استقبلت الأوساط الصحفية بين مؤيدً ومعارضً موافقة البرلمان من حيث المبدأ علي قانون «تنظيم الصحافة والإعلام» والذي تمت إحالته لمجلس الدولة لمراجعته.
الرافضون للقانون من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين وغيرهم أعلنوا رفضهم واستنكارهم، لما انتهى إليه مشروع القانون، مؤكدين أنه قانون صادم ومشبوه، ولا يمثل الصحفيين بقدر ما يمثل جهات بعينها تهدف إلى السيطرة على الصحافة «قومية –خاصة»، ويخالف الدستور في المادة 77 لعدم أخذ رأي نقابة الصحفيين فى نسخة مشروع القانون التي أقرها البرلمان.
المؤيدون للقانون من بعض الصحفيين وعدد من أعضاء مجلس النقابة، والهيئة الوطنية للصحافة أكدوا أن القانون أعطي للصحفي حصانة لم تكن موجودة من قبل أثناء ممارسة عمله، وتمت صياغة مواده بشكل متوازن، لتفعيل اختصاصات الهيئات الإعلامية، وحض أوجه الالتباس والتداخل بينهما، بالإضافة إلي انه أعطي حقوق للصحفيين النقابيين لم تكن موجودة من قبل داخل مؤسساتهم.
ترسيخًا لأحكام الدستور
في البداية، أكد كرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، أن مشروع القانون الجديد للصحافة والإعلام، يأتى ترسيخا لأحكام الدستور، وتمت صياغة مواده بشكل متوازن، لتفعيل اختصاصات الهيئات الإعلامية، وحض أوجه الالتباس والتداخل.
وأضاف جبر، أن المادة 212 من الدستور تنص على أن الهيئة الوطنية للصحافة هيئة مستقلة، تقوم على إدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة، وتطويرها وتنمية أصولها وضمان تحديثها واستقلالها وحيادها والتزامها بأداء مهنى وإدارى واقتصادى رشيد.
وأوضح أن التطبيق العملى لقانون الهيئات رقم 92 لسنة 2016، شابه أوجه قصور كثيرة ناجمة عن عدم وضوح الاختصاصات، وتأويل نصوص الدستور وأحكام القانون، فى غير سياقها ومقاصدها ومراميها، وهو ما تم تلافيه فى مشروع القانون الجديد، على نحو يدعم احترام أحكام الدستور القاضية باستقلال الهيئات، ومنحها الصلاحيات القانونية التى تدعم عملها، وتفعيل آليات المراقبة والمحاسبة، وتنفيذ البرامج الخاصة بتنمية المؤسسات الصحفية القومية، ومواجهة المشاكل والتحديات التى تعوق تقدمها.
مقترح تشريعي يفيد النقابيين
أيمن عبد المجيد، عضو مجلس نقابة الصحفيين ورئيس تحرير بوابة روزاليوسف، قال، إن القانون به مواد ايجابيه وبعض المواد السلبية، مؤكدًا أن القانون أخذ في أحد مواده بالمقترح التشريعي الذي تقدم به من قبل لمجلس نقابة الصحفيين، وأرسلته لمجلس النواب والخاص بشروط إصدار الصحيفة
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر» أن المقترح يستهدف خدمة المهنة بالأساس، والذي جاء كالتالي: «يشترط في كل صحيفة تطلب ممارسة النشاط الصحفي ألا تقل نسبة المحررين بها من المقيدين بنقابة الصحفيين عن 50% من طاقة العمل الفعلية على أن تزداد هذه النسبة إلى 70% بعد مرور سنتين من صدور الصحيفة»، مؤكدًا أن القانون خفض الحد الأدنى لنسبة النقابيين من 90% إلي 50٪، وذلك للحفاظ على فرص العمل للنقابيين، والحيلولة دون استبدالهم من قبل إدارات الصحف بمتدربين.
