تختلف الطقوس والمراسم الدينية في الديانة اليهودية عنها في الديانة المسيحية، خاصةً في في فكرة الزواج والطلاق، فالمسيحية لا طلاق بها إلا في توافر شروط خاصة جدا تلامس حدود المستحيل ما جعل أمر الطلاق في المسيحية معقدا. أما اليهودية فيُباح الطلاق بها أيضًا مع توافر شروط لذلك ولكن من يتحكم فيها هو الحاخامات.
الحاخامية اليهودية والمحاكم الشرعية اليهودية المُتبعة في إسرائيل احتكار صلاحية الزواج والطلاق والإعتراف يتلك الزيجة ونسلها بأنها يهودية تتماشى مع الشريعة، او عدم الاعتراف بها وبزواجها ونسلها وارتباطات أخرى.
توجه الكثير من اليهود إلى الدول الأوروبية خاصة «قبرص» للزواج مدنيا هناك هربا من ظلم الحاخامية ومحاكمها الدينية التي تتشدد بشكل كبير في شروط الزواج والطلاق بطريقة اعتبرها الكثير من اليهود تعسفية.
جعلت اليهودية من موضوع الطلاق قضية عقائدية معقدة ولها طقوس محصورة ضمن صلاحية الحاخامية صاحبة السيادة المطلقة في هذا المجال فهي من يوافق على الطلاق، ويجعله رسميا ضمن إجراءات معقدة وصفها البعض بالمهينة للإنسان والعائلات اليهودية.
كما يجبر القانون الشرعي اليهودي السائد في إسرائيل من يرغب او ترغب في الطلاق وإنهاء العلاقات الأسرية القائمة ان يقوم بهذا الأمر وفقا لقواعد الشرع اليهودي، وتتم عملية الطلاق في مقر الحاخامية ذات الصلاحية الحصرية في منح الطلاق والمصادقة عليه في إسرائيل.
وتلزم الشريعة اليهودية إن يكون الطلاق بالتراضي وموافقة طرفي العلاقة وفي حال اتفق الزوجان على الطلاق عليهما الذهاب إلى الحاخامية بنفسيهما لإتمام طقوس وإجراءات الطلاق. وهذه الطقوس دينية بحتة تجري وفقا للشريعة اليهودية ينتهي بإعلان الحاخام طرفي العلاقة كزوجين مطلقين ويعلن المرأة كشخص "متاح للجميع" بعد الطلاق وفقا للسان الحاخامية.
ويقوم الزوج بالتوقيع منفردا على وثيقة الطلاق لان هذه الوثيقة لا تعتبر ثنائية بل فردية محصورة بتوقيع الرجل الذي يمنح الطلاق الأمر الذي اعتبره الكثير من اليهود طقسا وإجراء مهينا وقديما يميز بين الرجل والمرأة التي يجب عليها ان تنتظر قرار الرجل حتى يعطف عليها ويوقع وثيقة الطلاق التي لن تصبح رسمية قبل ذلك.
عملية الطلاق:
تنطلق قوانين الانفصال من التأصيل الشرعي الوارد في كتاب «دفريم» المتعلق بقوانين الطلاق حيث جاء في هذا الكتاب بكل وضوح ما يلي «يمنع على الرجل العودة والزواج من طليقته مرة ثانية بعد ان تتزوج من شخص أخر» فيما أخذت بقية قوانين الطلاق من التوراة دون أن تكون هذه القوانين مدونة في التوراة بل عبر النقل الشفهى مما يعني عدم وجود نصوص توراتية مكتوبة تنظم عملية الطلاق من الناحية الشرعية لذلك تعتمد الحاخامية في قوانينها على الموروث المنقول شفاهة فقط، وفيما يلي الشروط التي يجب توافرها لإتمام عملية الطلاق:
1- يجب ان يتم الطلاق باتفاق ورضى حر وكامل من الطرفين وليس من خلال القوة والفرض الجبري قد قال الحاخام «غيرشوم» ويحظر على الرجل ان يطلق زوجته دون رضاها.
2- يجب ان يكتب عقد الطلاق للزوجين المحددين وبحضورهما الشخصي أمام الحاخامية ويجب عليهما الانتظار حتى كتابة وثيقة الطلاق وهذه العملية قد تاخذ وقتا طويلا، ومؤخرا ادخلت الحاخامية تسهيلا على هذا الامر حيث سمحت بكتابة صيغة محددة للطلاق وترك خانة الاسماء والتواريخ فارغة.
3- يجب على الزوج ان يسلم الزوجة وثيقة الطلاق ولا يحق لها مطلقا أن تستلمها من الحاخامية بنفسها وهنا قد تتحول بعض النساء الى ناشز لمدة سنوات طولية لعدم تسلهن قرار الطلاق من الزوج.
أنواع الطلاق:
1- حين يكون من العسير التعرف بالضبط على شخصية وأسماء الزوجيين الراغبيين في الطلاق.
