أكد الدكتور محمد مجاهد، نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفنى، أنه غير راضي عن واقع التعليم الفنى الحالي، موضحا أن وضعنا العالمي فى التعليم الفنى غير متميز، وأنه يحتاج للعديد من الآليات والوسائل التى ترفع من شأن التعليم الفنى وتطويره، مشيرًا أن القيادة السياسية تولى اهتماما بالغا بالتعليم الفنى وتطويره الفترة المقبلة حتى يكون قاطرة التنمية للبلد.
وكشف نائب الوزير للتعليم الفنى ،فى حواره لـ «أهل مصر»، أن ثروة مصر الحقيقة فى عقول ابناءها، موضحا أن خطته تتمثل فى التركيز على القضاء على مسألة الحفظ والتلقين وأن يكون الامتحان هو المعيار الحقيقى للحصول على الشهادة ،وسيتم الاعتماد على اكساب الطلاب المهارات التى تؤهلهم لسوق العمل لما نفقتده فى الوقت الحالى من عمالة فنية ماهرة ..فإلى نص الحــــوار:
*فى البداية ..ما مدى رضائك عن واقع التعليم الفنى الحالي؟
الحقيقة لا استطع القول بأننى راض، ولكن وضعنا العالمي في التعليم الفنى ليس متميزا على العالم وهناك دراسات اجراها البنك الدولى لمدة سنوات علي تقييم مستوى التعليم الفني بالنسبة لبعض الدول بمنطقة الشرق الأوسط بالمقارنة بدول فى جنوب شرق اسيا ومقارنة بدول فى أوربا كايرلندا أظهر ترتيب مصر على العالم في مركز متأخر .
*ما هى تكليفات الحكومة فيما يتعلق بالتعليم الفنى؟
التكليفات تدور حول رفع شأن التعليم الفنى وتغيير النظرة المجتمعية له، وبالتالى نحن بناء على ذلك سنبدأ التنفيذ مباشرة فى مسألة التركيز على اكساب الطالب مهارات سوق العمل وربطها بمستقبله فى التوظيف، فلا يمكن لطالب التعليم الفني أن يقرأ كتاب ويحفظه ويمتحن وينجح فيه و لكنه يفشل أمام أول امتحان عملي في الصناعة، وبالتالى سنركز على المهارات وهذه نقطة أساسية، لأنه لو الطالب مفتقد لهذه المهارات فلن يجد فرصة عمل،وبالتالى ستظل الصورة الذهنية صورة سيئة وهذا ما نركز عليه .
* ماذا عن رؤيتك وخطتك المستقبلية لتطوير التعليم الفنى؟
لا استطع القول بشىء تفصيلي حاليا ولكن خطة الحكومة بها محاور كبيرة جدا منها مسألة الجودة و لدينا 800 مدرسة، والمدارس المعتمدة فى الجودة عددها قليل جدا جدا، وبالتالى سنحاول خلال الفترة المقبلة زيادة تأهيل مدارس التعليم الفنى للجودة والاعتماد لتصبح 200 مدرسة مستعدة للجودة، وستجرى دراسة ذاتية بكل مدرسة استعدادا لتأهيلها للجودة، لأنه من المهم أن تقييم المدارس نفسها ولابد من كتابة الحقيقة ولكن الكلام الشفهى لم يجد بشىء.
*هل ترى أن الدولة تلقى اهتماما بالتعليم الفنى مساويا للتعليم العام أم لا؟
بالطبع ..الرئيس عبد الفتاح السيسى والدولة جميعا تهتم اهتماما بالغا بالتعليم الفنى لأنه قاطرة التنمية الحقيقية للنمو الاقتصادى، وهناك توقعات بأن تشهد مصر نموا اقتصاديا كبيرا خلال العقود القادمة ..وخطة الدولة لم تتوقف على إنشاء المدارس فقط خلال الفترة القادمة ولكن التعليم العالى تبذل مجهود أيضاً فى إنشاء جامعات تكنولوجية تعطى لطالب التعليم الفني بكالوريوس تكنولوجيا ، وسيكون مدعم كل ذلك بالصناعات والخدمات، وبالتالى طلاب التعليم الفني هيلاقوا شغل قبل طلاب التعليم العام.. لا يمكن أن نكون مواردنا البشرية دكاترة ومهندسين فقط .
والتعليم الفني هو الذي رفع الناتج المحلي في الدول الصناعية مثل كوريا وفيتنام وسنغافورة والصين، حيث تعتمد صناعتها بالكامل علي الفنيين و التكنولوجيين كذلك الدول الأوروبية القريبة منا مثل ألمانيا وايطاليا..وبالتالي لابد من التركيز على إكساب الطالب المهارات والقدرات بدلا من الحفظ والتلقين.. أيضا هناك خطة لتدريب المعلمين على أسلوب التدريب علي المهارات والقدرات، وهناك نماذج بين المعلمين المصريين مستواهم أفضل من نظيراتها الأوربية خاصة في المجمعات التكنولوجية .