كشف بأسماء المتدربين
وشدد عبدالمجيد، أن الأهم أنه أخذ بباقي نص المقترح الذي يلزم كل صحيفة أن ترسل خطابًا إلى نقابة الصحفيين متضمنًا كشف بعدد المتدربين وأسمائهم وتاريخ التحاقهم بالصحيفة، وجدول زمني لتوفيق أوضاع من يثبت كفاءته منهم، بحيث لا تتجاوز مدة اختبار الكفاءة عن عامين بحد أقصى، على أن يعين من يثبت كفاءة.
الاعتراض على بعض المواد
حسين الزناتي، عضو مجلس نقابة الصحفيين، أكد أنه لا يمكن الاعتراض علي جميع بنود القانون، ولكن هناك بعض الاعتراضات علي بعض بنود القانون، والتي لم يأخذ رأي النقابة بها.
الزناتي أضاف، أن المادة الخاصة بالجمعيات العمومية ومجالس الإدارات في المؤسسات القومية باعتباره ينتمي إلي مؤسسة الاهرام، أنه كان يتمنى أن تكون الأغلبية في الجمعيات العمومية ومجالس الإدارات داخل المؤسسات القومية بـ«الانتخاب» وليس التعيين، متسائلًا: « كيف يسمح القانون بدخول شخصيات من
خارج المؤسسات القومية إلى هذه الجمعيات العمومية؟».
بيان ضد القانون
كما أصدر أربعة من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين « جمال عبدالرحيم- محمد سعد عبدالحفيظ- محمود كامل- عمرو بدر» بيانًا ضد قانون «تنظيم الصحافة والإعلام» جاء تحت عنوان «رسالة مفتوحة إلى أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين.. معا ضد القانون المشبوه».
صادم ومشوه
وجاء البيان كالتالي: «الزميلات والزملاء فوجئنا جميعا بمشروع قانون يناقشه البرلمان لتنظيم عمل الصحافة والإعلام، وهو قانون صادم ومشبوه ولا يمثل الصحفيين بقدر ما يمثل جهات بعينها تهدف إلى السيطرة على الصحافة، قومية وخاصة، وإسكات صوتها للأبد، فضلا عن تربص القانون بالمؤسسات القومية والعاملين بها، وتمثل ذلك في وقف المد للصحفيين فوق الستين كحق طبيعي، والسيطرة على مجالس الإدارات والجمعيات العمومية للصحف القومية، بتقليل عدد المنتخبين ورفع عدد المعينين من خارج المؤسسات، هذا بالإضافة إلى تغول القانون على الحريات الصحفية والسيطرة عليها عبر اتهامات فضفاضة وغير منضبطة وغير محددة، ووصل الأمر إلى محاولات السيطرة على الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي».
تقليص عدد الصحفيين بمجالس الإدارات
وفند البيان عدد من النصوص الصادمة في هذا القانون، الذي تم وصفه بـ« المشبوه» كالتالي:
• بنص المادة ٣٩ من قانون تنظيم الهيئة الوطنية للصحافة ولأول مرة فى تاريخ الصحافة القومية تم تقليص تمثيل الصحفيين فى مجالس إدارة المؤسسات إلى أدنى حد، ففى القانون الجديد عدد أعضاء مجلس الإدارة 13 عضوا منهم صحفيان فقط.
• وفى القانون الجديد عدد أعضاء الجمعية العمومية 17 منهم صحفيان فقط "فى الأهرام على سبيل المثال عدد أعضاء الجمعية الآن 35 شخصا بينهم 20 صحفيا".
• هذا النص يقتل هذه المؤسسات ويجعل إدارتها كارثة حقيقية، نفس النص ولأول مرة يجعل المؤسسات الصحفية القومية تدار بعناصر من خارجها، ففى القانون الجديد يتم تعيين نصف أعضاء مجلس الإدارة من خارج المؤسسة.. وأعضاء الجمعية العمومية 17 منهم 11 من خارج المؤسسة.
