليل جدا من أهالى المحافظة خاصة كبار السن، بجانب انها وسيلة مواصلات غير مكلفة مقارنة بمترو الأنفاق.

وتوقع الأهالي أن ترام الإسكندرية فى طريقة إلى التقاعد، خاصة وأن الترام الأصفر يمثل أزمة مرورية كبيرة بوسط الاسكندرية، بخلاف ترام الرمل الذى يستقل قضبان في طريق مستقيم لاتعترض طريقة سوى بعض المزلقانات فقط ، لذلك الحكومة تغض الطرف عنه ولا تضعه فى الحسبان من الأساس.

وأشار عدد من القاطنين بجوار شريط ترام الرمل أنه لو كان ترام الإسكندرية ذو أهمية كبيرة ولو بنصف أهمية مترو الأنفاق من حيث اقبال المواطنين عليه والمبالغ المالية التى يحققها المترو فى الرحلة الواحدة، ما تركته الحكومة هكذا وكان سعر تذكرته قد فال الحدود.

وفى نفس السياق قال على رجب، موظف، إن ترام الإسكندرية رمزا للتاريخ ووسيلة مواصلات قديمة وأثرية وتعبر عن تاريخ المدينة، ولا يمكن الاستغناء عنه، لافتا أنه بالنسبة لسعر التذكرة فـ«ربنا يعمى عيون الحكومة عنه»، لأن ترام الإسكندرية يعتبر «أخر حاجة حلوة فى مصر بصفة عامة وفى الإسكندرية بصفة خاصة، وسعر تذكرته يتماشى مع المرتبات المتدنية التى لاتكفى احتياجات البيت من الأساس».

فيما كشف مصدر بالهيئة العامة لنقل الركاب بالاسكندرية أن ترام الإسكندرية وسيلة مواصلات تسبب خسارة مالية كبيرة للوزارة، لأن الإيرادات التى يحققها الترام لا تذكر ولا تقابل تكلفة الخدمة كما لا يوجد أى تناسب بين تكلفة الخدمة وجملة إيراداته.

وأضاف المصدر أنه يجب رفع سعر تذكرة الترام لأن الترام منظومة كاملة يوجد بها عاملين سائقين وعربات قطار الترام وخلافه وكل تلك الأشياء تحتاج إلى رواتب وتحتاج إلى تطوير وصيانة، وإلا سيتحول الترام إلى وسيلة مواصلات يهرب منها المواطنين .

وتابع هذا بجانب ان قيمه التذكرة لاتساوى شيئا فى مثل هذا الأيام بل أن قيمة نصف جنيها تكاد لاتشترى أى شىء مع الغلاء الذى نعيش فيه .

أقدم ترام في إفريقيا

ترام الإسكندرية أو «ترامواي الإسكندرية» هي أول وسيلة نقل جماعية في مصر وأفريقيا، وأكثرها شعبية، حيث بدأ تشغيل ترام الإسكندرية في العام 1860، وبهذا يعتبر الترام السكندري أقدم ترام في أفريقيا، ومن بين الأقدم في العالم.

وعبر تاريخه الطويل، ظل الترام يمثل نزهة ترفيهية لسكان المدينة وللسياح، فالرحلة عبر الترام ذي العربات الصفراء، والمكون من عربتين تأخذك في قلب المناطق الشعبية بالإسكندرية، ومن أشهر محطاته، محطة قصر رأس التين، وهي مجاورة للقصر الملكي الفخم، ومحطة الرمل، وجامع القائد إبراهيم ومحطة مصر والرصافة والنزهة وناريمان والورديان، أما الترام ذو العربات الزرقاء فيمنحك جولة في الأحياء الراقية بالمدينة، مثل رشدي وباكوس وصفر وشوتز وزيزنيا وجناكليس، ومعظم هذه الأحياء استمدت أسماءها من أسماء الأجانب من البارونات والباشوات، الذين كانوا يقيمون بها.

وتوجد بالترام الأزرق عربة مخصصة للسيدات فقط، وعربة للرجال، وعربة مختلطة، إلا أنه في معظم الأحيان تجد أن السيدات تقتحم العربات المخصصة للرجال للزحام الشديد في عربات السيدات، ويتلاقى الترام الأزرق مع الأصفر في محطة الرمل، أحد أهم الميادين الرئيسية في الإسكندرية، وهو المكان الذي انطلقت منه أول رحلات الترام.

ويبدأ ضجيج الترام في تمام الساعة الرابعة فجراً، ليستقله العمال في الذهاب إلى الورش والمصانع، ويستمر في العمل حتى الواحدة بعد منتصف الليل، وسعر التذكرة يبلغ 50 قرشاً للترام الأزرق والأصفر، وهناك ترام من عربة واحدة ذات درجة سياحية، وتكلفة تذكرتها جنيه واحد، وهي بلا أبواب، ونوافذها عريضة، بحيث يتمكن الراكب من مشاهدة بانوراما للمدينة، ويستشعر نبضها.

عربات لنقل الموتى

حتى قيام ثورة يوليو عام 1952، كان سائقو الترام من الإيطاليين، وكان محصلو التذاكر (الكمساري) من المالطيين، وكانت تلحق بالترام عربة لنقل الموتى ذات لون أسود وبدون أبواب أو نوافذ، وكانت تستغل لنقل الموتى من مختلف الديانات على السواء، ويقوم بتشغيله الهيئة العامة لنقل الركاب بالإسكندرية.

ارتبط الخط الحديدي الداخلي بالإسكندرية بتعمير منطقة الرمل مع نهاية عهد الوالي محمد سعيد باشا، في عام 1860، وفي 16 أغسطس من العام ذاته بدأت قصة الترام، حين منحت الحكومة المصرية التاجر الإنجليزي السير ادوارد سان جون فيرمان، امتيازا لإنشاء خط سكك حديدية يصل ما بين الإسكندرية والرمل، مع الاحتفاظ بحق سحب الامتياز منه في أي وقت.

أعقب ذلك إنشاء شركة «سكك حديد الإسكندرية والرمل» برأس مال قدره 110 آلاف جنيه إنجليزي، واستكملت مد الخط الحديدي من محطة سبورتنج إلى محطة مصطفى باشا، وأوقفت الشركة تشغيل الخط الآخر ـ خط جامع سيدي جابر، حتى تمت إعادته للعمل مرة أخرى عام 1926.

وفي عام 1897 بدأت الشركة في ازدواج الخط ما بين محطة الرمل، ومحطة بولكلي، ليصبح هذا الخط هو الأساس، الذي تطور بعد ذلك ليصبح خط ترام الرمل الحالي.

وفي شهر يونيو 1898، شهد خط الترام تطوراً كبيراً، حين قررت الشركة استبدال القاطرات التي تعمل بطاقة البخار بأخرى تعمل بالكهرباء، إلا أن ذلك لم يتم سوى في الخامس والعشرين من شهر يناير عام 1904، واستعملت العربات الكهربائية في نقل الركاب من ميدان محطة الرمل إلى محطة سراي رأس التين فقط، لأن المنطقة التي تمتد من محطة ترام السراي وحتى محطة المحمدية، أو فيكتوريا أو النصر حالياً كانت خاصة بالخديوي عباس حلمي الثاني، وأصبحت متاحة للجماهير عام 1909.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً