«قلعة الصناعة» مسمي عرفت به مدينة المحلة الكبري عاصمة صناعة الغزل والنسيح التي أنشأتها ثورة 1952 لتمصير الصناعة الأجنبية، فضلا عن استغلال محاصيل القطن المصري وقتها في عمليات التصنيع والتصدير حتى ازدهرت الصناعة المحلية، قبل أن تتلقى العديد من الضربات التي تكاد توقف ماكيناتها وتوصد أبواب مصانعها.
أهم العوامل التي ضربت صناعة الغزل والنسيج بالمحلة بحسب تأكيد أصحاب المصانع تأثرها بالعوامل العالمية، من زياده أسعار الوقود وأسعار الغزول حتى تصل لمقارنة الانتاج المحلى بالانتاج العالمى، إلا أن الطامة الكبرى أتت بزيادة أسعار المحروقات، وهددت تلك الزيادة أكثر من 20 ألف عامل وعاملة بالتشرد بسبب تصاعد أزمة أرتفاع أسعار المواد الخام من الغزول وتفاوت أسعار كليوات الغاز والمازوت والكهرباء.
يقول حمدى السمسار، صاحب أحد المصانع بالمنطقة الصناعية إن صناعة الغزل والنسيج تتعرض كل 6 أشهر لضربة جديدة لكسر ظهرها كى لا تقف على قدمها مرة أخرى، وهو ما يعد ناقوس خطر تتجاهله الحكومة على الرغم من قرارات الاصلاح الاقتصادي بتعويم الجنيه المصري أمام أسعار صرف الدولار عالميا والتى تستهدف من خلاله الدولة رفع كفاءة الإنتاج وزيادة فرص معدلات الإنتاج بموجب الحفاظ على معايير صناعة الغزل والنسيج الوطنية .
وأضاف «السمسار» أنه فى يونيو من العام الماضى مرت مصانع المحلة بأزمة كبيرة بعد زيادة أسعار الوقود، ما أدى لارتفاع تكلفة الانتاج وترتب عليها أيضاً بعض العقبات مثل ارتفاع سعر طن الغزل من 14 ألف إلى 36 ألف جنيه، وهو السعر التى أقرته مخازن الشركات القابضة، وتبعها أيضا قرار تعويم الجنيه، ما ضاعف سعر طن الغزل المستورد، لافتا أن الغزول المحلية انختقت نتيجة تقليص زراعة القطن.وتوقع زيادة اسعار الغزول لتتخطى حاجز الـ 50 ألف جنيه للطن، عقب الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود «وكله على حساب الزبون».
ولفت صاحب مصنع أخر، أن البعض لجأ إلى الامتناع عن سداد التأمينات والضرائب المستحقة للدولة وعدم سداد فواتير مصادر الطاقة من مياه والغزول وكهرباء، وذلك لمحاولة تخفيض الخسائر إلا أن ذلك سوف يعمل على تراكم الديون على المصانع الصغيرة، ما سيدفعها عاجلاً أو أجلاً لاغلاق أبوابها وتشريد العمال.من ناحية أخري أضاف المهندس أحمد أبوعمو رئيس رابطة مصانع الغزل والنسيج بالمحلة، أن أصحاب المصانع طلبوا مناشدة الحكومة تحقيق الخروج الأمن وإيقاف النشاط، لافتا أن أصحاب المصانع قد لجأوا إلى تخفيض ساعات العمل وجعلها من ثلاث ورديات إلى وردية واحدة مع ضغط العمالة خلال ساعات النهار لعدم توافر سيوله مادية ونقدية، الأمر الذى دفع البعض منهم إلى السعي وراء هدم المصانع وإقامة مشروعات استثمارية مربحة منها بناء الأبراج السكنية أو من خلال عرض مصانعهم للبيع وإيقاف مزاوله النشاط .
وأشار "أبوعمو" إلى أن اللجنة الوزارية الاستثمارية والتى تضم وزراء الصناعة والقوي العاملة والتخطيط والمالية وقطاع الأعمال تتجاهل مأساة مصانع الغزل والنسيج الخاصة وتلتفت الى دعم مصانع شركات غزل المحلة والوبريات سمنود وشبين الكوم وكفرالدوار حفاظا على العمالة الحكومية خشية التشرد ، ولكن من يعانى فعلا المصانع الخاصة، لافتا أن تلك الزيادة الأخيرة كفيلة باغلاق المتبقى من المصانع بالمنطقة القديمة البالغ مساحتها 50 فدان، والتى سكنت ماكيناتها وقل انتاجها وماتت الروح بداخلها.
وتابع «كل أصحاب المصانع مش عارفين يحققوا ارباح من تجارتهم بسبب الركود بخلاف مشكلات صرف أجور شهرية للآلاف العمال دون تحقيق أى دخل مادي جديد يكفل لهم استمرار معدلات النصنيع فى ظل غياب دور الدولة عن دعم الصناعة».وعلى صعيد متصل طالبت رابطة أصحاب المصانع الخاصة، الحكومة المتمثلة فى مجلس الوزراء وأعضاء اللجنة الصناعية التي تضم وزراء التخطيط والصناعة والمالية والقوي العاملة وقطاع الأعمال العام، بالنظر إلى المخاطر التى تهدد بتشريد أكثر من 300 ألف عامل فى حالة توقف عدد من المصانع بصورة جزئيا اضطراريا لعدم توافر سيولة مادية لدي أصحابها أو القدرة على الايفاء بسداد أجور العمال الشهرية وحقوق الدولة .كما أضافت الرابطة أن القادم أسوء نتيجة رفع الدعم بالكامل العام القادم وهو ما سيقضى على النفس الأخير فى صناعه الغزول والنسيج، ولابد على الدوله التحرك لانقاذالصناعه أو على الأقل منعالعمال من التشرد وخلق جيل جديد على المقاهى.نقلا عن العدد الورقي.