اعلان

"العيد الحزين" في الدول المنكوبة.. سوريا تحيي عيد الفطر بين الأنقاض.. كيلو الزبيب في اليمن بـ 5 آلاف ريال.. وفلسطين تستقبله بالمسيرات

كتب : سها صلاح

تحت القصف، ووسط الأنقاض وأسفل سماء يعلوها دخان البارود وروائح الجثث المحترقة، يستقبل مواطنو عدة دولا عربية عيد الفطر المبارك، بواقع موحش أليم تطل منه صور الدماء والأوطان المحترقة عن آخرها، هنا كان الأطفال يقفزون ويتهادون في الحدائق والمنتزهات الآن صارت خرابات وحطاما وبقايا بشر وشظايا تفخخ الألعاب والدمى.. «أهل مصر» استعرضت أجواء استقبال العيد في سوريا واليمن وفلطسيني حيث الأقطار العربية المنكوبة بفعل الاحتلال والحروب..

-سوريا:

يستقبل أهالي قامشلو في شمال سوريا العيد للعام السابع على التوالي بأجواء صعبة والأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، ويأتي العيد هذا العام أيضا مع ارتفاع أسعار الملبوسات والحلويات والذي يبرره التجار كالعادة بارتفاع الدولار الأميركي والعملات الأخرى مقابل الليرة السورية حيث شهدت سوق الصرف ارتفاعا بسيطا في الأسابيع الأخيرة، إذ وصل سعر الدولار لنحو 535 ليرة سورية بعد أن كان مستقرا في الأشهر الماضية عند 530 ليرة وعاد في الأيام الأخيرة لينخفض قليلا ليصل إلى 518ليرة .

يعلق هدار عمر، وهو يقرأ أسعار المواد الغذائية في أحد محلات السوق : «يرتفع الدولار فيرفع التجار أسعار بضاعتهم فورا وعندما يعود لينخفض يبقون السعر كما هو ولا يخفضونه ليحققوا أرباحا كبيرة على حساب المستهلك وأصحاب الدخل المحدود».

وفيما ترتفع أسعار المواد الاستهلاكية تستقر أسعار لحوم الأغنام والأبقار واللحوم البيضاء كما كانت قبل ارتفاع سعر الصرف مع تذبذب في أسعار لحوم الدواجن.

ويرى درويش (أبو لافا ) الذي يعمل قصاب في سوق اللحوم بالمدينة أن سعر لحم الغنم مرتفع بالأساس وبالتالي لن يتمكن الكثير من السوريين من تأمين أضاحي العيد حيث يصل سعر الكبش الواحد الخاص بالأضاحي ما بين 30 و50 ألف ليرة حسب وزن الكبش فيما الخروف الصغير ذو القرنين الصغيرين يصل سعره لنحو 25 ألف ليرة.

أما أسعار سوق الجملة إذ يبلغ سعر كيلو الخروف نحو 1700ليرة ليباع في محلات القصابة بين 3000 و4000 ليرة سورية وهذا يفوق مقدرة الكثير من السوريين المعيشية وحتى الموظفين والذي يبلغ متوسط راتب الموظف الشهري نحو 40 ألف ليرة.

ويقول «عمران» إن أسواق الألبسة ورغم ازدحام الناس فيها وخصوصا في ساعات المساء الأولى قبل العيد فإن حركة البيع قليلة.

وأضاف أنه يمتلك محلا لبيع الألبسة الرجالية قائلا: "كل ما تشاهده من ازدحام شغلتوا فاضية وعلى مبدأ المثل المعروف، فالناس تتجول في الأسواق تشاهد الواجهات والبعض منهم يدخل ويسأل عن سعر قميص أو بنطال ويخرج دون أن يشتري»، ولكن أسعاركم مرتفعة ولا يوجد تخفيضات لماذا؟ يجيب عمران وبشيء من الحدة: «كل شيء ارتفعت أسعاره فلماذا تنتقدوننا نحن أصحاب محلات الألبسة، فالقماش منه ما هو مستورد وبالتالي يرتفع سعره مع حركة الدولار وأجور الأيدي العاملة تضاعفت والكثير من مصانع الألبسة توقفت بسبب الأحداث والحرب وبالتالي انخفضت العروض وغابت المنافسة بين البضائع كما كان يحصل قبل بدء الأحداث، ونحن نحاول قدر الإمكان أن نجري تخفيضات موسمية فأسعار الألبسة الصيفية خفضناها قدر الإمكان».

