نسى «محمود م.»، 41 سنة، سائق توك توك، جريمة قتله زوجته "هبة"، 27 سنة، وتقطيع جسدها لـ5 أجزاء، في مايو 2011، بعدما وقعت مشادة كلامية بينهما حتى احتدم الخلاف بينهما أمام طفليهما حسام (10 سنوات وقت الحادث) ويوسف (7 سنوات يومها)، فسارع محمود نحو المطبخ وأحضر سكينًا، وأنهى الخلاف مرة واحدة وللأبد، وسكت الصوت. إلا أن الصبي لم ينس ما رآه وبعد 6 سنوات أخبر خاله الذي سارع بالإبلاغ عن الجريمة، ليقى القبض عليه وتصدر المحكمة اليوم الحكم بإعدامه.
اقرأ أيضا: بالفيديو.. "الرقابة الإدارية" تكشف كواليس الإطاحة بـ"عصابة المواد البترولية"
في شهر أكتوبر من العام الماضي بعد مرور 6 سنوات على الجريمة التي أخفت معالمها، نجحت أجهزة الأمن بالجيزة في كشف ملابسات اختفاء سيدة بمنطقة الوراق، وأن زوجها خنقها حتى الموت، وقطعها إلى عدة أجزاء بمنشار، وألقى بها بطريق (بشتيل - الكوم الأحمر) بمنطقة أوسيم، بمساعدة طفله.
داخل محكمة الجيزة، جلس (محمود)، خلف القفص الحديدي في إحدى أركانه وهو يبكي يحاول إخفاء وجهه بين كفيه، لكن العبارات أبت أن تطفئ ناره الكادح.. مرددًا "كانت خاينة.. بتقتلوني ليه أنا ماكنش قصدي أقتلها.. بس هي تستاهل الموت".
وفور بدء الجلسة دخل الحاجب بصوته الجهور مناديًا "محكمة"، لتدخل هيئة المحكمة مكتملة بعضويها اليمين واليسار، وبعد أن اعتدل القاضي وعدل من نظارته الطبية، أرسل بصره تجاه المتهم، قائلا: "انت قتلت مراتك يا محمود"، ليرد المتهم: "أيوه" ليكمل القاضي: "قتلتها ليه"؟.
في تلك اللحظة تذكر المتهم لحظة مقابلته بـ "هبة" أثناء عمله في "عصارة قصب" بمنطقة إمبابة، وتزوج منها، وبعد فترة سافر إلى دولة ليبيا ثم عاد عام 2004، واشترى المتهم توك توك وبدأ العمل عليه، وقد بدأت المشاكل تظهر بين الزوجين، ثم تطور الأمر بينهما عام 2007 خاصة بعدما لاحظ المتهم غياب زوجته المتكرر عن المنزل، بدأ الشك يتسلل إلى قلبه لأنها كانت تمكث خارج المنزل لساعات، وتترك الأطفال الثلاثة بمفردهم، هذه الامور أثار غضبه ودفعه إلى مراقبتها ففوجئ بها تنزل من سيارة ملاكي أمام المنزل وسألها عن هوية قائدها فأكدت له أنها كانت سيارة أجرة، وتشاجر معها".
قبل الواقعة بأسبوع خرجت المجني عليها ومكثت 3 ساعات وقد عاد الزوج وانتظرها، وفور وصولها انتظرت في الشارع لدقائق وتحدثت خلالها مع نجلها الأكبر وسألته عما إذا كان والده بالمنزل وطلبت منه أن يؤكد أنها خرجت من المنزل للتو.
لكن الزوج كان فى الأعلى ينتظرها وتشاجرا سويا، ويوم الواقعة عاد الزوج من عمله متعبا وقرر النوم وبعد دقائق دخلت عليه الزوجة وأرادت إيقاظه لأنها تريد أن تتحدث معه، وعندما رفض تشاجرت معه وأمسكت بطرف قميصه، وعندما حاول الإفلات منها فأمسكها من عنقها لإبعادها عنه، ففوجئ بعد لحظات أنها سقطت على الأرض وحاول إفاقتها لكن دون جدوى، فتركها بالغرفة وأغلق الباب عليها وأخلد للنوم بجوار أبنائه".
في صباح اليوم التالي لاحظ الأطفال انبعاث رائحة كريهة من الغرفة وعندما سألوه عن السبب أكد أن هناك فأرا داخل الغرفة، وفي نهاية اليوم أحضر منشارا وقطّع الجثة لأجزاء ووضعها داخل أكياس بلاستيك ثم تخلص منها بإلقائها بترعة الزمر بطريق الكوم الأحمر، ومن حين لآخر كان يذهب إلى المكان ليتفقد أثرها".
وبعد الاستماع للمتهم واجه الطفل "يوسف" (14 سنة حاليا) أبيه امام المحكمة، يتذكر تفاصيل الواقعة، وهو يقول: أبويا كان على علاقة جنسية مع جارتنا "أسماء"، مما جعل والدتي تتشاجر معه، وكنا نسمع أصواتهما واحنا في حجرتنا المجاورة لهم، وبعد المشاجرة وسكوت الصوت وجدت والدي يذهب إلى المطبخ ويحضر سكينًا في يده، وبدقائق من دخوله الغرفة مرة أخرى هدأت الأمور ولم نعد نسمع صوتًا.
وأكمل الطفل والدموع على خديه: في اليوم التالي، سألنا أنا وحسام عن أمنا، فأجاب الأب: سابت البيت وراحت لجدكم في كرداسة.
يتذكر "يوسف" ما فعله والده بجثمان أمه الذي تركه نحو يومين كاملين، "كنا بنبص من المنظر من ثقب مفتاح الغرفة، لقيت المراتب والملايا عليها دم وفي حاجه مرمية تحت السرير، وريحة كانت وحشه في البيت.. وبابا قال لنا إن أوضته فيها فار ميت، وخلاني أشتري معطرات من محل تحت بيتنا بتاع أسماء عشيقته علشان يخبي على الريحة".
عاد "محمود" للمنزل في اليوم الثالث، ومعه منشارًا، ودخل غرفة التي توجد بها الجثمان وأغلق الباب عليه، وبمرور ساعة تقريبا، استعان بـ"حسام" ليساعده في التخلص من والته بعد تقطيعه لـ5 أجزاء وضع كل جزء منها في كيس بلاستيك أسود.
"قال لي تعالى يا حسام معايا مشوار علشان تسوق أنت التوك توك، وروحنا مكان فيه ترعتين في بشتيل، ورمى الكياس فيه، قولتله احنا جايين هنا ليه قالي في حاجه ضايعه مني وبدور عليها.. أنا كنت وقتها صغير ومش عارف حاجه لكن لما كبرت بدأت أجمع أحداث الواقعة ولكن لم أخبر أحد بما حدث، الميت أمي والقاتل أبي".
وأصدرت محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار حسام دبوس، بالإعدام شنقا لسائق، للمتهم بقتل زوجته بمنطقة الوراق.
من العدد الورقي