• حسب نص المادتين ١٥ و ٣٥ أصبحت الهيئة الوطنية للصحافة تقوم بإدارة المؤسسات مباشرة وتسيطر تماما على مجالس الإدارات والجمعيات العمومية، ولا تملك المؤسسة اتخاذ أى قرار مهم إلا بموافقة الهيئة، التى أصبحت تحصل لنفسها أيضا على 1% من إيرادات المؤسسة وليس أرباحها، ورئيس الهيئة هو رئيس الجمعية العمومية فى جميع المؤسسات.
• حسب نص المادة ٥ من القانون تم تجاهل "المد الوجوبى" لسن المعاش للصحفيين إلى 65 عاما وأعطى الحق للهيئة للمد لمن تراهم "خبرات نادرة" وتم أيضا تجاهل الحديث عن مكافأة نهاية الخدمة للصحفيين (شهر عن كل سنة)، وعن الكادر المالى للصحفيين والاكتفاء فقط بالحديث عن تطبيق الحد الأدنى والأقصى الذي هو مطبق أصلا.
• يتحدث القانون الجديد عن إتاحة الفرصة امام الصحفيين للحصول على المعلومات، لكنه لا يفرض أى عقوبات على من يمنع المعلومات عنهم
• يتعامل القانون الجديد فى معظم نصوصه مع المؤسسات القومية باعتبارها شركات هادفة للربح وهو الطريق الأمثل للاتجاه لخصخصة هذه المؤسسات .
• هناك إلقاء على طريقة اختيار رئيس مجلس الإدارة ورؤساء التحرير، فكل شئ بيد الهيئة فقط حسب نص المادة ٥ من القانون.
• رغم أن قانون نقابة الصحفيين يقصر عملية تأديب الصحفيين على النقابة فقط، إلا أن القانون الجديد منح المجلس الأعلى للإعلام حق توقيع عقوبات على الصحفيين حسب نص المادة ٣٠ من قانون تنظيم عمل المجلس الأعلى للإعلام فضلا عن أن المادة ١٩ من قانون المجلس الاعلى للإعلام منحه الحق فى مراقبة وحجب ووقف الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي التي يزيد عدد متابعيها عن خمسة آلاف شخص.
• المادتان ٤ و ٥ من القانون الخاص بتنظيم الصحافة تصادران على الحريات الصحفية بكلمات فضفاضة من نوعية بث الكراهية والتحريض وتهديد الديمقراطية والمواد الإباحية وغيرها من كلمات غير منضبطة وغير مفهومة .. والمادة ٢٩ أعادت الحبس الاحتياطي في قضايا النشر بعد أن تم إلغاؤه من القانون في السابق.
تجريم الاعتداء على الصحفيين
وأشار البيان إلى أن هناك ملاحظات جاءت كالتالي:
- المادة الخاصة بتجريم الاعتداء على الصحفى خلال عمله ليست جديدة وموجودة بالفعل فى المادة 12 من قانون سلطة الصحافة الحالى، لكن لا يتم تفعيلها.
- لم يعرض القانون بصيغته الحالية على نقابة الصحفيين وما عرض مشروع قانون الصحافة والإعلام الموحد وهو ما يخالف نص المادة 77 من الدستور التي نصت على "يؤخذ رأي النقابات المهنية في مشروعات القوانين المتعلقة بها".
التوقيع لرفض القانون
وأختتم البيان داعيًا أعضاء الجمعية العمومية إلى التوقيع على البيان برقم القيد، لرفض مشروع القانون المشبوه الذي يهدف إلى تقييد العمل الصحفي وحجب أي صوت مخالف، وهدم المؤسسات القومية وتهميش أبنائها وفرض الوصاية عليهم.
دعوة النواب
كما دعا الأعضاء بمجلس الصحفيين الصحفيين بمجلس النواب إلى التضامن مع موقف الجمعية العمومية وإعلان موقفهم من مشروع القانون.
كما دعا البيان أعضاء ملجس النقابة إلى اجتماع طارئ لمناقشة خطوات النقابة التصعيدية تجاه القانون.