*ما المشاكل التى رصدتها فى واقع التعليم الفنى بالنسبة للطالب والمعلم؟
بالنسبة لمشاكل الطالب هو الاعتماد على الحفظ والتلقين وحفظ الكتاب ودراسته والامتحان فيه، وهذا الأسلوب لم يعد مناسبا، وبالتالى فمسألة الحفظ والتلقين سنقضي عليها وهذه خطة وزير التعليم د.طارق شوقى، بحيث سيتم التركيز على المهارات والقدرات المرتبطة بالصناعة وهنحاول التوسع فى فكرة الاستعانة بخبراء من الصناعة والتعليم الفنى يقوموا بالتقييم المستقل للطالب بحيث لايكون المدرس هو المقيم وهو الممتحن فى وقت واحد، هذا هو الأسلوب العلمى .
وبالنسبة للمعلمين فهم فى حاجة إلى مزيد من التدريب وسننظر فى المعامل والورش المتواجدة بالمدارس لان معظم المهارات فى التعليم الفنى والصناعى يحتاج لاكساب الطالب المهارات ، وسيتم تزويد المعامل بما هو ناقص ومتعطل منها فليس هناك معنى أن يحفظ الطالب الكتاب وعندما يتخرج يجد واقع سوق العمل مغايرا لما حفظه ودرسه.
* ولكن هل ترى أن مشاكل التعليم الفنى يمكن أن تحل بإنشاء كيان مستقل له "وزارة للتعليم الفنى "مثلا ؟
هذا الكلام اتيح فى السنوات الاولى لعام 2011 ، وانشأ هيئة مستقلة للتعليم الفنى وهذا موجود فى بعض الدول، لكني أرى أنه فى المرحلة الحالية تم الاستقرار على قطاع التعليم الفنى وتم استبدالها بنائب للتعليم الفنى ووجود حد مسئول عن التعليم الفنى هذا شىء ايجابي والهدف من الهيئة هو توحيد جهود الوزارات المختلفة المسئولة عن التعليم الفنى ولها بصمة فى التعليم الفنى كوزارة الصناعة والقوى العاملة والسياحة والصحة وموجود مجلس أعلى للتنسيق بين الوزارات.
*خطة الوزارة للتطوير هو ربط التعليم بالتكنولوجيا.. كيف سيتم تطبيق ذلك فى المدارس الفنية وربطها ببنك المعرفة؟
بنك المعرفة طبعا فيه ثروة معلومات تفتح عقول الطالب على العالم كله، وبالتالى ندرس قبل ما يلتحق الطالب بمرحلة التعليم الثانوى أن يكون عنده خلفية بالمهن المختلفة فى العالم كله، وبالتالى هيكون لدى الطالب اتجاهات كثيرة عن التعليم الفنى بحيث حينما يلتحق به يستطيع الطلاب العمل مع بعضهم فى مجموعات، وهذا ما يهمنى ..والأجيال الحالية لديها وسائل تعلم ومصادر تعلم كثيرة جدا عن الاجيال الماضية كالموبايل والكمبيوتر والتابلت ،وبالتالى هذه ثروة معلوماتية لابد من الاستفادة منها فى توجيه الطالب ناحية المهن الجديدة والمهن التى ستنقرض فى السنوات القادمة والمهن المستحدثة ،لذا نحن فى حاجة لتعريف شبابنا بها لانه سيكون وسيلة غير مباشرة لاقبال الطلاب للالتحاق بالتعليم الفنى .. وهناك توجه لدعم منظومة التكنولوجية داخل المدارس خلال الفترة المقبلة.
*كيف يمكن تغيير طرق التقويم والامتحانات في المدارس الفنية ؟
عندما أحول التعليم الفني من الحفظ إلى تعليم المهارات و الجدارات وهذا يتطلب فصل المعلم العملي الذي يقدم المنهج عن من يمتحن الطالب سواء عن طريق استقدام خبراء من الصناعة ليقوموا بالامتحان مثل دول أوروبا أو تبديل المعلمين بين المحافظات المختلفة، فمثلا النظام في المدارس التكنولوجية المتقدمة الحالية هو أن يقوم رجال الصناعة بامتحان الطلاب باعتبارهم الجهة التي ستقوم بتعيين الطلاب في المصانع وغيرها.
أيضا لابد من تغيير نظرة المجتمع للتعليم الفني وكذلك ثقافة المجتمع وعشقه للدرجة الجامعية، بمعني انني ساقضي علي مفهوم الحصول علي الدرجة في التعليم حتي استطيع الالتحاق بالجامعة أو العمل والتخرج ..ولكن سيكون تأهيل الطالب وفقا لسوق العمل كعمالة مدربة ماهرة هو الاهم لدي.
