حفظ القرآن الكريم فى قريته «الشيخ حرب» بمركز إهناسيا بمحافظة بني سويف، على يد شيخًا كفيفًا، كان عمره وقتها 5 أعوام وأتم الحفظ فى عامه الثانى عشر، ليصبح بعدها القارئ والمبتهل الشهير «الشيخ سلامة الريدي» صاحب الـ88 عامًا، والذى يعيش وأبناؤه وأحفاده بخير القرآن إلى الآن.
عن بدايته وسبب فقده للبصر يحكى الشيخ «الريدي»: «ولدت في أسرة متوسطة الحال مكونة من 7 أبناء 3 علي قيد الحياة و3 توفوا إلى رحمة الله, وأصبت منذ الصغر بفقد نعمة البصر حيث كنت مع والدتي في السوق وشاهدتني سيدة وحسدتني لأن عيوني كانت خضراء وشعري أصفر كما وصفت لي والدتي، وما أن وصلت للمنزل حتي فقدت بصري وكان عمري 4 سنوات».
وأضاف المبتهل الشهير: «عندما وصلت لسن الخامسة من عمرى،ألتحقت بكتاب القرية وبدأت حفظ القرآن الكريم علي يد الشيخ تمام علي, رحمة الله، لأنه كان فاقدًا للبصر مثلى ليس له مهنة يعمل بها سوى أن يحفظ القرآن، وأتممت حفظ كتاب الله فى سن 12 عامًا وبعدها واصلت دراسة أحكام القراءة والتجويد علي يد الشيخ أبو المجد بقرية "العواونة" التابعة لمركز إهناسيا أيضًا».
رغم اقترابه من نهاية العقد الثامن من عمره، إلا أن الشيخ «الريدي» لا يزال يذكر أول «مأتم» قرأ فيه وهو فى الخامسة عشر من عمره، قائلًا: «ارتبطت بالشيخ أبو المجد وبدأ يأخذنى معه لقراءة القرآن فى المآتم، حيث أعجب بصوتي، وأول عزاء قرأت به كان بقرية "شرهي" عام 1955 وكنت حينئذ وحدي دون شيخي فلما سمعني قراء القرية بعد ختامي للسورة أخذني أحدهم علي جانب وقال لي بتهديد "روح علي بيتكم" خوفًا منهم علي رزقهم خاصة بعدما وجدت قراءتي قبولًا من المعزين وأهل القرية تلقيت منهم عبارات الإشادة، وحصلت وقتها علي "ربع جنيه" كأجر يومي لي ومشيت بالفعل وكانت الـ25 قرشا لها فرحة كبيرة، ثم بدأت أحصل على 50 قرشا ثم جنيه ثم جنيهين إلى أن وصل أجرى إلى 5 جنيهات».
كل هذه المحطات الهامة فى مشوار الشيخ «الريدي» لم تنسه تاريخ انضمامه لإذاعة القرآن الكريم، فقال: «هو تاريخ لا ينسى من الذاكرة»، حيث تقدمت للإذاعة 3 مرات ويعطونني مهلة عام كل مرة ففي عام 1967 تقدمت للإمتحان في الإذاعة وفي عامي 68 و70 إلي أن عقدت العزم علي عدم التقدم مرة أخري وفي ذات مرة وكان عمري وقتها "58 عامًا" كنت اقرأ في مأتم بقرية "المسيد" وكان العزاء في والد مدير البرامج الدينية بالإذاعة "فوزي عوض الله" وما إن سمع صوتي حتى ذهب إليّ وطلب مني التقدم من الغد لامتحان الإذاعة كمبتهل وتم إعتمادي من بين 26 ممتحنًا حينذاك ومن أول مرة دون تأجيل، ونجحت فى الانضمام للإذاعة التى تعتبر تتويجًا لمشوار القارئ وتكريمًا له".
وعن مدى حبه لـ«الإبتهال الديني» والشيخ الذى تأثر به، قال الريدي: تأثرت كثيرًا برائد الابتهال الديني الشيخ نصر الدين طوبار ، وأحب أردد انشودة "ياسامع الصوت" للشيخ محمد عمران، مضيفًا، أن الابتهال الديني، فن مصرى أصيل عرفه المصريون منذ مئات السنين، فقد كان الابتهال موجودا منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن هناك فرقا بين الابتهال والإنشاد الدينى، حيث ان الابتهال هو مدح فى الذات الإلهية والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، بينما الإنشاد الدينى يكون مصحوبا بآلات موسيقية،
وعن الطقوس الخاصة به قبل القراءة، قال "الريدي": ليست لى طقوس خاصة قبل القراءة، وإنما على الإنسان أن يضع الله نصب عينيه لتُفتح له كل الأبواب، فإذا سرت مع الله بشكل جيد ستجد جميع الأبواب مفتوحة، وإذا فعلت غير ذلك ستجد الأبواب مغلقة.. «خليك مع الله وضعه بين عينيك ولا تخف من أحد غيره».
وعن نشاطه فى شهر رمضان، قال الشيخ سلامة الريدي، إنه يقدم الإبتهالات فى بعض الإحتفالات الدينية بنطاق قرى ومراكز المحافظة، فضلًا عن تقديم الإبتهالات الدينية قبل صلاة الفجر، فى ليلتين خلال العشر الأواخر من رمضان بإذن الله من مسجد السيدة زينب رضي الله عنها وينقلها التليفزيون المصري علي الهواء مباشرة، إضافة إلى مرافقة القارئ الطبيب الدكتور صلاح الجمل، فى صلاة العشاء والتراويح وأمسية دينية بمسجد عمر بن الخطاب بإهناسيا، وهذه مناسبة أحرص عليها فى شهر رمضان من كل عام.
وأوضح صاحب «الحنجرة الذهبية» بقوله: «الصوت موهبة من الله لا دخل للإنسان فيها، ولكن له دور فى الحفاظ عليها بنظام غذائى صحى وعادات نوم صحيحة والحفاظ على صحته" ، مؤكدًا أن الكتاتيب هى أفضل مكان لتحفيظ القرآن، ويتمنى من وزارة الأوقاف تفعيلها بالمساجد لأن جميع قراء الوطن العربى حفظوا القرآن فى الكتاتيب».
نقلا عن العدد الورقي.