شفاه من ذهب.."هشام نادي" أقعده الشلل.. وانطلق بعبقريته في تأليف وكتابة التاريخ بـ"شفتيه" بالفيوم

«هشام نادي» في سن الـ19 من عمره تعرض لحادث صعق بالكهرباء وسقط من أعلى ارتفاع مبنى 6 أمتار ، أثناء عمله الخاص بعد انتهاء اليوم الدراسي بكلية الخدمة الأجتماعية، وذلك لهوايته في مجال الموسيقى والـ"دي جي" كمنظم حفلات، أدى إلى إصابته بشلل رباعي في جميع أنحاء جسده عدا عضلات الوجه، جعله يستخدم أجهزة كثيرة اصطناعية بشكل دائم، ليبقى على قيد الحياة.

الشاب الفيومي يعمل من سريره، في مجال البحث في التاريخ وتأليف وتدوين حلقات في التاريخ على اليوتيوب وأخرى في برامج منذ عدة سنوات، ليعلن عن كتابة المنتظر والذي يحمل اسم «رسائل من التاريخ»، وأطلق على نفسه على بيدجه الخاص بـ"فيس بوك " سليل الفراعنة".

فشلت الإعاقة في سجن «هشام»، ابن الفيوم داخل جسده فكسر كل القيود وطلق العنان لأحلامعه وطموحاته وموهبته، وهو يرى أنه بالإصرار والعزيمة والمثابرة والتحدي والتوكل على الله يمكن للإنسان أن يحقق ما يصبو إليه، قائلا بصوته الهادي «رسالتي للجميع هي أن على الإنسان أن يستغل وقته، وصحته، ليكون منتجا قبل فوات الأوان».

داخل غرفة مجهزة ومهيئة لا يطفئ بها التكييف صيفا شتاء وسريرا مريحا وكرسيا متحركا، وضعت شاشة حاسوب قربه، وأمام شفتيه فأرة صُمّمت خصيصا لحالته، حيث يغوص نحو قرابة الـ “18 ساعة يومياً” في ذاك العالم الافتراضي، عالم الإنترنت والتواصل والبحث والمعرفة، مستخدما لسانه وشفتيه فقط.

الشاب المعجزة أوضح انه تحدى التحدي بعد معاناته كثيرا لمدة 5 سنوات وأكثر من شدة الألم والعمليات، والوحدة ولم يكن يزوره أحدا من أصدقاءه، نظرا لانشغالهم في دراستهم أو سفرهم، ومن ألهته الحياه بالزواج والمسئوليات، لافتا أنه قرر استخدام حسابه على الفيس بوك مرة أخرى لاستبدال أصدقائه القدامى بآخرين جدد، شجعوه على القراءة.

صمم "سليل الفراعنة " كما يحب أن ينادى تطبيقات كثيرة أبرزها كل ما يخص التاريخ المصري وخاصة الفرعوني - كي يسترجع منها كل ما يحتاجه في عالم التاريخ، وأيضا مكتبة لصناعة مادته المعدة والتي يطلق عليها " حصة تاريخ" على اليوتيوب ، وبرامج أخرى لصناعة الفوتشوب وإعداد الفيديوهات وتسجيلها، يستخدم لتصنيع تطبيقات ورسومات ثلاثية الأبعاد- وتطبيق لتعليم التاريخ، وبرنامج خاص لمؤثرات الفيديو، وألعاب ثنائية وثلاثية الأبعاد، إضافة للوحة مفاتيح فعلية للكتابة باستخدام فأرة الحاسوب.

ويوضح " هشام" -الموجود حاليا في مدينة سنورس- أنه اضطر أيضا ليعكس طريقة تفكير عقله في تحريك الفأرة, وأضاف أنه «عندما وضعوا الفأرة أمام فمي باتجاهها الطبيعي، أصبح الجزء غير الفعال منها هو الأقرب إلى فمي فاضطررت لقلبها».

ويلفت إلى أنه يمتلك الكثير من المشاريع التي يرغب بتنفيذها في المستقبل وفق جدول زمني محدد، مشيرا إلى أن ما ينقصه قليل من الوقت، بعيدا عن شغفه لاستكمال دراسته في تمهيدي وماجستير حتى الدكتوراه، بعد حصوله على بكالوريوس خدمة اجتماعية بجامعة الفيوم، إلا أنه وجد موانع تعجيزية، خاصة من الجامعة التي لم ترع حالته أو تشجعه على تحقيق طموحه، معلقين الأمر على ضرورة توفير 5 طلاب على الأقل ليتولى أستاذ جامعي الدراسه ومشروعاتهم.

وضع " هشام " الصحي حرمه من أن يتزوج على الرغم تخطيه حاجز الثلاثين عاما ، وخاصة أنه الأبن الوحيد لأبويه وشقيقاته 3 فتيات في مجالات مختلفة وذات تعليم عالي، نظرا لتشجيعه لهم، لكي يرى نفسه فيهم ويحقق أماله بهم " وأبويه ”، يقفان دائما بجواره في أي مقابلة فخورين به، وموصلين صوته الهامس لمن حوله، ما يجعل " هشام" يعتبرهم جوهرته ، وملاكا أرسلهم الله إليه من السماء.

وبالرغم من سنوات الألم والمعاناة طوال سنوات في غرف العمليات داخل المستشفيات ، لا تغيب جمل الحمد عن لسان " سليل الفراعنة"، الذي يعتبر نفسه يعيش بنعمة كبيرة، بين أسرته الصغيرة التي لا تمل منه أبدا ، مردداً «طالما أنا على قيد الحياة، فأنا بنعمة عظيمة جدا، وطالما أن عقلي سليم فهذه نعمة أكبر من أي نعمة أخر».

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً