كانت ومازالت قرية شبشير الحصة، التابعة لمحافظة الغربية معقل لصناعة عسل النحل ومشتقاته وتربية النحل على مستوى الجمهورية وليست المحافظة فقط، بل ووصلت شهرتها لأن لقبوها بـ«مملكة العسل»، حيث يعمل غالبية الأهالى فى ذلك المكان، كما أصبح أبنائهم ورثة تلك المهنة، التي تطورت منذ أربعينات القرن الماضي، وتنوعت منتجات العسل ولم يقتصر على الإنتاج للسوق المحلى فقط بل وللسوق الأوربى وتصدير النحل الحى، إلا أن هناك بعض المعوقات ظهرت مؤخراً فى مواجهة النحالين في مملكتهم.
الحاج عتمان، أحد النحالين بقرية شبشير الحصة، يقول إن أول الضربات التى تلقاها النحالين فى صناعتهم هى غلاء السكر فبعد أن كان الطن لا يتجاوز الأربع ألاف جنيه، وصل لأحد عشر ألف جنيه، وهو العنصر الأساسي والمكلف في تربية النحل، ما اضطر بعض صغار النحالين لبيع الخلايا وتغيير النشاط .
وأضاف "عتمان" «أننا كنحالين تائهون حيث إن وزارة الزراعة التي من المفترض أن تساندنا تتجاهل مطالبنا ولا تتعامل معنا»، مشيرا إلى أن أزمة السكر كانت لها تأثير كبير على النحل مما دفع كثيرا من الشباب لترك المهنة كما أن كثيرا من المربين عرضوا النحل للبيع وتعرضت كميات كثيرة من النحل للنفوق واضطر عدد كبير من النحالين لاستخدام مواد أخرى بديلة للسكر مثل المصاصات والشيكولاتة حلا لتلك المشكلة، مطالبا في الوقت نفسه بتكوين «اتحاد لمصدري النحل» خاصة أن هناك دولا كثيرة تستورد النحل من مصر، كما طالب وزير التموين بدعم السكر للنحالين مقابل دفع ضرائب.
وعلى صعيد متصل يقول رأفت بدرن، مربى نحل، إن طرود النحل الحى تصدر لعدد من الدول على رأسها السعودية والكويت والأمارات وقطر ولبنان ، وذلك لأن النحل فى تلك البلاد غير مستدام، لذلك يتم تصديره لهم فى مواسم التزهير لجمع حاجتهم واستهلاكهم من العسل وذلك لارتفاع الحرارة وقله المراعى لديهم، من هنا يأتى فرق السعر بين العسل المصرى والسعودى، لافتا «اعتمدنا على تلك الطريقة فى كسب ما ننفقه وأخراج هامش ربح لتيسير تجارتنا».
وأضاف "بدران" أنه على الرغم من أن تلك المهنة تدر عائدا ضخما على الدولة، إلا أن شركات الشحن تعرض المربين للخسارة، مضيفا في غضب «صينية "الصاج" كنا نحمل عليها 24 طبلية، منذ 7 سنوات ، أى نحو 432 خلية نحل مع مراعاة مسافات التهوئة بينهما كى لا ينفق النحل ، لكن الأن يحملونها على أنها بضاعة عادية ترص بدون تهوية، كما رفعوا سعر الطرد الواحد للضعف، كما أنهم يذكرون فى التعاقد أنهم غير مسئولين عن التلفيات التى تحدث للطرود».
وتابع أن الصناعة لا تتوقف فقط على العسل، وإنما يستخرج من الخلية حبوب اللقاح التي تعد من المنتجات الأساسية التى تحتوى على مواد بروتينية يعيش عليها النحل وتجمع بأدوات خاصة، ليجرى تجفيفها وتعبئتها وتسويقها، لتفيد الإنسان بقدر كبير من الفيتامينات والحديد والأملاح المعدنية وتعتبر علاج مهم لمرضى الكبد ومقوى عام".
ولفت مربي النجل أن من بين المنتجات غذاء الملكات وهو عبارة عن مادة كريمية ينتجها النحل من غدد خاصة ويستخدمها الرياضيين كمقوي عام ولتقوية ذاكرة الأطفال، أما البروبلس فهو يعتبر مضاد حيوىًا طبيعيًا يعالج جميع أمراض المعدة والجروح والحساسية بكافة أنواعها، والشمع المعالج للجيوب الأنفية والتهابات اللثة، وسم النحلة الذي يستخدم في صناعة مستحضرات تجميل البشرة.
وخلال جولة «أهل مصر» بقرية شبشير وجدنا فى المناحل عدد من الشباب صغار السن واستوقفنا «على»، ذو السادسة عشر عام، ذلك الشاب النحيل الجسد أسمر البشرة، يجلس على مقعد أمام المنحل يقول : «توارثت تلك المهنة عن أبى وجدى، فقريتى تنعدم فيها نسبة البطالة وذلك لان خريجى الجامعة أما يعملون بالمناحل أو منهم من يقترض ويبدء فى عمله الخاص».
وتابع قائلاً: «مواعيد عملى تبدأ يومياً من 8 صباحاً وحتى الخامسة مساءاً، وعملى عبارة عن الكشف على النحل، وتابع «نشوف محتاج أيه ونطلع براويز العذارى وبنعبيهم نحل، إلا أننا دائما ما نتعرض للدغ، فبعض الأحيان نرتدى ماسكات، إلا اننا تعودنا على اللدغ، فعملنا ممتع إلى حد كبير».
نقلا عن العدد الورقي.