استشاط (عامر إ.)، 34 سنة، عامل غضبًا، عندما وسوس له صديقه أثناء سهرتهما بمنطقة إمبابة بمحافظة الجيزة، قائلًا "أخوك ضحك عليك وأخد الميراث كله لوحده، وأنت طلعت من المولد بلا حمص، لازم تاخد حقك"، ليذهب الشاب بعد سهرته لمقابلة شقيقه (أحمد إ.)، 30 سنة موظف بإحدى الشركات، مطالبًا بحقه في الميراث، وبعد رفضه انهال عليه ضربا حتى أرده قتيلا في الحال.
داخل محكمة الجيزة، جلس (أحمد إ.)، 34 سنة، خلف القفص الحديدي في إحدى أركانه محاولًا إخفاء وجهه بين كفيه يبكي، ي أكلكن العبارات أبت أن تطفئ ناره الكادح.. مرددًا "أبويا وأمي سبب ضياعي، طردوني من البيت وسبونل من الشارع وفي الأخر موت أخويا، منهم لله".
اقرأ أيضا :إصابة 7 أشخاص بينهم 5 أطفال نتيجة سقوط شرفة شقة بالإسكندرية
يتذكر الشاب ذكريات طفولته، وقت أن قاما والديه بطرده من المنزل، وتركه للدراسة "أبويا طردني من البيت وأنا عندي 10 سنين، وقتها سبت المدرسة من الصف الخامس الابتدائي"، قبل أن يضيف بكلماته الثقيلة: "ماعرفش عمل معايا كده ليه مع أن ما عملتش حاجه تزعله".
بوجه شاحب وملامح تظهر عليه علامات الشقاء والحزن، وعيون مكسورة أرهقتها الدموع؛ وقف الشاب ينتظر جلسة النطق بالحكم عليه قائلة: "لم أجد مأوى سوى اللجوء إلى الأماكن المهجورة للنوم بها، بعدما أصبحت بلا أسرة، حتى عرض علي صاحب ورشة سيارات العمل معه أنا قولت بدل رميتي في الشارع اشتغلت عشان أعرف أجيب فلوس أكل بيها"، مكملا حديثه، عملت لمدة 11 سنة في جميع الصنعات، لكن أصاحب الورش اعتادوا على إهانتي، كنت محتار بين الشغل بالورش أو العودة للشارع والتسول.
أكمل الشاب حديثه: "أنا كنت شغال أرزُقي بس كسّيب، بس مهما كسبت مش هعرف افتح بيت"، حلم الشاب بتكوين ثروة هائلة وفي سبيل تحقيق ذلك فكر في السفر للخارج للعمل هناك، وبعد وقت من العناء جاءه عقد عمل بدولة ليبيا، وهناك عملت بإحدى المطاعم، لمدة 10 سنوات. وخلال تلك الأعوام جمع الكثير من الأموال، بعدها قرر العودة إلى موطنه، "عملت تحويشة العمر وقولت أرجع لأهلي، وعرفهم إن أنا راجل واعتمدت على نفسي"، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، أثناء عودته نصب عليه إحدى أصدقاءه وسرق أمواله.
عاد الشاب إلى مصر ذاهبا إلى منزله مرة ثانية ليجد والده كتب كل ما يملك لشقيقه بيع وشراء، بجانب زواجه وأنجب طفلًا، وبدًلا من احتضان الابن الأكبر قام الأب بطرده لكن تلك المرة وقف في جه أبيه متسائلا لماذا يفعل معه كل هذا؟. لكن لم يجد إجابة على سؤاله.
"اسودت الدنيا في وجهي" قالها "عامر" موضحًا: دقت ساعة الحائط بنسق دقيق مألوف معلنة عن مرور ساعة أخرى أخذ "عامر" يعد الدقات بذهن غائب إنها الساعة الواحدة صباحا موعد عودة شقيقه من عمله، والحركة فاترة في الشارع، إذ قفز في عقله فكرة المطالبة بحقه من شقيقه أحمد لكن أثناء الحديث معه رد قائلا: "أبوك في البيت روح خد حقك منه أنا مالي هو كتبلي الميراث بيع وشراء"، أكمل الشاب حديثه ودموعه على وجنتيه: لم أدري بعدها إلا بقتله متمتمًا "أخد الحنيه والفلوس ومرديش يديني حاجه، ولعب بعقل أبويا، وكان لازم آخد حقي ويدفع التمن". بعد علم والدي بالخبر توفى في الحال وبعد يومين من المرض لحقت به والدتي.
وأثناء حديثه جاء صوت الحاجب "محكمة"، لتدخل هيئة المحكمة مكتملة بعضويها اليمين واليسار، وبعد أن اعتدل القاضي وعدل من نظارته الطبية، أرسل بصره تجاه المتهم، وأشار إلى ممثل النيابة ليبدأ حديثه، قائلا: "قضية اليوم هي قضية قتل عمد وفساد وإفساد في الأرض، والقضية المنظورة الآن لمتهم متكبر جبار، قتل أسرتان وليس شقيقه فقط، سيدي القاضي إن المتهم الماثل أمام حضراتكم خلف هذا القفص تجاهل كل ما تعلمه وخبره وأساء لنفسه أيما إساءة، وتعدى على شقيقه بآلة حاجة فأصابه بضرر بليغ، وقد وقع في السنوات الأخيرة في أخطاء لا تغتفر، ولم يعر لتجاربه أي سمع.. وبناء عليه نطالب بتوقيع أقصي العقوبات على هذا المتهم. وفي النهاية، حكمت المحكمة حضوريا بالإعدام شنقًا.