ومن جهة أخرى حيث محلات بيع حلويات الضيافة من شوكولاته وراحة ونوكا وملبس يقول أحد البائعين إن هناك إقبالا من الناس ولكن كمية ما يشترونه لضيافة العيد أقل مما هو في العادة كما أنهم يطلبون البضائع ذات الأسعار المنخفضة ولذلك نبيع مثلا الشوكولاته المحضرة من زبدة الكاكاو الصناعية بكميات أكبر بسبب سعرها المنخفض حيث يباع الكيلو غرام بنحو ألفين ليرة، فيما سعر كيلو الشوكولاتة المحضر بزبدة الكاكاو الطبيعية يتراوح ما بين 3000 و5000 ليرة سورية، وكذلك الأمر بالنسبة للراحة حيث يقبل الناس على شراء الراحة السادة أو المحشوة بالفستق في حين يعزفون عن شراء الراحة المحشوة والمغطاة بالفستق الحلبي والتي يزيد سعرها 4 أضعاف عن سعر تلك المحشية بفستق العبيد.

الحال نفسه ينطبق على الحلويات الشرقية والتي انخفض بيعها كثيرا بسبب عزوف الناس عن تقديمها في العيد كضيافة ورغم محاولات الباعة تنويع منتجاتهم واستخدام مواد رخيصة نسبيا حيث يستخدمون حشوات قليلة من المكسرات مع زيادة بحجم المواد الحاملة لها كالكنافة والدقيق والسميد فإن الإقبال ضعيف على هذه المحلات مع استبدال ضيافتها بالحلويات الجافة كالبرازق والغريبة وغيرها والتي يباع الأقل جودة منها بسعر نحو 800 ليرة سوريا للكيلو غرام الواحد فيما يصل العالي الجودة منها بين 1000 و1500ليرة.

-خطبة العيد في فلسطين عن شهداء غزة:

يحل عيد الفطر على المدن الفلسطينية، بأجواء كئيبة نتيجة الحصار الذي عزلها عن محيطها، خصصت خطبة عيد الفطر في كل مساجد الضفة الغربية للحديث عن قطاع غزة و العدوان الذي يتعرض له من قبل الإحتلال الصهيوني.

وكان للشهداء والجرحى النصيب الأكبر من الخطبة والدعاء لهم بالتقبل و الشفاء للجرحى الذين تجاوز عددهم 6200 جريحا، والدعاء للثكالى و الإيتام بالصبر و السلوان.

واختتمت صلاه العيد بالصلاه الغائب على أرواح الشهداء الذين سقطوا خلال العدوان على القطاع و الذين وصل عددهم إلى 1035 شهيدا.

وخرجت مسيرات رافضة لاعلان القدس عاصمة للصهانية ولتأييد و نصرة للقطاع و أهله ومقاومته بعد صلاه العيد مباشرة و جابت البلدات و المدن الفلسطينية من شمالها و حتى جنوبها.

ففي مدينة رام الله ونابلس و الخليل، وفي مناطق التماس في مخيم الجلزون و منطقة بتونيا القريبة من حاجز عوفر و في المسجد الأقصى المبارك، شهدت المسيرات حشد كبير رفعت خلالها الإعلام الفلسطينية و هتفت باسم المقاومة و القطاع.

وفي بلدة بلعين غربي رام الله أقام المواطنين صلاه العيد بالقرب من الجدار الفصل العنصري المقام على أرضيهم المصادرة، و عقبها صلاة الغائب على أرواح الشهداء في القطاع.

واندلعت مواجهات بين قوات الإحتلال والشبان المشاركين في المسيرة التي انطلقت بعد صلاه الجمعة، وأطلق جنود الإحتلال النار باتجاه المشاركين و القنابل الغازية مما أدى إلى إصابة العشرات منهم بحالات إختناق.

وفي مجمع الكراجات الشرقي بمدينة نابلس، ينتظر سائقو المركبات العاملين على خطوط هذه القرى، طويلا قبل أن تكتمل حمولة مركباتهم، في مشهد يعكس قلة أعداد المتسوقين من تلك القرى نتيجة الحصار الخانق.

السائق خالد عبد السلام بدت عليه مظاهر الاستياء وقد أطفأ محرك مركبته بانتظار وصول أربعة ركاب لتكتمل حمولة مركبته ذات السبعة مقاعد، لنقلهم إلى بلدة عورتا.