2- "الطلاق المشروط" حيث يقوم الرجل بكتابة وثيقة الطلاق لكنها لن تكون سارية المفعول قبل تطبيق شرط معين جرى تحديده مسبقا ضمن وثيقة الطلاق وكان هذا النوع من الطلاق سائدا بين الجنود الذاهبين للحرب حيث يكون الطلاق مشروطا وساري المفعول في حال أعلن الجندي كمفقود ما يمنع تحول زوجته إلى "موقوفة".
رفض إعطاء الطلاق:
وبسبب حساسية وتعقيد أمر تسليم قرار الطلاق، ورفض بعض الرجال تسليم طليقاتهم وثيقة للطلاق ما يجعلهن لسنوات طويلة غير قادرات على الزواج. ويتم إعلانها كزانية في حال أقامت علاقات مع رجل آخر وبالتالي اعتبار الأطفال الذين قد يولدون نتيجة العلاقة الجديدة أبناء غير شرعيين.
ويعتبر الابتزاز أهم أسباب رفض الرجال منح زوجاتهم الطلاق حيث يسعى الحال على سبيل المثال لتحقيق شروط معينة وتضمينها لوثيقة الطلاق، أو بسبب حب الانتقام وتقضي الشريعة اليهودية بعدم إجبار الرجل على إعطاء الطلاق لان الطلاق يجب أن يكون بالتراضي لكن القاعدة العامة التي تحكم هذه الحالات تنطلق من التأصيل الشرعي اليهودي القائم على مقولة "يضربونه حتى يقول نعم أريد" ما يعني فرض عقوبات مهما كانت قاسية.
هل يمكن إجبار الرجل على الطلاق؟
في الحقيقة لا توجد إمكانية لمنع «رفض الرجل إعطاء أو تسليم قرار الطلاق» لكن في حالات وشروط معينة يمكن تحرير احد أطراف العلاقة الزوجية من شروط وحالة الزواج وذلك عبر "فرض الطلاق" اذ تملك محكمة الأسرة أو المحكمة الشرعية" حسب الصفة التي تعقد فيها تنفيذ عملية "فرض الطلاق" على الطرف الرافض له ما يعني جعل الطلاق ساري المفعول قانونيا دون انتظار موافقة احد الأطراف الرافض للعملية، وهذه العملية تجري دائما ضد الرجال لان الشريعة اليهودية منحتهم الحق الحصري في طلاق المرأة وبالتالي هم من يرفضون الطلاق ولذا يتعرضون في بعض الأحيان لإجراءات فرضه بالقوة.
وحتى يصبح الرجل مطلقا رسميا يمكنه تسليم وثيقة الطلاق للمحكمة الشرعية وتوكيل المحكمة بأمر تسليمه لزوجته التي تجبرها الشريعة اليهودية على تسلم وثيقة الطلاق قبل أن تشرع بإجراءات تنفيذه، وهذا الوضع يمكن ان يورط ويعقد وضع المرأة فقد يكون الرجل مختلا عقليا او مريضا بما يمنع او يحول دون الحصول على موافقته أو رفضه للطلاق ما يعني بقائها تحت ولايته دن طلاق.
وتوجب الشريعة اليهودية فرض الطلاق عبر الضغط الاجتماعي والأخلاقي وكل عملية "فرض طلاق" تجري بغير هذا الأسلوب لا قيمة قانونية وشرعية لها.
وهناك عدة وسائل ضغط يمكن للمحكمة الشرعية أن تلجا إليها لإجبار الرجل على تطليق زوجته منها منعه من أصدر جواز سفر أو الحصول على رخصة قيادة أو منع الرجل من فتح حساب بنكي جديد وهذا اشهر الأساليب وأكثرها رواجا في إسرائيل، كما يمكن للمحكمة الشرعية أن تصدر أمرا بمنع الرجل الرافض للطلاق من السفر.
ويمكن فرض عقوبة السجن الفعلي على الرجل الرافض للطلاق بعد مرور ستة اشهر على صدور قرار المحكمة القاضي بفرض الطلاق عليه دون ان يستجيب الرجل للضغوط سابقة الذكر وبقي مصرا على رفضه، ففي هذه الحالة يتوجه المستشار القضائي للحكومة إلى المحكمة اللوائية التي تسمح بدورها باعتقال الرجل الرافض تطليق زوجته وقد تمتد فترات السجن لسنوات طويلة وسجل القضاء الإسرائيلي سجنا فعليا متواصلا لأكثر من عشرة سنوات لرجل رفض تطليق زوجته لان شرط إطلاق السراح الوحيد هو الموافقة على الطلاق ودون ذلك سيبقى الرجل في السجن.
كما يسمح القانون للمحكمة الشرعية بفرض عقوبة السجن الفعلي لخمس سنوات على الرافض الطلاق حتى يوافق على ذلك ويمكن للمحكمة بعد دراسة الملف ان تمدد سجنه الفعلي بخمس سنوات أخرى دون حاجتها للحصول على موافقة رئيس المحكمة العليا.
ومع ذلك يؤكد القانون بان السجن الفعلي هو أخر الحلول ويتم فرضه بعد أن تشعر المحكمة بأنها استنفذت كافة الوسائل الأخرى ولا زال الرجل مصرًا على رفضه.