«وخلقنا من الماء كل شيئ حي» فهي أحد أهم مقومات استمرارية الحياة بالكون، والعجز فيها يمثل تهديدًا كبيرًا لحدوث خلل في النظام الكوني، وهو ما يتعرض له المخلوقات الحية لينبئ بنوع جديد من الحروب التي تختلف في أسبابها، فالصراعات تقوم لأسباب مختلفة آخر ما كان يتصور أن تقوم من أجل "الحياة ذاتها" متمثلة في المياه.
وتختلف طرق الحصول على المياه بين دول المصب ودول المنبع، ولذلك هناك حاليًا 5 مناطق ملتهبة يتهددها خطر نشوب حروب، فعلى الرغم من أن 70% من الأرض عبارة عن مياه، إلا أن نسبة المياه النقية منها لا تشكل إلا 2.5 %، ويمكن الوصول فقط إلى 1% منها للاستخدام البشري، ذلك أن 70 % من المياه النقية توجد على شكل جليد أو ثلوج تغطي الجبال، و29% موجودة تحت الأرض.
وفي حين أن عدد سكان العالم يقدر حاليًا بنحو 7.4 مليار نسمة، حيث تضاعف عدد سكان الأرض مرتين، خلال 40 عامًا، وفي الأثناء زاد الطلب على المياه 4 أضعاف، فإن هذا يعني أن الطلب على المياه النقية سوف يزداد بوتيرة متسارعة، وخشية الوقوع في الأزمة المرتقبة، بدأت تظهر مناطق يتهددها خطر الصراع على مصادر المياه المتاحة، أي الأنهار والبحار الداخلية غير المالحة، وأخذت دول منابع الأنهار تتجه لحماية مصادرها من المياه على حساب دول المصب في أغلب الأحيان.
وتعد مصر والسودان وسوريا والعراق ولبنان والأردن، أهم الدول العربية التي تعاني من تهديدات نقص المياه، وهو الأمر الذي بدا خاصة مع تداعي الأزمة بقرار إثيوبيا بناء سد النهضة، وهي القضية التي لم تلق حلًا واضحًا حتى الآن يضمن لمصر ضمانات الحصول على المياه من نهر النيل والذي يصب في مصر ومنبعه من إثيوبيا.
وبحسب تقارير عالمية، بالإضافة إلى مصر هناك 5 مناطق ملتهبة قد تندلع فيها حروب ذات علاقة بالماء، وتشمل الأولى دول حوضي الفرات ودجلة، أي العراق وسوريا وتركيا، حيث تعمل الأخيرة على بناء السدود الكبيرة لتخزين المياه وإنتاج الطاقة غير عابئة بدول المصب أي سوريا والعراق، فتتركهما بحصة بسيطة تقل كثيرا عن الحصص التي كان قد اتفق عليها سابقا.
وتشمل المنطقة أيضا نهر الأردن، الذي تستغله إسرائيل دون النظر إلى حاجة الأردن وفلسطين للمياه، بالإضافة إلى منعها لبنان من استغلال مياه أنهار صغيرة، الأمر الذي يتسبب بكثير من الأزمات المتعلقة بشح المياه لشعوب هذه الدول.
والمنطقة الملتهبة تشمل دول الهند وباكستان والصين، حيث يوجد نهرا السند والغانغ، فأي مشروع عليهما قد يهدد الدول الأخرى.
وإلى الشمال من شبه القارة الهندية، ثمة منطقة ملتهبة أخرى تضم عدة دول هي قرغيزستان وكازاخستان وتركمانستان وطاجكستان وأوزبكستان، وهي الدول المطلة على بحر آرال، بالإضافة إلى المشكلة بين أوزبكستان وطاجكستان المتعلقة بنهر آمو.
وفي جنوب شرق آسيا، توجد منطقة ملتهبة أخرى تشمل دول حوض نهر ميكونع، حيث تشيد لاوس سدا على النهر قرب حدود كمبوديا، الأمر الذي يؤثر على الصيد في النهر في كل من كمبوديا وفيتنام وتايلاند، كما يؤثر على استغلال هذه الدول لحصتها من المياه.