يقول لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام": «موسم العيد بالنسبة لنا يعتبر من أهم المواسم، ففي الوضع الطبيعي لم نكن ننتظر لأكثر من خمس دقائق لملء المركبة والانطلاق بها، أما الآن فإن الأمر يحتاج إلى أكثر من ساعة».

ويشير إلى أنه مع إغلاق مداخل القرى، يضطر الناس لاستخدام مركبتين، الأولى من وسط البلدة إلى مدخلها، ثم النزول والسير على الأقدام إلى مركبة أخرى على الجانب الآخر، لتنقلهم إلى نابلس، ومن يريد الوصول بسيارته الخاصة فعليه سلوك طرق ترابية وعرة والتنقل بين عدد من القرى".

ويضيف أنه في كلتا الحالتين فهذا يعني زيادة في التكلفة والمشقّة، الأمر الذي يجبر المواطنين على تقليص تنقلاتهم واصطحاب عدد أقل من أفراد عائلاتهم لشراء احتياجات العيد.

عرقلة الاستعدادات

تعتبر مدينة نابلس السوق الرئيس لسكان تلك القرى للتزود باحتياجاتهم، خاصة تلك المتعلقة بالعيد من ملابس وفواكه وحلويات، ليأتي الحصار ويضع أمام الأهالي تحديا جديدا في تأمينها.

ويقول المواطن إبراهيم نصار من بلدة مادما لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام": «نعتمد في مادما والقرى المجاورة على مدينة نابلس في التزود باحتياجاتنا للعيد، وفي ليلة العيد تستمر حركة التنقل بين القرية والمدينة حتى الفجر».

ويردف قائلا: "لكن في ظل الحصار، فمن ذا الذي سيبقى خارج البلدة حتى العِشاء؟".

ولم يؤثر الحصار على قدرة أهالي القرى على التنقل وحسب، بل امتد أثره إلى أسعار السلع التي يحتاجها المواطنون لا سيما في العيد، وفي حسبة بلدة بيتا انعكس الحصار زيادة بأسعار الخضار والفواكه.

وقال المواطن وسيم أحمد، إنه توجه لشراء حاجته من الفواكه استعدادا للعيد، وفوجئ بأن الأسعار تضاعفت، وأصبحت تتراوح ما بين 10-12 شيكلا لكل صنف.

ويعزو أحمد ذلك إلى ارتفاع تكاليف النقل، حيث تضطر شاحنات الخضار والفواكه لسلوك طرق طويلة للوصول إلى الحسبة التي لا تبعد عن مدخل البلدة سوى بضع مئات من الأمتار، وفي النتيجة يتحمل المواطن العادي الزيادة في تكاليف النقل.

ويلفت إلى أن الاحتلال لا يكتفي بفرض حصاره على البلدة للتنغيص على الأهالي، بل يعمد في كل ليلة إلى اقتحامها والتواجد في وسطها واستفزازهم بإطلاق أبواق الجيبات وصافراتها، لتندلع مواجهات عنيفة يطلق خلالها الجنود قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع.

قطع للأرحام:

ويخشى الأهالي أن يتحكم الحصار بمظاهر احتفالهم بالعيد ويسلبهم بهجته، ويقيّد حريتهم وحركتهم، لا سيما في تنقلاتهم لصلة الأرحام خارج تلك القرى، أو للوصول إلى المتنزهات وأماكن الترفيه لأطفالهم.

ويقول عبد الفتاح شحادة من بلدة عوريف لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" إن الاحتلال يصر على التنغيص على المواطنين حياتهم وأعيادهم، مشيرا إلى أن الكثير من سكان البلدة لهم أقارب خارجها، ولن يتمكنوا من تبادل الزيارات اذا استمر الحصار.

ويضيف: «إذا فكر أحدنا بزيارة أقاربه خارج القرية فسيمضي معظم وقته في السير عبر الطرق الترابية، وعندما يصل يكون بوضعٍ مزرٍ للغاية».

-اليمن يستقبل العيد بـ«المجاعة» والكوليرا

للعام الرابع على التوالي، حل عيد الفطر المبارك واليمن يعيش تحت وطأة نزاع دام، وعلى الرغم من تدهور الأوضاع الإنسانية، إلا أن غالبية السكان كانوا حريصين على الاحتفال به.