*ما دور الصناعة فى تطوير منظومة التعليم الفنى؟
سيكون هناك شراكة مع الصناعة فى انشاء مدارس ليست تعليم مزدوج وإنما مدارس ترعاها الصناعة بنظام تعليمى متقدم يعتمد على بناء القدرات وتدريب الطالب داخل الصناعة أو المصنع ولدينا عددا من المبادرات مع رجال الصناعة الجاديين جدا لتوقيع برتوكولات وانشاء مدارس لتخريج كوادر فنية يتدربون فى المصنع ويتعلمون تعليم فنى حسب البرامج التعليمية المتقدمة ..وهناك شركات مع قطاع الصناعة واتوقع قريبا جدا أن يكون هناك العديد من الشركات مع رجال الصناعة بدل 5 بروتوكولات ستكون 20 بروتوكولا ، واتوقع ونأمل ان العام المقبل ان نعمل هذا النوع من تعليم التكنولوجية التطبيقية .
*هل ستتجه الوزارة خلال الفترة المقبلة لزيادة انشاء المجمعات التكنولوجية أم سيتم زيادة عدد المدارس الفنية؟
لدينا ٨٠٠ مدرسة فنية ..وبالطبع نحن في حاجة لإنشاء مدارس تعليم فني جديدة وهذه خطة تتولاها هيئة الأبنية التعليمية وسأقوم بدراسة هذا الملف جيدا ولكن لا استطع أن أعطي رقم جزافي أو تقريبي لما نحتاجه من مدارس جديدة ، ولكن أهم ما يضمن وجود نقلة في التعليم الفني خلال الفترة القادمة وجود المبادرات الجديدة بين رجال الصناعة في إنشاء مدارس فنية تسمي مدارس التكنولوجيه التطبيقية، والتي تعتمد بالكامل على إكساب القدارات العملية للطلاب، ولدي خطة لتحويل 100 مدرسة فنية من أصل 800 مدرسة لهذا النظام الجديد ..أما بالنسبة لإنشاء مجمعات تكنولوجية جديدة فانشاءها كانت بهدف انشاء نماذج تعليمية وتشغيلها، ولكن ربما يكون تكرارها في المحافظات المكدسة والمزدحمة بالسكان "أمر صعب".
* بعض أصحاب المدارس الخاصة يفكرون في إنشاء مدارس خاصة للتعليم الفنى ..هل عرض على ذلك هذا الأمر؟
هناك بالفعل بعض الطلبات المقدمة من أصحاب مدارس التعليم الخاص لانشاء مدارس فنية خاصة ولكن سيتم دراسة الأمر جيدا قبل اتخاذ قرار .
*ماذا ستفعل لتغيير نظرة المجتمع السلبية للتعليم الفنى؟
وسائل وآليات كثيرة لابد أن تجرى لتغيير نظرة المجتمع للتعليم الفنى والحاق ابناءهم به، منها أن يتم تأهيل الطلاب جيدا وتخريجهم عمالا ماهرين يتوافقون مع سوق العمل، ومادام هناك تغيرات فى المنظومة التعليمية ستجرى، فسوف تتواجد فرص العمل عقب التخرج، هذا فى حد ذاته كفيل بتغيير نظرة المجتمع مباشرة، لأن الطالب يحتاج بعد التخرج لبناء حياته، وأيضا هناك مبادرات جدية من وزارة التعليم العالى لفتح مسارات جديدة وكليات تكنولوجية أمام طلاب التعليم الفنى لتشجيع الطلاب على استكمال دراسته فى الجامعة ويعمل فى وقت واحد ، يكون موجود ويلتحق بالكليات التكنولوجية التى ستفتح جديدا لهم ، بحيث لم تكن الدرجة الجامعية قاصرة على التعليم العام فقط ، ولكن من الممكن ان يلتحق الطالب بالتعليم الفنى ثم بالكليات التكنولوجية المتخصصة ويمتحن بها ويحصل على درجة جامعية ، وهذا ليس اختراع مصري وانما موجود فى الصين وجنوب شرق اسيا وبعض دول أوروبا.
*هل ترى أن معلمى التعليم الفنى مظلومين من الناحية المادية؟
أشعر من واقع خبراتى ان دخلهم المادى قليلا، ولا يكفى احتياجاتهم المعيشية، وبالتالى المعلم يضطر للعمل بجانب مهنة التعليم فى مهن أخرى وبالتالى فلم يركز فى مهنة التعليم، لذا تدرس الوزارة حاليا من خلال د.محمد عمر نائب وزير التعليم لشئون المعلمين موضوع زيادة أجور المعلمين ..وما رأيته فى الدول الاخرى كإيطاليا وألمانيا مختلف تماما ، ورواتبهم أعلى بكثير من رواتب المعلمين الفنيين المصريين وطبعا الأمور فى تلك الدول مختلفة تماما عن مصر، وهذا يرجع لعدة أمور تتعلق بالميزانيات المتوفرة فى تلك الدول والناتج المحلى واقتصاد تلك البلاد..الخ .. وهذا طبعا يمثل عائقا بالنسبة لنا.
نقلا عن العدد الورقي.