وخلافا للأعياد السابقة، جاء العيد الحالي ونحو مليون و200 ألف موظف حكومي يعيشون بدون رواتب منذ 10 أشهر، ما جعل رقعة الفقر تتسع بشكل غير مسبوق، ليصبح ثلثي سكان البلد الفقير (27 مليونا)، على شفا مجاعة، ولا يعلمون ما إذا كانوا سيتناولون وجبة تالية أم لا، وفقا للأمم المتحدة.

وعلى الرغم من كل الظروف السوداوية، والتي فاقمها تفشي وباء الكوليرا، إلا أن اليمنيين حرصوا على استغلال عيد الفطر لاقتناص لحظة فرح، هم في أمس الحاجة إليها، وبدت الأسواق مكتظة بالمتسوقين.

وبدا طبق الحلوى أو ما يعرف بـ"الجعالة" في العاصمة صنعاء ومدن الشمال اليمني، من الأساسيات التي يحرص اليمنيين على حضورها في منازلهم لاستقبال "عيد مُر" بكل المقاييس، حتى وان تخلوا عن طقوس أخرى كانت بالنسبة لهم هامة قبل الحرب.

وشهدت المستودعات الخاصة بحلوى العيد في صنعاء، إقبالا ملحوظا من اليمنيين، لاقتناء أصناف الحلوى التي يتم تنويعها في أطباق مخصصة يتمتقديمها للضيوف خلال أيام العيد.

وقال" أحمد الحطامي"، وهو موظف حكومي، إن طبق الحلوى "هو آخر الملامح التي يتمسك بها غالبية اليمنيين والتي تدل على أنهم يعيشون في أيام عيد".

وأضاف" لم يعد أمامنا سوى هذه الحلويات لاستقبال العيد الباهت والمُر بكل المقاييس، نحن مجبرون على شرائها من أجل أطفالنا، ومن أجل المحافظة على أدنى طقوس الأعياد والتي اندثرت بسبب الحرب، وحضورها يشعرنا بأننا ما زلنا على قيد الحياة".

ووفقا للحطامي، فقد استغل غالبية موظفي الدولة ما يُعرف بـ"البطاقة التموينية" التي سلمتها لهم حكومة الحوثيين بدلا عن الرواتب، في شراء حلوى العيد من تلك المولات التجارية التي تم التعاقد معها،

لافتا إلى أن طبق الحلوى حضر هذه المرة فيما غابت أساسيات كثيرة على رأسها الملابس.

ويتكون طبق "الجعالة"، الذي يحرص اليمنيون على تقديمه، من الزبيب، واللوز والفستق وقطع الكعك المصنوعة في المنازل.

ووفقا لأحمد الحبابي، وهو مالك مستودع لبيع الزبيب واللوز والحلويات في صنعاء، فقد حرص غالبية السكان على اقتناء حلوى العيد، وإن لم يكن بالطريقة المعهودة خلال الأعوام الماضية.

وقال الحبابي « حرص الناس سابقا على شراء كافة أصناف الحلوى من زبيب وفستق ولوز وحبوب الفول المقلية (الصويا)، والأصناف الفاخرة منها، وهذا العام تم الاقتصار على صنف أو صنفين، لكنهم كانوا حريصين على وجود الطبق في منازلهم».

وذكر أن الزبيب اليمني الفاخر والمعروف بـ"الرازقي" وكذلك اللوز الخولاني، كان محصورا على الميسورين، لارتفاع سعره الذي يصل 5 آلاف ريال للكيلو غرام (17 دولارا)، وهو ما يجعل الغالبي.ة

يتجهون لشراء الزبيب واللوز المستورد والذي يكون في متناول الجميع، نظرا لأسعاره الرخيصة، رغم تفاوت المذاق بين النوعين.

ويتم تجهيز الزبيب اليمني من مزارع خاصة بمحيط العاصمة صنعاء التي تشتهر بانتاج العنب، ووفقا لمزارعون، يتم تجفيف العنب وخصوصا "الرازقي" و"الأسود"، لفترة تتراوح

من شهر إلى شهرين، ليتحول بعدها إلى "زبيب" له فوائد صحية عديدة، وفوق ذلك يكون سيد طبق حلوى العيد في البيت اليمني وأبرز الهدايا التي يتم إرسالها إلى خارج البلد

نقلاً عن العدد الورقي..

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً